المتحف الوطني، هو الاسم الذي أطلق على مبنى صغير يضم الكثير من الآثار والتحف التي جمعها اثنان من رجال الأعمال الفلسطينيين، جمعتهما هواية مشتركة، بذلا من أجلها الكثير من الأموال، ليحتفظا وعلى مدار سنوات في مكتبيهما وبيتهما ما حصلا عليه من تحف ومقتنيات·· ثم قررا سويا عرض مجموعتيهما في متحف خاص لكي يطلع عليها الراغبون· رجلا الأعمال هما سهيل السقا، والمهندس جودت الخضري الذي تولى مهمة إعداد المتحف وعن هذا المشروع يقول: لقد كان المتحف بالنسبة لي مجرد خيال أو حلم ولكن الحلم الآن أصبح حقيقة، فأنا أهوى جمع الآثار والتحف منذ أكثر من عشرين عاماً وقد جمعت كمية كبيرة من الآثار الكنعانية والرومانية واليونانية والفارسية والبيزنطية، خاصة حين دخلت السلطة الفلسطينية إلى غزة وبدأت عمليات الإعمار والحفر فتم العثور على الكثير من التحف والآثار فلم أتردد في إقامة متحفي بعد تردد دام سنوات فجاء افتتاحه في ظل الحصار الذي تعانيه غزة· ويضيف المهندس الخضري: لقد اعتمدت على الأخشاب والصخور التي كانت تستخدم في بناء بيوت غزة القديمة وبدأت في إقامة المبنى الخاص بالمتحف ثم قمت بتزويده بشلالات مياه وقنوات مائية تعيش فيها مختلف أنواع الأسماك وزرعت الكثير من الأشجار، وكان الافتتاح في شهر آب من عام ،2008 وحاليا أفكر بافتتاح كافتيريا ومطعم وفندق حول المتحف لتضيف جواً محبباً للزوار ،خاصة أن المتحف موجود على شاطئ بحر غزة الجميل· خبير فرنسي ويتابع المهندس الخضري: استعنت بخبير فرنسي في بناء المتحف وتصميمه من الداخل من حيث الأرض والسقف والجدران والإضاءة ورص القطع الأثرية فأصبح يبدو كالمتاحف الدولية ولكن بصورة مصغرة· ويلفت الخضري إلى أن لديه الكثير من التحف يريد ضمها للمتحف ولكنها موجودة خارج فلسطين وينتظر فك الحصار وفتح المعابر لجلبها لمتحف غزة، وهذه التحف كان قد شارك فيها في معرض بعنوان ''غزة ملتقى الحضارات'' في جنيف· وشعر الخضري بسعادة بالغة حين رأى الاقبال الكبير على المتحف، حيث بلغ تعدد الزائرين في الفترة التي سبقت العدوان على غزة، أكثر من عشرة آلاف زائر يستمعون لشرح مفصل عن كل تحفة من دليلين يعملان على فترتين في المتحف· ويأمل الخضري التعاون مع قسم الآثار في جامعة بيرزيت حيث يتمنى استقدام اختصاصيين ليترجموا اللغات الموجودة على الآثار للزوار· وينفي الخضري القول إن المتحف يمثل بالنسبة له مشروعاً استثمارياً، ويقول إن غزة هي بلده ومن حقها عليه أن يعرض ما فيها من آثار للزوار ويحافظ على آثارها· وتقول شيرين طافش المرشدة في المتحف: ان المتحف يحتوي على آثار منذ العصر البرونزي على شكل قدور وهناك أعمدة وتيجان منذ أربعة آلاف سنة، وقراميد عليها نقوش إسلامية، وموقد من الرصاص عمره 2070 سنة، وهناك تمثال نصفي لأفروديت، ومصابيح ومراسي حجرية من العصر الروماني· سرقة إسرائيلية وتضيف طافش أن التحف الموجودة تعود لمنتصف الألفية الخامسة قبل الميلاد وقد ذكرت الصحف العبرية أن المتحف الموجود في اسرائيل تحدث عن الآثار في غزة والتي عثرت عليها حملات التنقيب التي كان يقوم بها يهود في غزة في منطقة دير البلح، وقد نشرت معلومات عن هذه الحفريات في دليل موجود في المتحف حيث كانت