ظافر جلود (دبي) تعكف الروائية والإعلامية العراقية سمية الشيباني المقيمة في دبي حالياً ،على إصدار الرواية الثالثة التي ستحمل عنوان «هي التي رأت». وقالت الشيباني لـ (الاتحاد) إن الرواية تنتمي إلى المشروع ذاته الذي شرعت فيه من قبل، حيث المرأة العراقية التي حملت كل أوجاع بلادها ورأت كل شيء، تماهياً مع جلجامش «الذي رأى كل شيء» حسب الملحمة العراقية القديمة. وقد استخدمت الكاتبة في عملها الثالث متسعاً من الخيال قائلة: «علني أداني ما يحدث فعلاً في العراق». وتضيف: «لقد عشت رحلات وغربة طويلة بين المدن العربية منذ أن تركت مدينة الشعر وسوق عكاظ والسياب «البصرة»، فحملت معي هذا الإرث العميق من الشعر والقصة والمسرح، وأنا روائية أنتمي إلى جيل من الروائيين العراقيين الجدد الذين برزوا مع تناول هموم ومآسي سبعينيات القرن الماضي، حيث الحد الفاصل بين جيل الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، من الذين كتبوا عن «تفاصيل الحياة» أمثال غائب طعمة فرمان وفؤاد التكرلي وعبدالرحمن الربيعي وغيرهم، وبين جيل الثمانينيات وما بعدها من حروب وحصارات من الذين كتبوا عن «تفاصيل الموت». وما بين تفاصيل الحياة وتفاصيل الموت ثمة مساحة من الفن واللغة والمعالجة والصعوبة التي لا يمكن أن تقاس بمسطرة أو توضع في موقع عقلاني يمكن أن يستوعب شروط الكتابة وكلاسيكية الرؤية النقدية. من هذا المعنى أسعى لتوصيف الواقع ودون القفز على معاناته». وعن روايتيها المنشورتين تقول الشيباني: «روايتي الأولى كانت بعنوان «حارسة النخيل» وصدرت العام 2006 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وهي تشكل مفتتحاً مهماً لمرحلة التحولات الكبرى في المنطقة، خاصة تلك التي بدأت بالحرب العراقية الإيرانية وانتهت بدخول قوات صدام الكويت، ولكن البنية التحتية للسرد تتسع لتشمل العائلة والجوار وطبيعة حياة الناس في منطقة مسالمة ومتصالحة بين الكويت والبصرة، ما أنتج نوعاً من التقارب والتزاوج والتزاور، وهي القيم التي خربتها الحرب وأوجدت مكانها أحقاداً وتساؤلات ومشكلات يومية معاشة من قبل أبسط الناس، فكانت هذه «المصيبة» والأحزان منطلقاً لحبكة ودرامية رواية «حارسة النخيل». وتستطرد الشيباني بنفس اللغة والروح الموجعة، وبنفس المسعى التوثيقي: «واصلت مشروعي الروائي فأصدرت لعام 2014 روايتي الثانية «نصف للقذيفة» حيث مشاهد القتل والمفخخات والأحزمة الناسفة، فالرواية تتصدى لهذه المعايشة القاتلة في اتجاهين، الأول الانتماء الحقيقي إلى البلاد والناس، والثاني التفاعل الإنساني المفترض من الجميع، والذي يغيب عن واقعنا اليوم بما يدعو للحزن والأسف. وحكاية «نصف للقذيفة» تتلخص بانتشار الموت ولغة العنف في بلد توغل بامتياز داخل نفق مظلم حتى لم يعد هناك بصيص ضوء من القريب أو البعيد، هذه الحقيقة عالجتها عبر شخوص روايتي المفترضين والحقيقيين في آن واحد من خلال ما حدث بين سنتي 1991 ـ 2003 وما بعدها بقليل.. تلك السنوات التي شهدت أقسى فصول التنكيل بالعراق في مرحلة الحصار، ثم ما بعدها من احتلال وتدمير وتمزيق لبنية المجتمع العراقي».