صدر أول طابع بريدي في العالم عام 1840 في انجلترا ودعي بـ''بيني بلاك''، وتلا ذلك الاصدار الفريد من نوعه آنذاك عدة اصدارات من عدة بلدان اهمها ''بافاريا'' في المانيا العام ·1849 ومنذ ذلك الوقت نشأت هواية جمع تلك الوريقات الملونة الصغيرة كمجموعات، غير أن أول ألبوم لجمع الطوابع تم طرحه للبيع في الأسواق عام ·1862 هادي بكداش أشكال طوابع البريد عديدة غير ان أبرزها هو الشكل المستطيل والجامع الأوحد والمشترك لشكل الطوابع هو تلك الحواف المسننة، وقد بات لهذا العالم افاق واسعة عديدة، فمن عادة وضع صور الملوك والرؤساء على الطوابع كسمة مشتركة باتت مختلف المواضيع المطروحة في الحياة مصدرا ملهما للحكومات والمعنيين باصدار الطوابع، فبات لكل طابع قصة او هدف، تكريم شخصية أو حدث او ذكرى تستحق التخليد· ويعمد هواة جمع الطوابع في مختلف أنحاء العالم الى تجميع الطوابع من مصادر مختلفة وكل حسب رغبته، وان كانت فكرة الجمع أساساً بدأت من المصدر التقليدي لهذه الفكرة أي من الرسائل الواردة للمرء وأقاربه من مختلف انحاء العالم، الا ان عددا من هواة جمع الطوابع يشترونها من مراكز البريد فيما البعض الآخر يهتم بان تكون مختومة من دوائر البريد المختلفة· وعندما دخل الفرنسيون لبنان استعملوا الطوابع الفرنسية (للتخليص البريدي) موشحة بالاحرف الثلاثة ش··د· وتعني: ''أراض عدوة محتلة''، Territoires Ennemis Occupes. وفي 1920 استعملت الطوابع الفرنسية ايضاً وعليها توشيح بالاحرف الثلاثة O.M.F. وتعني (احتلالا عسكريا فرنسيا) Occupation Militaire Francaise، واستمر استعماله حتى 1923 - 1924 حين اعتمدت الدولة الفرنسية طوابع بلادها وعليها توشيح Grand Liban فلبنان الكبير''· وفي 1924 اصدرت فرنسا طوابع خاصة بلبنان عليها التوشيح الفرنسي مع ترجمته بالعربية· وفي 1925 اصدرت دولة لبنان الكبير طوابعها الخاصة التي تبدأ بـ10 سنتيم وتنتهي بـ25 قرشاً وعددها ثلاثة عشر طابعاً، وتحمل صورا جميلة من لبنان· شفيق طالب، من مواليد صيدا جنوب لبنان، صرف في هواية جمع الطوابع اكثر من أربعة عقود من عمره وبذل في سبيلها الكثير من الجهد والوقت والمال فأصبح من أبرز مقتنيها في لبنان والمنطقة حتى ''قامت بينه وبين الطابع البريدي علاقة شغف وصداقة''· وهو ''المؤمن بثقافة الطابع البريدي''، أو الوثائق المنمنمة السهلة التداول والجماهيرية الاستخدام حسب وصفه يقول عنها أيضا ''ما هي إلا خير نماذج لإظهار الحقائق وسرد الوقائع، وعرض مجريات الحياة اليومية والمحطات التاريخية، والتذكير بالمناسبات والتواريخ المشرف منها والمؤلم''· طالب أقام حتى اليوم العديد من المعارض فأسهم في نشر ثقافة الطابع وقربها الى الجمهور اللبناني والفلسطيني المقيم في لبنان· المعرض الطوابعي الأخير الذي نظمه شفيق طالب، كان بعنوان ''ذاكرة فلسطين بعيون الطوابع البريدية''· وتعتبر مجموعة شفيق طالب من أهم وأغنى المجموعات البريدية الخاصة بفلسطين وبالقضية الفلسطينية· المعرض المميز بمضمونه واعداده وتوقيته ضم نماذج من مئات الاصدارات من الطوابع البريدية الصادرة عن دولة فلسطين قبل النكبة عام 1948 