يستند أسلوب «الفنج شوي» على مفهوم ضمني يعتبر أن كل شيء في محيط الإنسان، أيا كان وصولاً إلى أصغر التفاصيل المتعلقة بالأثاث والديكور، له تأثير، فهو إما أن يعمل على تعزيز الأهداف في الحياة، أو أنه يعمل ضد الفرد، ومن خلال فهم التيارات الدقيقة للطاقة الحيوية التي تسري في الجسم، أو تنساب من خلال كل شيء في هذا الـكون، يمكنك تهيئة الأجواء المناسبة التي تساعد على تحقيق الأهداف المنشودة. قدم الدكتور يوسف البدر، خبير التنمية الذاتية، في دورات نظمت على مدار يومين، تحت رعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة الاتحاد النسائي العام ، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، تبسيطاً لأساسيات علم «الفنج شوي» وفصل فيها، وتحدث عن طاقة المكان، من خلال عدة محاور منها «تعلمي كيف تعززي سريان الطاقة الإيجابية في منزلك»، و«تعلمي كيف تشعرين بالراحة والسعادة بديكور وأثاث الفنج شوي»، و«تعلمي تقنية تأثير الألوان والاتجاهات والأشكال على أفراد أسرتك»، واستقبل الأسئلة وقدم الإجابات من خلال شاشة عاكسة لما يحمله الكمبيوتر من معلومات دقيقة مدعمة بالصور والألوان حيث استطاع من خلال هذه الوسائل توصيل المعلومة وخلق تفاعل في قاعة العرض. رسالة حب في سياق حديثه عن «الفنج شوي»، قال إن «الطب الشرقي ليس فقط أرزاً بنياً، وأعشاباً صينية ووخزاً بالإبر، إنما هو نظام كامل للحياة إذا ما أخذ بالاعتبار نظرتنا الدينية الإسلامية لهذه الحياة، فنظام الفنج شوي هو عالم من الفن الذي أستطيع أن أصفه بأنه رسالة حب لكل ما يمت لوجودك بصلة». وأضاف «هناك أركان معينة في بيتك لها من القدرة ما تؤثر به على حياتك اليومية، وهذا العلم يقوم على أن أخصائي الفنج شوي يقوم بزيارة للمنازل ومعه بوصلة ويشرع في إعادة تغيير مسارات الطاقة في المنزل عن طريق إعادة ترتيب وضع الأثاث، وتغيير الإضاءة، وإضافة مرايا ونباتات جميلة، وقد يجد أن حجرة المعيشة وهو المكان الذي تلتقي به مع أصدقائك سرعان ما يصبح هذا المكان مقراً لشجرة كبيرة، وكريستالات متلألئة إلى جانب مرآة لها إطار مذهب، هذه الأشياء تزيد رغبتك في توطيد علاقتك مع أهلك وأصحابك بصورة أفضل، وبذلك يصبح المنزل أكثر نظاماً، وهذا الشعور وحده له تأثير مذهل على صفائك الذهني، وهو يساعد على التركيز على الجوانب المهمة من حياتك، التي قد تكون أهملتها لفترة طويلة». وأوضح أن هذا العلم ينبض بالحيوية، وهو مليء بالأفكار البسيطة التي تجعل حياة الإنسان أسهل فهو علم وفن نظام كامل للحياة. تطور المبادئ أشار البدر خلال محاضراته إلى أن المبادئ الأساسية «للفنج شوي» تطورت. وأوضح «نجد أن مفهوم «الين» و«الـيانج» يبين لنا أن هناك نوعين رئيسيين من الطاقة التي تساعد على التواصل فيما بين الإنسان والبيئة المحيطة به، وتطبيق مثل هذه المبادئ على الحياة والظروف الخاصة يمكن أن يساعد الفرد في الحصول على وظيفة ما أو في فهم أسباب فقده لوظيفة أخرى». وأضاف «تطبيق هذه المبادئ يعينك على تحديد أنسب الأوقات التي يمكنك فيها القيام برحلة، أو البدء في مشروع جديد، أو الخوض في علاقة جديدة، وكذلك أفضل الاتجاهات التي يمكن أن تسلكها». وقال البدر «قمت بنفسي بتطبيق أساليب ومبادئ الفينج شوي بصورة شاملة على حياتي، وكان من أعظم الأثر نتيجة لهذا الأسلوب، هو ازدياد شعوري بامتلاكي لزمام أموري أكثر فأكثر، فإذا حدث وفشلت في تحقيق أحد أهدافي بالصورة التي أرغبها لم يكن ذلك ليعوقني عن فهم الأسباب التي أدت لحدوث هذا الفشل، بل على العكس فإنه كان يساعدني على المزيد من الإصرار على التغلب على الفشل وتعويضه بهدف آخر جديد أكثر نجاحاً». وأشار إلى أن تطبيق هذه المبادئ ينقل الفرد من موقع الضحية للظروف والذي لا حول له ولا قوة إلى موقع القيادة، حيث يمكنه هذا التطبيق من أن يستمد القوة من الطبيعة وتطويعها لتعمل معه ولصالحه بدلاً من أن تعمل ضده. أربع مدارس شدد البدر خلال محاضراته على ضرورة اختيار المكان المناسب لوضع الأسرة واتجاهاتها والألوان التي يجب استخدامها فيها، وطريقة وضع الزهور والنباتات الخضراء، وقدم بشكل تفصيلي كل غرفة وكيف يجب أن تكون وفي أي اتجاه، وذلك بناء على دراسات علمية، مستنبطاً ذلك من أساسيات علم «الفنج شوي». في هذا السياق قال «تم استخدام أساليب الفينج شوي في بيئات وثقافات تختلف كثيراً عن بعضها البعض، وقد لاقت أساليب الفنج شوي الكثير من الدراسات الدقيقة والمتفحصة من قبل فلاسفة بارزين، إضافة إلى أساتذة الفينج شوي أنفسهم، ولا عجب أن يكون هناك بعض التغيرات التي طرأت على أساليب الفنج شوي على مدى تاريخها الطويل وأن يطرأ بعض التطور على الأساليب المختلفة، وقـد تـبدو بعـض هذه الأساليب متضادة بشكل يثير الحيرة، لذلك من الأفضل البدء بدراسة أسلوب واحد». وقال إن هناك أربع مدارس لأساليب «فنج شوي» وتشترك هذه المدارس في المبادئ الأساسية المتعلقة بكيفية سريان الطاقة، وفي مفهوم «الين» و«اليانج»، وفي العناصر الخمسة والأشكال الثلاثية الثمانية، أما الاختلافات بين هذه المدارس الأربع فتبدو واضحة في كيفية تطبيقها، ويعتمد أسلوب البوصلة أساسا على فكرة أن كل اتجاه من الاتجاهات الثمانية للبوصلة له تأثير مختلف من الطاقة. اتجاهات المنزل رغم عمق الفكرة وصعوبة تنفيذها من طرف الناس العاديين فإن الدكتور البدر أشار إلى عدة تفاصيل وحاول تبسيطها، قائلا «على أساس البوصلة يتم تحديد الاتجاهات في المنزل أو في الحجرة، ويتم استخدام الأسلوب القائم على التوقع «Nine Ki» لتحديد الوقت الأمثل لإحداث تغييرات في المنزل، حيث إنه عن طريق هذا الأسلوب يمكننا فهم مدى التأثير الذي يحدثه حسن الاختيار للوقت المناسب، وللاتجاه الذي يتم فيه هذا التغيير ويوجد أيضا تأثير واضح لأرقام «الكي Ki» التسعة على قاطني المنزل، أما في الأساليب الثمانية للمنزل، فإن مقدمة المنزل واتجاه بوصلته هما اللذان يقرران طبيعة كل جزء من الأجزاء أو «المنازل» الثمانية في المبنى، فعلى أساس أرقام «الكي» التسعة يستطيع كل فرد على حده من قاطني المنزل أن يحدد المكان المثالي المناسب له، فيمكنه تحديد مكان نومه، أو عمله، أو المكان الذي يقضي فيه معظم أوقاته». أما في أسلوب «النجم الطائر» (Flying Star) فيتم رفع البوصلة على مقدمة المبنى لمعرفة خريطة المبنى وتحديد تاريخ بنائه. وقد تساعد أيضا الخصائص والمظاهر المحيطة بالمبنى في معرفة هذا التاريخ، وفي توقع المشاكل التي قد يتعرض لها المبنى سلفا. وترجع نشأة أسلوب التشكيل إلى المناطق الجبلية، وهو يعتمد في تحديده لمسار الطاقة المنسابة في داخل المبنى على أشكال المناطق المحيطة به من مناطق ريفية أو مداخل للمباني، وتستخدم شبكة مكونة من تسعة مربعات وتعرف باسم «باجوا» (Ba Gua) في معرفة المعلومات الخاصة بكيفية تأثير كل منطقة على قاطنيها. وقال البدر «قمت شخصيا بتجربة كل من الأسلوبين «أسلوب التشكيل» و«أسلوب البوصلة» وقد وجدت أن هذا الأخير بالتحديد هو الأكثر إشباعاً لي من ضمن أساليب الفينج شوي. لذلك فإن أسلوب البوصلة مع أسلوب علم التوقع القائم على أرقام «الكي» التسعة هما أساس النظام المستخدم في هذه الكتب والدورات». أسلوب التطبيق أشار البدر الى أن هناك العديد من المداخل التي يمكن عن طريقها تطبيق أسلوب الفينج شوي في الحياة. وقال «قد تقوم بالتخطيط للانتقال إلى منزل جديد أو حتى لبنائه، فأنت في كلتا الحالتين لديك الخامة الجيدة التي يمكنك تطبيق هذا الأسلوب عليها، وعلاوة على ذلك فقد تكون مستقراً في منزلك، ولكنك تريد القيام ببعض التحسينات في الجو المحيط به، أو أنك تريد إيجاد حل لمشكلة بعينها تؤثر على حياتك، حيث تعتبر هذه الجزئية هي أكثر المداخل التي يتم تطبيق أسلوب الفينج شوي عليها. فمن الأفضل أن تركز اهتمامك على إيجاد الحل لمشكلات محددة، عن إجراء تغيرات شاملة في منزلك، ولكن عليك التأكد من أنك لا تستخدم أسلوب الفينج شوي في اختلاق المشاكل التي ليس لها وجود أصلا، فإذا كانت الحياة تسير على ما يرام فعليك بأن تحد من التغيرات التي تقوم بها أو أن تجريها في الوقت المناسب لها، وقم بتنفيذ الحل المقترح للمشكلة المطروحة ثم قيم نتيجة هذا الحل قبل البدء في تنفيذ حل آخر». وأضاف «قبل كل ذلك، عليك ألا تتوقع بأن أسلوب الفينج شوي لديه الحلول المناسبة لجميع مشاكلك، ولكنه يعتبر واحدا فقط من الأشياء التي لها التأثيرات العديدة على حياتك، فعلى سبيل المثال، نجد أن النظام الغذائي الذي تتبعه، أو البيئة العائلية التي نشأت فيها، والخبرة العامة في الحياة، كل هذه أشياء لها تأثيرات عميقة على حياتك». وتابع «يعتمد نجاح أسلوب الفينج شوي بصورة كبيرة على مدى ما تتصف به توقعاتك من واقعية، ويصبح أسلوب الفينج شوي أكثر فعالية عندما تستطيع أن توجد علاقة تربط بين المشكلة التي تواجهها مع شيء ما في منزلك، وقيامك بالتغييرات اللازمة فيه، ويعتبر تحديد المشكلة التي تواجهها هو أول خطوة يجب أن تتبعها عند قيامك بتطبيق أسلوب الفينج شوي، فإذا كنت تقيم في مكان ما لفترة من الوقت فعليك بتقييم التغيرات التي طرأت على حياتك منذ انتقالك إليه، فعندما يقوم الإنسان بالانتقال إلى منزل آخر عادة ما تطرأ تغيرات على حياته سواء كانت هذه التغيرات للأفضل أو للأسوأ». نموذج مثالي أعطى البدر بعض الأمثلة على ضرورة اعتماد الفنج شوي في البيوت، وقال إن «النموذج المثالي لحجرة الطعام تبعا لأسلوب الفنج شوي يتمثل في الحجرة المرتبة والمنظمة، التي يتوفر بها الكثير من الإضاءة ومنافذ التهوية، وهي التي تحتوي أيضا على مائدة مستديرة الشكل محاطة بثمانية مقاعد، ووجود مزيج من الألوان الفاتحة والأخشاب والمنسوجات الطبيعية، التي تضفي المزيد من الراحة على جو الغرفة، كما أن النباتات ذات الأوراق المدببة تضفي المزيد من الطاقة والحيوية أثناء تناول الوجبات». ونصح البدر باستعمال ألوان فاتحة (الباستيل) مع أقمشة التنجيد، والستائر الناعمة والتي تعمل جميعها على خلق جو من