أبدى رجل الأعمال العراقي سعد السوداني ثقته بأن المناخ التجاري في العراق يتجه نحو الاستقرار، رغم أن التجار يعلمون في الوقت نفسه أن التدهور يمكن أن يكون سريعاً في حال ساءت الأحوال الأمنية مجدداً· وتعرض السوداني، تاجر المواد الغذائية، لخسارة قبل حوالي أربعة أشهر بلغت حوالي مليون دولار تقريباً بسبب اشتباكات وقعت في مدينة الصدر شرق بغداد، معقل التيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، بين القوات العراقية والأميركية من جهة وميليشيا جيش المهدي، الجناح العسكري للتيار الصدري، من جهة أخرى خلال مارس وابريل· وكان السوداني قام بتخزين كميات كبيرة من المنتجات التي يتولى بيعها لتوزع في عموم بغداد، في بناية كبيرة في سوق جميلة التجاري، أحد أكبر المجمعات التجارية للمواد الغذائية في بغداد، في شمال مدينة الصدر، لكن القوات الأميركية استولت على المبنى آنذاك ومنعته من دخوله· وقال السوادني خلال حضوره مؤتمراً تجارياً شارك فيه 100 رجل أعمال في بغداد: ''كنت احتفظ ببضاعتي هناك ولم يسمحوا لي بنقلها إلى مكان آخر، وخسرت نحو 850 ألف دولار''، وأضاف: ''حتى إن الجنود قاموا باستخدام سبعة آلاف علبة جبن، كساتر لحمايتهم فوق سطح المبنى'' خلال الاشتباكات· ويتطلع السوداني لتعويضٍ وعدته به وزارة الزراعة الأميركية، لكنه في الوقت ذاته يرى مثل معظم التجار العراقيين أن تحسن الأوضاع الأمنية سيخدم في تصاعد معدلات العمل التجاري· وأشار السوداني إلى أن ''العمل قد تحسن والأسواق فتحت مجدداً، والتجار العراقيون أصبحوا يتواصلون مع الشركات بشكل مباشر''، وتابع: إنه، لضرورات عمله، زار الولايات المتحدة وفرنسا والبرازيل· وتعرض العمل التجاري في العراق إلى توقف شبه كامل، بعد اجتياح البلاد في مارس 2003 وما أعقبه من أعمال عنف طائفي تسببت بمقتل المئات يومياً وهروب آخرين إلى دول الجوار· وقال صباح الموسوي أحد المشاركين في المؤتمر: ''غادرت البلاد بسبب أعمال العنف، لكن الأوضاع أكثر أمناً الآن، وسأعود إلى بغداد نهاية هذا الشهر (···) من أجل بناء بلادي''· ويعمل الموسوي في شركة لبناء الجسور والأبنية· ويرى سمير الشويلي (مستشار تجاري) أن ''المؤتمر يمثل أفضل بداية لرجال الأعمال العراقيين''، وقال: ''إنها المرة الأولى بعد ستة مؤتمرات، نتشاور في مشاريع حقيقية، قبل ذلك كان النقاش يتعلق بالإرهاب والطائفية'' فقط· ورغم استمرار وقوع انفجارات في العراق، انخفض العنف إلى أدنى معدلاته خلال السنوات الأربع الماضية مما يبعث على الأمل في صمود استقرار الأوضاع الأمنية· وعادت المحال التجارية والمطاعم والأسواق بشكل واضح إلى العمل خلال الأشهر الأخيرة· وتشهد شوارع بغداد ازدحاماً شديداً خلال ساعات المساء خصوصاً قرب المراكز التجارية وخلال أيام العطلة الأسبوعية· ورغم عدم وجود إحصاءات في العراق، لكن دراسة نشرها المركز الدولي للمشاريع الخاصة في أواخر فبراير قامت بها مجموعة أبحاث مرتبطة بغرفة التجارة الأميركية، أشارت إلى أن 45% من رجال الأعمال العراقيين يتوقعون تصاعداً في معدلات الشراء في البلاد، وأشار 13% فقط من هؤلاء إلى احتمال حصول انخفاض في معدلات الشراء في النصف الثاني من هذا العام· ويرى تقي الموسوي، أحد مستشاري الجامعة المستنصرية في بغداد، أنه إذا كان العراق منفتحاً تجارياً، فإن التحدي الذي يواجه التنمية الاقتصادية قاس، في إشارة إلى قوانين مصارف وتنظيم العمل التجاري في البلاد· وقال الموسوي: ''نسعى لبناء قاعدة جيدة لبداية فعلية، وهناك خطط بدأت، لكنها ما تزال غير كافية''، وأضاف: ''لدينا خطط استراتيجية كبيرة جداً في العراق، وهي تشمل (قطاعات) الكهرباء والنفط والمصافي، وكذلك المعامل التي تجلب منافع جيدة للبلاد''، إنما أشار إلى ضرورة حصول تغيير في ''كل شيء'' لتنفيذ هذه الخطط· وفي الواقع، مقدار محدود من ميزانية البلاد التي تعتمد على الصادرات النفطية والمبالغ المقدمة من الدعم الأميركي لإعادة الإعمار، تذهب لإعادة إعمار البنى التحتية، وفقاً لمكتب المحاسبة الحكومي الأميركي· فمن أصل 23,2 مليار دولار (مخصصة) لقطاعات الأمن والنفط والكهرباء والماء في العراق، أنفقت الحكومة العراقية 3,9 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الماضية· في غضون ذلك، قال البنك الدولي في تقرير عن الأعمال التجارية لعام ،2008 إن العراق يأتي في المرتبة 141 من 178 في العالم، من حيث سهولة إنجاز العمل التجاري· ويرى منسق العملية الانتقالية الاقتصادية في العراق في السفارة الأميركية في بغداد جارلز رايس أن ''الفساد هو أكبر مشكلة'' في طريق تطور الاقتصاد في العراق· ويقول السوداني: ''لا نسمع من الحكومة (العراقية) سوى كلمات، وعلى التاجر الاعتماد على نفسه فقط لتطوير تجارته''·