تقوم هذه الحفريات تحت حراسة جنود الاحتلال والتي أشرفت عليها ترود دويثان خبيرة الآثار الاسرائيلية المعروفة، وقد سرقت معظم هذه الآثار بإشراف ورعاية رئيس وزراء اسرائيل في السبعينات موشيه ديان الذي كان من هواة البحث والتنقيب واقتناء التحف، وتم عرضها في إسرائيل على أنها آثار لأجدادهم الصهاينة ولكن باقي هذه الآثار موجودة في المتحف وعليها نقوش تدل على أصلها الحقيقي ومن هذه التحف حلى ذهبية ونعوش وأوان من الرخام· وأخيرا يعلن المهندس الخضري عن سعادته لنجاة المتحف ومقتنياته من القصف والدمار خلال العدوان الأخير على غزة، وهذا يدل أن غزة باقية بتراثها وحاضرها ومستقبلها، ويعرب عن أمله بإتمام مشروعه وأن يتوسع المتحف أكثر ويتاح لجميع العالم أن يرى الحضارة والأصالة الفلسطينية عبر العصور· النغمة في مواجهة الطلقة موسيقى معهد إدوارد سعيد تخترق الحواجز بين القرى والمدن الفلسطينية ينتقل بالموسيقى بين القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية، حاملاً معه أحلاماً ليس بالوصول فقط إلى الأماكن المهشمة بل الاستمرارية في تعليم الموسيقى في هذه الأماكن·· بدأت الحكاية حين قرر محمد فضل أستاذ الكمنجة في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى عام 1996 تعليم الموسيقى لمجموعة من أطفال مخيم الأمعري في الضفة الغربية، وفي عام 1998 أطلق المعهد برنامجاً لتعليم الموسيقى خارج فروعه المنتشرة في رام الله والقدس وبيت لحم بشكل رسمي· ''برنامج التعليم خارج المعهد'' الخاص بالفئة العمرية ما بين 6 ـ 16 عاماً، انطلق بتدريس الموسيقى في مدرسة بنات البيرة الحكومية، وفي روضة الزهور في القدس، وكانت النتيجة التحاق عدد لا بأس به من هاتين المدرستين في المعهد، واستمر بالتدريس في مناطق أخرى عديدة· وصرحت لينا صالح مديرة العلاقات العامة في المعهد أن البرنامج حقق مؤخراً انجازاً تمثل في افتتاح مختبرات موسيقية مجهزة لتعلم الموسيقى، ومزودة بآلات واسطوانات وكتب تعليمية، بالتعاون مع المؤسسة الايطالية (يوكوديب) وبدعم من الاتحاد الأوروبي في نابلس وأريحا، بل وأدخل المعهد البرنامج الأكاديمي على هذه المراكز، بعد أن كان التدريس يقتصر على دراسة آلة دون الجانب النظري· وأضافت أن المعهد بصدد أن يصل بالبرنامج إلى مناطق أخرى مثل طوباس، والخليل بالتعاون مع وزارة الثقافة· هل تحقق الهدف من البرنامج؟ يشرف على البرنامج عدد من أساتذة المعهد في فروعه المنتشرة بين القدس ورام الله وبيت لحم، وقد استطاع أن يحقق نتائج مهمة تحدث عنها محمد فضل قائلاً: ''استطعنا نشر الثقافة الموسيقية، حتى بين الطلبة الذين لم يستمروا بدراسة الموسيقى، فالطالبة مثلاً عرفت الكمنجة، لمستها، عزفت على أوتارها، ومستقبلاً ستكون مهتمة بها على الأقل ومستمعة جيدة تحضر العروض الموسيقية''· وأضاف فضل أن المعهد يوفر في هذا البرنامج مختلف الآلات الموسيقية للطلبة مقابل تكلفة رمزية للدروس، ويوفر البرنامج دروساً جماعية في أوركسترا المبتدئين في مقر المعهد للراغبين· بدورها أوضحت هدى عودة مسؤولة وحدة التطوير في المعهد أنه حين يتبين للأساتذة موهبة موسيقية لطالب أو طالبة، فإنهم يشجعونه للانضمام إلى المعهد، فالهدف