تؤوي دولة الإمارات العربية المتحدة قرابة ألفي رأس من المها شمال الأفريقية المعروفة باسم “أبو حراب”، موزعة على متنزه العين للحياة البرية ومحميات أخرى، وهو ما يمثل أكثر من 60% من العدد الموجود في العالم أجمع، بحسب مياس القرقز نائب مدير صون الحياة البرية بهيئة البيئة بأبوظبي. ويعمل متنزه العين للحياة البرية إلى جانب هيئة البيئة في أبوظبي على إنقاذ المها شمال الأفريقية التي واجهت الانقراض الفعلي في موطنها الأم، بعد أن تناقصت أعدادها بشكل كبير بفعل قلة الموارد الطبيعية والصيد الجائر، الأمر الذي أدى بهذه الفصيلة من المها إلى حد الانقراض في غضون بضعة عقود. وجاءت المبادرات العالمية التي قامت بها الدولة للحفاظ على هذا الحيوان وإيجاد الخطط والاستراتيجيات لإعادة إطلاقه في موطنه الأم، نتيجة للاهتمام الكبير بالحياة البرية والحيوانات بمختلف أنواعها لا سيما الحيوانات المهددة بالانقراض، حيث تؤوي الدولة أكبر قطيع في العالم من المها شمال الافريقية والتي تم جلبها منذ عقود من الزمان. وأكد القرقز أن متنزه العين للحياة البرية استضاف قمة بيئية امتدت على مدار أربعة أيام في الشهر الماضي ناقشت سبل حماية حيوانات المها شمال الأفريقية، حيث اجتمع خبراء ينتمون إلى أكثر من 15 منظمة عالمية تعنى وتعمل في نطاق الحفاظ على الحياة البرية في العالم لتطوير الخطط التي من شأنها إنقاذ هذه الحيوانات من الانقراض، مشيراً إلى الدور البارز والكبير الذي تقوم به دولة الإمارات في هذا الصدد إلى جانب احتضانها للقطيع الأكبر في العالم. وأضاف أن لـ”أبو حراب” قيمة تراثية ومعنوية ونعمل حالياً مع المنظمات المختصة لإيجاد وبرامج إعادة إطلاق في البرية لهذه الحيوانات، علماً أن هذه البرامج ستتضمن القوانين والتشريعات التي من شأنها حمايته من الصيد أو غيرها من المهددات، مشيراً إلى أن جميع حيوانات المها شمال الأفريقية الموجودة في العالم حالياً قد تكاثرت وعاشت في الأسر، ولذلك فإنه تم الأخذ بعين الاعتبار الجوانب الفنية التي تدعم قدرة المها على البقاء في الظروف البرية الخالية من تدخل يد الإنسان. ولفت إلى أن التصور المطروح لإعادة إطلاق المها في الحياة البرية مجدداً وفقا للمناطق التي عاش وتكاثر فيها قبل 50 عاماً، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار أن الخصائص البيئية التي تتمتع بها تلك المناطق هي الملائمة للمها لكي تعيش بها كما هو في السابق، لافتاً إلى أنه من المحاور المهمة التي يجب مراعاتها قبل هذه الخطوة هو التنوع الجيني الذي طرأ على هذه المها بعد أجيال عاشت في الأسر، إضافة إلى العناية البيطرية التي ستحتاجها قبل وخلال برنامج الإطلاق. وذكر القرقز أن برنامج الإطلاق سيحتاج عدة أوجه من الدعم من عدة جهات دولية، ومن أبرز المقومات الأساسية لضمان نجاح عملية الإطلاق والتي اتفق عليها المشاركون هو دعم الحكومات التي سيتم تنفيذ البرامج في دولها لما في ذلك من أهمية للعمل على تطبيق التشريعات التي تحفظ هذه الحيوانات، مضيفاً أن تم الأخذ بعين الاعتبار خلال النقاشات التنافس على المرعى مع الحيوانات المستأنسة وغيرها في تلك الدول. وكانت المها شمال الأفريقية موجودة بأعداد كبيرة في الأراضي العشبية في أفريقيا الشمالية وجنوب الصحراء الكبرى، ولم يبق منها حالياً على قيد الحياة سوى أعداد قليلة تتوزع بين حدائق الحيوان والمؤسسات المتخصصة في إكثار الحيوانات، والتي يعتبر متنزه العين من أبرز المحتضنين والمحافظين على هذا الحيوان من الانقراض.ولم يتجاوز عدد حيوانات المها شمال الأفريقية “أبو حراب” عند جلبها للمرة الأولى للمتنزه الـ 20 رأساً، وتزايد عددها وتوالدت على مرور السنوات لتصل أعداد هذه الحيوانات المهددة بالانقراض إلى ما يقارب الـ200 رأس، علماً أن مستقبل هذه الأنواع يعتمد على التعاون الدولي مع المؤسسات المتخصصة في إكثار الحيوانات، إضافة إلى العمل مع العلماء في كافة أنحاء العالم ،خاصة مع مجموعة دول شمال أفريقيا حيث ستتم إعادة دمج القطعان. ويؤكد متنزه العين للحياة البرية أن اهتماماته لا تقتصر على الجانب الترفيهي للجمهور وإنما يتعدى ذلك إلى المساهمة بشكل فعال ومتميز في المحافظة على أنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، حيث أن المتنزه قام بتنظيم ورش عمل بالاشتراك مع صندوق الحفاظ على الصحراء الدولي تجمع الخبراء من بلدان عدة ومنها الإمارات والمغرب والنيجر والسنغال وتونس والمملكة المتحدة إضافة إلى الولايات المتحدة لوضع استراتيجية عملية لإعادة إنعاش أعداد هذه الفصائل البرية التي تناقصت بشكل ملحوظ في شمال أفريقيا والعالم. ويشير متنزه العين للحياة الطبيعية إلى أنه يؤوي 183 نوعاً مختلفاً من الحيوانات ويعمل على حماية ودعم قضايا سلامة وحماية هذه الأنواع وإقامة مناطق خاصة آمنة وتتماشى ومميزاتها الوراثية التي تؤهلها لإعادة دمجها في محيطها الطبيعي بالاشتراك مع الباحثين والخبراء في علم الوراثة والديموغرافيا وديناميات المرض لهذه الفصائل.