الراحة، وهناك أيضا اللمسة الناعمة ذات الخطوط الرأسية والنباتات الطويلة والمرايا. وأشار البدر إلى أن التخلص من جميع الأشياء المبعثرة والمتراكمة يسهم في تحسين سريان الطاقة لدى الإنسان، مضيفا أن ترتيب المنزل يعطي الشعور بصفاء الذهن، ويساعد أيضا على التركيز على الجوانب المهمة من الحياة. ولم يكتف البدر بالحديث عن غرفة الطعام فقط، بل تحدث عن غرفة النوم، والممرات وغرف الأولاد، وغيرها من الأماكن التي تؤثر بشكل أو بآخر على مرتاديها. وأشار البدر إلى أن الصين هي الموطن الأصلي الذي نشأ فيه أسلوب الفنج شوي وذلك منذ ما يزيد على 4 آلاف عام، تطور مفهوم الفينج شوي خلالها وأصبح نظاما مركبا ومتكاملا، نظريا وعمليا، ليشمل جميع نواحي الحياة تقريبا. وأضاف «فهمك للتيارات الدقيقة للطاقة الحيوية التي تسري في جسمك، أو تنساب من خلال كل شيء يحيط بك في هذا الـكون، يمكنك تهيئة الأجواء المناسبة التي تساعدك على تحقيق أهدافك المنشودة سواء في معيشتك أو عملك». مراجعة الذات قال البدر خلال محاضرته، التي ألقاها أمام جمع من النساء في مقر الاتحاد النسائي العام، إن المرأة يجب أن تسهم في تغيير نمط حياتها وحياة بيتها، وتسهم في بث الحيوية والنشاط في أركان بيتها من خلال إدخال تغييرات وتحسينات من خلال “الفنج شوي” واتباع أساليبه. وأشار البدر إلى تأثير المرأة عن طريق إنجاز أكل بيتها وما تقوله من كلمات أثناء طهيه بحب، مهم جدا بالنسبة لترابط الأسرة، مشيرا إلى أن المرأة كيان لا يجب إفراغها من محتواها حينما يتم التركيز فقط على جمالها، وإنما يجب أن ينظر لها بإنسانيتها وفعاليتها وقدرتها على الإنجاز. وقال إن التغيير لا يجب أن يكون عادة بتغيير البيت كله أو الأثاث كله، بل إدخال تحسينات وتغيير الطلاء، أو تنجيد الكنب، والأغطية والشراشف ويضفي الكثير من الجمال والراحة النفسية في آن واحد. وأضاف «عليك القيام بعمل قوائم لنقاط الضعف في حياتك، والتي تنتج عنها المشاكل، وللنقاط التي تريد أن تقوم بتحسينها، وستجد أن هذه القوائم عادة ما تشمل العلاقات الإنسانية، والمالية، وكذلك المستقبل المهني، والخطوة التالية لمعرفة المشكلة التي تواجهك هي العمل تحديداً على معرفة السبب في وجودها، ومن خلال قيامك بالبحث عن حل للمشاكل التي تواجهك عن طريق تطبيق أسلوب الفينج شوي، يجب أن تكون هذه الحلول متضمنة للاقتراحات التي تساعدك على التغلب عليها». وضرب البدر عدة أمثلة، تقريبية للمعنى كان من بينها «إذا كنت تواجه صعوبة مالية فهل يرجع ذلك إلى أن دخلك قد تقلص أم لأن نفقاتك قد زادت عن الحد؟ فعليك إذن إيجاد الطريقة المناسبة التي تمكنك من زيادة دخلك، أو أن تعمل على تقليل نفقاتك. أما إذا كنت لا تستطيع العثور على شريك الحياة المناسب فهل يرجع ذلك لكونك شخصا غير اجتماعي لا تخرج لمقابلة الناس وتختلط بهم، أم لأنك تتعامل مع جميع من يقابلونك بشيء من العدوانية؟ إذن، عليك بأن تكون أكثر حبا للحياة الاجتماعية، أو أن تتفادى التعامل مع الناس بعدوانية». وقال «في حالة ثبات وضعك الوظيفي وعدم تقدمك وترقيك فيه، فهل يرجع ذلك إلى عدم قيامك بالمجهود الكافي، أم لأنك تفتقد للحافز أو للطموح الكافي وفي هذه الحالة، يجب أن تصبح أكثر إصرارا وتحفزا وأن ترتفع بمستوى تطلعاتك وطموحاتك إلى مستوى أعلى مما هي عليه».