منذ مؤتمري الحزب الجمهوري اللذين عقدا في عامي 2000 و2004 تغيرت أشياء كثيرة جداً بالنسبة للجمهوريين السود؛ فقد كُنت نائبة لرئيس حملة بوش الانتخابية في كونيكتيكت، وكذلك رئيسة مشاركة لجمعية الأميركيين الأفارقة من أجل بوش، ونائبة الناطق باسم اللجنة القومية للحزب الجمهوري، إضافة إلى عملي في أوساط الناخبين اللاتينيين عن الحزب الجمهوري على المستوى القومي؛ وإلى جانب عدد من الأميركيين السود، عملت في عدة لجان كلفت بإعداد الخطط والبرامج الخاصة بمؤتمري الحزب الجمهوري في كل من فيلادلفيا ونيويورك؛ وخاطبت مؤتمرين كثرين من شخصيات سوداء مرموقة مثل ''كولن باول'' و ''كوندوليزا رايس''، فضلاً عن مشاركتي الكثير من البرامج التلفزيونية المصاحبة والتي شارك المغنون والموسيقيون والممثلون السود، إلى جانب الفرق الموسيقية الكنسية التي لعبت دوراً كبيراً في تلك المناسبات· يمكن القول إجمالاً إنه كان للجمهوريين السود صوتهم بين صفوف الحزب وقادته، وإنهم كانوا يشغلون عدة مناصب قيادية أسهموا من خلالها في بناء منابر الحزب، وفي شتى مناسباته وأنشطته وبرامجه؛ والأهم من ذلك أن رأيهم كان مسموعاً في القضايا الكبرى ذات الأهمية الحيوية لأميركا كلها؛ لقد كان ''بوش'' طرازاً جديداً من الجمهوريين، بما أبداه من حرص على إظهار أن أعضاء الحزب السود هم جزء من الحزب الجمهوري الذي أنشأه الأب المؤسس ''أبراهام لنكولن''؛ ولكن كم تغير الوقت وأحوال الجمهوريين السود الآن! وإذا ما تحدثت عن نفسي بين هؤلاء، فقد تبدل حالي من مشاركة عائلة ''بوش'' الجلوس في ذات المكان العائلي المخصص لها في مناسبات الحزب، إلى الجلوس على أريكة صالون بيتي، حيث أشاهد العروض التلفزيونية لمؤتمر الحزب الجمهوري؛ وفي حالتي هذه سوف أفتقد كثيراً بالطبع صيحات الحماس والإثارة السياسية التي تنطلق من تلك المؤتمرات، بقدر ما سأشتاق للتحدث إلى الرئيس وعائلته، وغيرهم من الكثيرين الذين يبدون اهتماماً بكل ما يمس حياة الأميركيين السود؛ وسواء كان الحزب الجمهوري صادقاً أم متظاهراً حينها بمشاركة أعضائه السود بين قياداته، فمما لا شك فيه أن هناك جهداً كان يبذله الحزب فيما مضى لتأكيد حرصـــه على هذه المشاركة· أما في مؤتمر الحزب لهذا العام، فليس هناك سوى متحدث أســود واحــــد هــو ''مايكل ستيــل'' -حاكم ولاية ميريلاند سابقاً- وهو شخصية أعرفها وأحبها كثيراً، فهو مستشار سياسي للمرشح ''جون ماكين''، ولكن السؤال: هل سيطل علينا وجهه عبر البرامج التلفزيونية الرئيسية التي ينظمها الحزب ضمن حملته الانتخابية؟ تجدر الإشارة إلى أن الخبراء السياسيين السود المشاركين في مؤتمر الحزب الجمهوري لهذا العام، يمارسون ضغوطاً كبيرة من أجل أن تتاح لهم فرصة التعليق السلبي على المرشح الديمقراطي ''باراك أوباما''؛ على سبيل المثال، فقد اشترت ''الجمعية القومية للجمهوريين السود'' 50 لافتة إعلانية في دنفر تحمل عبارة ''كان مارتن لوثر كنج جمهورياً··· وأوباما أبعد ما يكون عنه''· وهذه هي الحقيقة التي أكدتها ''ألفيدا كنج'' -ابنة أخ مارتن لوثر كنج- في عرض مصور بالفيديو مدته ثلاث دقائق فقط؛ وعلى رغم عدم علمــي بالفتـــرة الزمنيــــة التي كانــت تتحدث فيها، إلا أنها أشارت إلينا نحن الأميركيين السود بعبارة ''الزنوج''· وفي اعتقادي الشخصي أن استغلال التركة السياسية القيادية لـ''مارتن لوثر كنج'' قائد حركة الحقوق المدنية، بهدف تفريق الصفوف وتحقيق النصر مثلما يفعل ''باراك أوباما''، ليس تكتيكاً مجدياً بأي حال؛ وعلى الأميركيين السود الذين يتظاهرون الآن بأنهم مشاركون حقيقيون في مؤتمر الحزب الجمهوري للعام الحالي، أن يتساءلوا عن أسباب تقاعس اللجنة القومية للحزب، أو لجنة الكونجرس القومية الجمهورية، أو حتى لجنة الحزب المحلية في ولاية جورجيا، عن دعم المرشحة الطبيبة السوداء ''ديبورا هونيكت'' من أجل تحقيق الفوز ونيل عضوية مجلس النواب في دائرة انتخابات الكونجرس رقم 13 بولاية جورجيا· فوفقاً لمعلومات لجنة الانتخابات الفيدرالية، جمعت ''ديبورا'' مبلغاً يزيد على 5 ملايين دولار منذ عام 2007 على أمل التفوق على منافسها الجمهوري الأبيض ديفيد ألبرت، الذي لم يجمع خلال المدة نفسها سوى ما يقارب الـ700 ألف دولار فحسب؛ سألت من ناحيتي ''مايكــل ميرفي'' -مدير حملة ديبورا- عما إذا بادر أي من كبار القادة الجمهوريين من أمثال ''جون ماكين'' أو أي من مسؤولي الحزب في ولاية جورجيا إلى مد يد العون لها، فأجابني بقوله ''كلا'' فبادرته بالسؤال: ولماذا؟ فأجاب: لست أدري· ولعل هؤلاء القادة يغيرون رأيهم وموقفهم منها حين يرونها في مؤتمر الحزب في دنفر· وعلى رغم تأييدي القوي لـ''باراك أوباما'' إلا إن في الحزب الجمهوري من القيم الكثيرة التي لا تزال عزيزة جداً عليّ؛ يلاحظ أن الموقع الإلكتروني لحملة ''ماكين'' يحمل قائمة لعدد من السود، إلى جانب عدد آخر ممثل للأقليات ضمن مساعي وصول الحملة إلى هذه الفئات الناخبة، إلا إنه يجب القول إن هذه المساعي لا تزيد عن كونها ضمنية ورمزية؛ وبمناسبة انعقاد مؤتمر الحزب للعام الحالي، فإن على الأميركيين السود أن يفيقوا؛ فإذا كنا نعتزم تأييد ''أوباما''، فلنفعل ذلك علناً وليس في الخفاء، أما إن قررنا الوقوف وراء ''ماكين''، فإن علينا مواجهة حزبنا الذي يتعامل معنا وكأن لا وجود لنا البتة· يفوني آر· ديفيز ناشطة جمهورية سوداء ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست