أحمد محمد(القاهرة) - «الحسيب» من أسماء الله الحسنى، معناه أنه يحاسب العبد على خفايا نواياه، وعلى أعماله الظاهرة، هو كافي المتوكلين، رفيع الشأن يعلم ويرزق ويكفي، يحفظ الأعمال، ثم يجازي عليها بحسب حكمته وعلمه، العليم الذي قدر أرزاق الخلائق قبل خلقهم ووعد باستكمال العباد لأرزاقهم وضمن ألا تنفد، يحصي أعداد المخلوقات وهيئاتهم، ويضبط مقاديرهم وخصائصهم، لا تخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة. فالله سبحانه من فوق عرشه حسيب باسمه وبصفته، له الكمال المطلق في محاسبته لخلقه، وفي علو شأنه، عظيم العطاء، يعطي فيكفي مؤونة الدنيا والآخرة، ويكفي كل الهم مهما ضاقت السبل ومهما أحكمت الحلقات. ورد هذا الاسم في القرآن الكريم ثلاث مرات في قول الله تعالى: (...فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى باللّه حسيبا)، «النساء: الآية 6»، وفي قوله: (الذين يبلغون رسالات اللَّه ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا اللَّه وكفى باللَّه حسيبا)، «الأحزاب: الآية 39»، وقوله: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أَو ردوها إن اللّه كان على كل ـشيء حـسيبا)، «النسـاء: الآية 86». العليم بعباده وذكر الحليمي، معنى الحسيب المدرك للأجزاء والمقادير، حسيب من غير أن يحسب، يدرك هذه الأجزاء ومقاديرها لا يحتاج إلى أن يحسب أو يجند ملائكته لكي يحسبوا. وقال الشيخ السعدي والحسيب بمعنى العليم بعباده الذي كفى المتوكلين عليه، المجازي بالخير والشر بحسب حكمته وعلمه بدقيق أعمالهم وجليلها، الرقيب الحاسب لعباده، المتولي جزاءهم بالعدل وبالفضل، وبمعنى الكافي عبده همومه وغمومه، وأخص من ذلك أنه الحسيب للمتوكلين، «ومن يتوكل على اللَّه فهو حسبه»، أي كافيه أمور دينه ودنياه، وهو الذي يحفظ أعمال عباده من خير وشر، ويحاسبهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر. وقال الخطابي، الحسيب هو المكافئ وبمعنى المحاسب، وقال أبو حامد الغزالي: الحسيب هو الكافي، وهو الذي من كان له كان حسبه، إذا كان الله لك فهو حسبك. وقال ابن القيم، وهو الحسيب كفاية وحماية والله كافي العبد كل أوان، وكفايته عامة وخاصة، فالعامة للعباد جميع ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم من حصول المنافع ودفع المضار، والخاصة كفايته لعبده التقي المتوكل عليه كفاية يصلح بها دينه ودنياه ومن ذلك قوله تعالى: (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين)، «الأنفال: الآية 64»، ويحسب ما يقوم به العبد من متابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ظاهراً وباطناً وقيامه بعبودية الله تعالى تكون الكفاية والعزة والنصرة. وكلام العلماء في معنى اسم الله «الحسيب» يدور على أربعة معان هي الحفظ والكفاية والشهادة والمحاسبة، وما تستلزمه هذه الصفات من العلم الكامل. هموم وغموم والحسيب بمعنى الرقيب المحاسب لعباده المتولي جزاءهم بالعدل وبالفضل، وهو الذي يحفظ أعمالهم من خير وشر، ثم يحاسبهم عليها ويجازيهم بها، وبمعنى الكفاية، فالله هو الكافي عباده همومهم وغمومهم، وكفايته لعباده عامة وخاصة، فأما العامة، فهي التي تقتضي آثارها من الرزق والإمداد بالنعم، وتكون لجميع الخلائق، وأما الخاصة فهي للمؤمنين به، المتوكلين عليه، قال تعالى: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، «الطلاق: الآية 3»، أي يكفيه أمور دينه ودنياه. وقالوا الحسيب بمعنى السيد الذي عليه الاعتماد وعلى هذا يكون ليس في الوجود حسيب سواه، هو القوي القادر على كل شيئ وفي نفس الوقت لطيف بعباده يلطف بهم ويعطيهم ما يريدون وفق حكمته. وقالوا الحسيب هو الكريم العظيم المجيد الذي له علو الشأن ومعاني الكمال، الذي يحصي أعداد المخلوقات وهيئاتها وما يميزها ويضبط مقاديرها، وكل شيئ محسوب عنده بهذه الدقة وأعطى كل شيئ رزقه وأحصى أعمال المكلفين وأرزاقهم وأسبابهم وأفعالهم ومآلهم وحسابه واقع لا محالة لا يشغله حساب واحد عن الآخر، ولا يشغله سمع عن سمع، والكل سيحاسب بدقة عن كل صغيرة وكبيرة قال جل في علاه: (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن اللَّه سريع الحساب)، «غافر: الآية 17».