ليس الانتشار بقدر ما هو الاستمرارية، وقد التحق العديد من الطلبة في البرنامج للدراسة في المعهد بل وشاركوا في عروض نهاية العام الدراسي والتي تنظم سنوياً· وأشارت عودة إلى أن البرنامج مدعوم هذا العام من ''سيدا'' على شكل منح للطلبة، و''أنيرا''، ومركز تطوير المؤسسات الأهلية الذي يدعم جزءاً من البرنامج في نابلس وأريحا ضمن اتفاقية بين المعهد والمركز تحت عنوان ''تمكين الأطفال من تعلم الموسيقى في المناطق الريفية والمهمشة''، إضافة إلى دعم من مؤسستين هولنديتين: كوردايد وبرنس كلاوس، وينفذ البرنامج في نابلس وأريحا ودوما وجورة الشمعة بالتعاون مع المؤسسة الايطالية (يوكوديب) بتمويل من الاتحاد الأوروبي· قد يختلط الأمر على البعض بين الموسيقى التي تعتبر غذاء الروح، وبين بعض الأغاني الدارجة والتي تعطي انطباعاً سيئاً عن الموسيقى عموماً، فيرفضون دراسة الموسيقى أو تعليم أبنائهم وبناتهم على أية آلة موسيقية، وقد حدث أن رفض وانسحب عدد من الطلبة في حصص الموسيقى لأسباب عديدة، تجعل محمد فضل يشعر بالحزن فيقول: ''هناك طالبة مثلا انسحبت بإرادتها معللة ذلك بأسباب دينية وأن الموسيقى حرام رغم أن أهلها لا يعارضون، وهناك من غير رأيه من الأهل نحو تعليم أبنائهم الموسيقى حين يشعرون أن الموضوع جدي وأن هناك برنامجاً تعليمياً جاداً''· وحول أثر الحواجز العسكرية التي تضعها سلطات الاحتلال بين المدن والقرى الفلسطينية على التنقل أوضح فضل أن المسافة بين رام الله وقرية دوما خمس ساعات ذهاباً واياباً، من أجل تدريس ساعتي موسيقى، ورغم ذلك يشعر محمد فضل أنه حقق شيئاً وأرسل رسالته إلى قرية بعيدة ومعزولة ثقافياً واجتماعياً، ويقول: وتقف الطريق عائقا أيضا حين تتعطل الآلات ونضطر إلى صيانتها في ورشة المعهد في رام الله ثم إعادتها وهذا يتطلب وقتاً وجهداً، لذلك عمل المعهد وما زال على تدريب أشخاص وفي مناطق متنوعة في الضفة على صيانة الآلات الوترية وتصليحها· وخلال العدوان الأخير على غزة أحيا الموسيقيون الأطفال في معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى بالتعاون مع اوركسترا القدس للناشئين، أمسية موسيقية تضامناً مع أطفال غزة· وأشار سهيل خوري مدير المعهد إلى أن هذه الأمسية تأتي بهدف إطلاق حملة لجمع التبرعات لصالح أطفال غزة، استجابة للظروف الصعبة ونوعاً من التضامن الاجتماعي الذي لابد منه، مؤكداً على أن الحملة سوف تستمر بعد توقف العدوان الإسرائيلي على غزة وذلك لإعادة إعمار مدرسة غزة للموسيقى التي دمرها القصف· وعزفت فرقة أطفال المعهد العديد من المقطوعات الموسيقية التي استهلوها بالنشيد الوطني، وخاطبوا من خلالها أطفال غزة، متمنين أن تعزف تلك الألحان بالمشاركة مع أطفال غزة قريباً· وأكد محمد فضل أستاذ الموسيقى في المعهد أن أطفال غزة بحاجة إلى من يقف بجانبهم ويخاطبهم والموسيقى علاج وتعبير مفيد خاصة في ظل المأساة الحاصلة في القطاع· وأضاف عميد الأكاديمية الأردنية للموسيقى إياد عبدالحفيظ انه وبالرغم من الصعوبات، تبقى الموسيقى لغة تصل إلى كل الشعوب فالأطفال بحاجة إلى أن تستمر حياتهم الموسيقية اليومية وهذا الحفل ضروري لترجمة ما يشعر به الأطفال من رغبة في التضامن