الكويت (رويترز) - قال محللون إن مسار بورصة الكويت خلال الأيام المقبلة سيتحدد بناء على التطورات السياسية، لاسيما تداعيات الحكم القضائي الصادر ضد المعارض السياسي البارز مسلم البراك، جنبا إلى جنب مع حركة المضاربة ونتائج الشركات والبنوك للربع الأول من 2013. وقضت محكمة أول درجة الإثنين الماضي بسجن البراك خمس سنوات مع الشغل والنفاذ بتهمة المساس بالذات الأميرية، وهو ما أعاد بعض الزخم للحراك السياسي الذي انطلق في أكتوبر الماضي في مواجهة السلطة. وتجاهل المؤشر الرئيسي لبورصة الكويت خلال الأيام الماضية قضية البراك وواصل ارتفاعه المعتاد الذي بدأ مع بداية العام، بل إنه حقق في يوم الحكم على البراك مستوى تاريخيا وتجاوز حاجز سبعة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ 30 شهراً. هذا الارتفاع التاريخي أثار تكهنات بتدخل حكومي من خلال المحفظة الوطنية المملوكة للهيئة العامة للاستثمار التي تمثل الصندوق السيادي لدولة الكويت من أجل إقالة البورصة من عثرتها. وكان المؤشر الرئيسي هبط 1.3% خلال دقائق معدودة من صدور الحكم على البراك، ولكن سرعان ما عوض خسائره وصعد بشكل وصف بالمبالغ فيه من دون أن تكون هناك أسباب مفهومة لهذا الارتفاع. وارتفع مؤشر كويت 15 خلال معاملات أمس بنسبة 0.46% ليغلق عند 1065.12 نقطة. وقال مهند المسباح نائب المدير التنفيذي في شركة مرابحات الاستثمارية لـ «رويترز» إن “البورصة خاضعة للمزاج السياسي، فالحكومة ترغب في تجنب أية عوامل يمكن أن تثير المواطنين خلال الفترة الحالية ومنها تطورات البورصة التي تمس مصالح شرائح كبيرة منهم”. وبنهاية مارس الماضي بلغ عدد حسابات التداول النشطة للمتداولين الكويتيين 14.9 ألف حساب بينما بلغ عدد الحسابات غير النشطة 212.4 ألف، بحسب بيانات البورصة الرسمية على موقعها الإلكتروني. ويبلغ عدد المواطنين الكويتيين 1.2 مليون مواطن وهو ما يعني أن إجمالي الحسابات في البورصة سواء كانت نشطة أو غير نشطة تبلغ 19% إلى إجمالي عدد المواطنين. وذكر المسباح أن هناك رغبة حكومية واضحة لإعادة المواطنين للتداول في البورصة التي “تسير في دمهم أصلا”. لكن مثنى المكتوم نائب مدير الصناديق الاستثمارية في شركة الاستثمارات الوطنية، قال إن البورصة “امتصت” الحدث السياسي الأبرز في قضية البراك وهو لحظة صدور الحكم القضائي وواصلت ارتفاعها الذي يعود “لأسباب فنية بحتة” على حد وصفه. وتوقع المكتوم أن تستمر السوق في اتجاهها الصاعد دون اكتراث كبير بالتطورات السياسية التي سيكون تأثيرها ضعيفا على البورصة. وأكد المكتوم أنه من الصعب الجزم بتدخل أو عدم تدخل المحفظة الوطنية في التداولات، لكنه قال إن الأسهم القيادية المقيدة في مؤشر كويت 15 التي تستهدفها عادة المحفظة الوطنية ليست هي الأسهم الأكثر تداولا. واعتبر المكتوم أن تدخل المحفظة الوطنية كان مؤقتا ثم تركت السوق لتسير “بوقودها الذاتي”. وقال محمد الهاجري رئيس فريق دريال للتحليل الفني إن “الاندفاع الذي نشاهده الآن في البورصة هو حكومي لأسباب حكومية”. وتلعب المضاربات دورا حاسما في تداولات بورصة الكويت التي ارتفع مؤشرها الرئيسي نحو 19% منذ بداية العام، دون أن تكون هناك أسباب موضوعية لذلك سواء من نتائج الشركات المدرجة أو في البيئة الاقتصادية المحيطة. وتركزت الارتفاعات منذ بداية العام على الأسهم الصغيرة الواقعة دون سقف المئة فلس، التي تعاني شركاتها من العديد من الأزمات والتي كان كثير منها يوصف في السابق بالأسهم الورقية. وأكد المسباح أن هناك طفرة تقنية في عمل المضاربين الذين أصبحوا يعتمدون على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي في تنظيم تحركاتهم وفي دفع المتداولين الآخرين في اتجاهات معينة. وتوقع المكتوم أن يستمر ارتفاع السوق حتى منتصف الربع الثاني ثم تبدأ بعد ذلك بموجة تصحيحية لن تكون كبيرة وشاملة كما حدث في السنوات الماضية، وإنما أقل حدة نظرا لتزايد السيولة في بورصة الكويت. وأضاف المكتوم أن توجهات المضاربة اختلفت حاليا عن الفترات السابقة وأصبحت تشمل عددا أكبر من الأسهم، كما أن المعدلات التي تتحرك فيها الأسهم صعودا وهبوطا لم تعد كبيرة كما كانت من قبل. ويترقب كثير من المتداولين نتائج الشركات عن الربع الأول من 2013 مع توقعات بتحسن هذه النتائج مقارنة بالعام الماضي بسبب ارتفاع قيم الأصول المدرجة في البورصة منذ بداية 2013. وخلال الأسبوع الماضي ارتفعت معنويات المتداولين بعد إعلان أرباح بنك بوبيان الإسلامي التي ارتفعت 25%، وأرباح البنك الأهلي المتحد الكويتي التي ارتفعت أيضا 10% في الربع الأول إلا أن بنك الكويت الوطني وهو المصرف الأكبر في البلاد حقق نموا طفيفا بلغت نسبته 0.35% إلى 81.33 مليون دينار. وتنظر الأوساط الاقتصادية نتائج بنك الكويت الوطني عادة على أنها مؤشر على تعافي أو عدم تعافي البيئة الاقتصادية في الكويت. وقال المسباح إن أرباح البنوك “جيدة” حتى الآن قياسا بالوضع الاقتصادي العام مؤكدا ضرورة التفكير فيما هو قادم من الأيام، لاسيما مع عدم اتخاذ أي خطوات حكومية جدية في سبيل إحياء خطة التنمية التي بدأت في 2010 والتي تتضمن إنفاق 30 مليار دينار خلال أربع سنوات على مشاريع كبرى. واتفق المكتوم مع غيره على اعتبار أرباح بنك الكويت الوطني “جيدة” نظرا لعدم وجود تحسن في بيئة الأعمال لاسيما في المشاريع الكبرى التي تترقبها الشركات. وقال الهاجري إن نتائج البنك الوطني التي أعلنت أمس الأول لم تخضع بعد للقراءة المعمقة والتحليل الكافي حتى يمكن استخلاص النتائج والعبر منها. (الدولار = 0.2845 دينار)