أحمد مراد (القاهرة) وصف علماء في الأزهر الذين يقومون بتفجير أنفسهم في الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين المسالمين، أو في أماكن عبادة عبر أحزمة ناسفة بزعم الجهاد في سبيل الله بأنهم جهلاء مغرر بهم، والإسلام الحنيف بريء منهم. وأوضح العلماء أن هناك جماعات ومنظمات تقوم بـ «غسيل مخ» لبعض الأشخاص الجهلة والمرضى النفسيين الذين أمرضتهم المشاكل الاجتماعية والهموم الحياتية، بحيث يقنعهم بأنهم إذا قاموا بعملية انتحارية فهم شهداء وأنهم سيتخلصون بذلك من دنيا الناس التي تمتلئ بالهموم وينتقلون إلى الفردوس الأعلى. وأكد د. أحمد محمود كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن الذين يفجرون أنفسهم ينطبق عليهم حكم المنتحر، مؤكدا أنه أية كانت الدوافع وراء العمليات الانتحارية - سواء تخص المنتحر نفسه أو كانت لأهداف إرهابية - فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم على المنتحر بدخوله النار، حيث قال: «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلداً فيها أبداً، ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً». وأوضح د. كريمة، أن المنتحر يتحمل تبعات ما أتلف، فإذا أدت عمليته الانتحارية إلى قتل فعليه القصاص لأنها جناية عمدية، مبيناً أن طبيعة الحال هنا أنه لن يقتص منه في الدنيا لأنه هلك لذلك يقتص الله عز وجل منه يوم القيامة، كما أنه يقع على المنتحر تكلفة علاج المصابين وجزاءات تخريب الأموال، حيث تؤخذ هذه التكاليف من تركته إن كان له تركة في الدنيا، فإن لم تكن لديه تركة، فيتحقق فيه حديث الإفلاس الذي يقول فيه صلى الله عليه وسلم: «تؤخذ من حسناته إلى حسناتهم، فإن فنيت حسناته تحمل من سيئاتهم فتطرح عليه فيطرح في النار». وأضاف: العقوبة في الإسلام تُغلظ على من أهلك نفسه بأعمال تؤذي الغير سواء في بدنه أو ماله أو عرضه، وأنه إن استحل ذلك فقد خرج عن ملة الإسلام لأن من استحل المحرم كفر بإجماع المسلمين، حيث قال الله تعالى في مُحكم التنزيل: (... وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً * وَمَن يَفْعَلْ ذَ?لِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَ?لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً)، «سورة النساء: الآية 29». لا للتعصب وقال: الإسلام لا يعرف التعصب ولا العنف، وبالتالي لا يدعو أتباعه إلى التعصب أو العنف، ومصادر الإسلام من الكتاب والسنة، لا تشمل على شيء من هذا القبيل، فالإسلام صان حرمة النفس الإنسانية، وحمى حقوق الإنسان، دمه وعرضه وماله، والإسلام دين اليسر لا العسر، والدعوة كما يشير القرآن تقوم على أساس من الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى، وكل هذه الأساليب بعيدة تماما عن العنف أو أي شكل من أشكال التعصب، ورأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكفار مكة بعد رفضهم دعوته لهم إلى الإسلام وكما ورد في القرآن: «لكم دينكم ولي دين». اعتقادان خاطئان وقال د. سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق: إنه لا يقوم بأعمال انتحارية إلا شخص لديه جزم واعتقاد بشيء من اثنين، الأول أن من سيفجر نفسه فيهم يستحقون ذلك ولا قيمة لحياتهم وأن دمهم ومالهم مستباح، والشيء الثاني، أنه غالباً يجد أن فعلته هذا قربة إلى الله سبحانه وتعالى. وأكد د. عبدالجليل، أن الاعتقادين خطأ، لأنه لا يوجد على الأرض من البشر من هو حلال الدم والعرض والمال إلا من يعتدي علينا بالسلاح، كما أن واجب الدفاع هنا والمحاربة مهمة الجيش، وبالتالي فكرة استحلال العرض أو المال لشخص غير واردة على الإطلاق، كما أن الاعتقاد بأن هذه الفعلة هي قربة إلى الله اعتقاد ساذج لأن الله سبحانه وتعالى لا يرضى بالظلم ولا بالقتل وإهدار النفس البشرية والكرامة الإنسانية، ونستطيع القول بأن من يعتدي على النفس البشرية هو مبغض إلى الله سبحانه وتعالى. وقال: هناك من يقوم بعمل ما يسمى بـ «غسيل المخ» لبعض الأشخاص الجهلة والمرضى النفسيين الذين أمرضتهم المشاكل الاجتماعية والهموم الحياتية، بحيث يقنعهم بأنهم إذا قاموا بعملية انتحارية فهم شهداء أقول لهم بالعكس لأن من يقوم بعملية انتحارية في بشر معصوم الدم والمال والعرض سيدخل نفسه النار وبئس القرار ويستحق غضب الله ولعنته في الدنيا والآخرة. وبيّن وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، أن التصدي لهذا الفكر الإرهابي يجب أن يكون بالفكر، لأن الفكر لا يقف أمامه إلا الفكر، ولا بد من الحصانة العملية والتعليمية من خلال قيام المؤسسات الدينية بدورها، وكذلك المؤسسات الإعلامية والتعليمية، إذ لا بد للجميع أن يقوم بدوره تجاه الشباب كي تكون هناك حصانة ضد هذه الأفكار الإرهابية، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك منظومة إصلاح للتعليم في العالم العربي والإسلامي ومنظومة إصلاح للناحية الاجتماعية، كي يشعر الناس بالانتماء للوطن انتماء حقيقياً، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يستغل جهلهم وهمومهم وإقناعهم بأشياء ما أنزل الله بها من سلطان. حسين عبد المطلب: ليس بشهيد كما يقال لهم قال د. حسين عبدالمطلب، العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر: إن من يفجر نفسه بين المسلمين أو غير المسلمين، فهو يعتبر خارجا عن الإسلام وليس من المسلمين في شيء وليس بشهيد، كما يقال لهم. وأكد د. عبدالمطلب، أنه لا يجوز لشخص أن يهدم بلده ووطنه ويروع الآمنين المسالمين سواء أكانوا نصارى أو يهود أو غيرهم، لأن لهم ذمة وعهد لا يجوز قتلهم أو ينتحر بينهم، والخلاصة أن الذين يفجرون أنفسهم بين مسلمين مثلهم أو غير مسلمين مسالمين، فهؤلاء لا يعدوا من المسلمين، وأنا أتعجب كيف لشاب في العشرينيات يفجر نفسه ويظن أنه من الشهداء، وهو بعيد بذلك كل البعد عن الإسلام. وشدد على أن التصدي لهذا الفكر المتطرف يبدأ أولا من القاع، حيث الأسرة في البيت، هي الأساس، مبيناً أن الجماعات الإرهابية تستغل جهل المجتمع والشباب وتقوم بعمل غسيل مخ لهم وتحفيظهم بعض الآيات والأحاديث التي قد تكون منسوخة وهم لا يدرون ومن خلالها يُنصّب أحد الجاهلين بالدين نفسه أميراً وأنه المسلم الحقيقي الذي سيدخل الجنة وغيره سيدخل النار. وأضاف: الانتحار الذي يعد جزءاً من الإرهاب تمنعه الشريعة الإسلامية منعاً باتاً وتعتبره من كبائر المحرمات التي تدخل صاحبها النار وله في الدنيا العقاب الشديد، فكيف إذا أدى الإرهاب إلى سفك الدماء وقتل الأبرياء الذي تعتبره الشريعة قتلاً للبشرية جمعاء.