وبعدها، لاسيما إبان عهد الانتداب، واصدارات اخرى عن دول ومنظمات عربية ودولية والطوابع المعروضة هي جزء من الذاكرة الفلسطينية ورسالة تجوب العالم للتذكير بوجود الشعب الفلسطيني وقضاياه وحقوقه وهويته·· ولتسليط الضوء على هذه المجموعات الفلسطينية وتلك التي ترمز إلى فلسطين في إصدارات الدول العربية الشقيقة، أرفقها بشروحات وتفسيرات أنجزتها ووثقتها ابنته الباحثة هدى طالب سراج· يرى طالب ان هذا المعرض يتناول بالوثائق عروبة وتاريخ فلسطين، من خلال هذا الطابع البريدي الذي رافق القضية الفلسطينية منذ مطلع القرن الماضي سواء عربياً او فلسطينياً او أممياً او دولياً، ويؤكد على ان هذه القضية مهما حاولوا طمس معالمها تبقى قضية حية معززة بوثائق· ولفت طالب ''إلى أن المعرض يتضمن كل ما حكي عن فلسطين عربيا من خلال الطابع البريدي، كما تم توثيق كل حدث بحيث تروي هذه الطوابع حياة الفلسطينيين داخل وخارج فلسطين، كما سيحاكي الأماكن الدينية المقدسة وحياة النبي عيسى (طريق الآلام)، إضافة إلى محفوظات تحكى عن فلسطين منذ ألفي عام· وقال: ''هدفنا من المعرض إبراز الأحداث التي صدرت في العالم العربي عن الجرائم التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي كحريق القدس ومذبحة دير ياسين ومذبحة صبرا وشاتيلا والانتفاضة والقدس الأسرى''· ويظهر المعرض التسلسل التاريخي للاحداث التي مرت بها فلسطين منذ أيام العثمانيين مرورا بالانتداب وحتى اليوم· ففيه مثلاً العديد من الطوابع العثمانية عن القدس وبئر السبع والنقب مرورا بطوابع الاحتلال البريطاني لفلسطين وطوابع الجمهورية العربية المتحدة كيوم الفلاح ومن الجمهورية العربية السورية ذكرى اعتقال المطران كبوجي 1975/ ،1977 والمئوية الثامنة على معركة حطين التي قادها صلاح الدين الأيوبي ومن المملكة الأردنية الهاشمية طابع عن ''مذبحة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمي صبرا وشاتيلا على أيدي اسرائيل عام ''1982 ومن الجمهورية العراقية طابع مخصص ''لرعاية أسر ومجاهدي فلسطين'' ومن الامارات العربية المتحدة طوابع عدة مخصصة في ''ذكرى الانتفاضة الشعبية الفلسطينية''· وعن اصداره القيم ''لبنان في طوابعه'' يظهر طالب التسلسل التاريخي للاحداث التي مر بها لبنان منذ استقلاله حتى الآن· ففيه مثلاً ذكرى المؤتمر البريدي العربي وذكرى الجلاء والمؤتمرات البريدية واللاسلكية العالمية والصليب الاحمر اللبناني والمؤتمر الثقافي العالمي والاتحاد البريدي العالمي وشهر المغتربين ،1950 وذكرى تدشين مطار بيروت ،1951 وذكرى اول طائرة ضخمة جاءت الى لبنان بواسطة آير ليبان ءىْ جىقفَ، وترميم قصر بيت الدين، وذكرى افتتاح مطار بيروت الدولي ،1954 وتأسيس مشروع الليطاني 1954 وذكرى مهرجانات بعلبك الدولية الاولى 1956 ومؤتمر بيروت للملوك والرؤساء العرب ·1956 والعام الماضي كان آخر طابع اصدرته الدولة اللبنانية لمناسبة العيد الـ125 لتأسيس جامعة القديس يوسف في بيروت· طويلاً وقفت الحاجة أم هيثم ممسكة بعكازها والى جانبه حفيدها أحمد، وهي تمعن النظر القليل المتبقي لها بعد السنوات الطويلة التي قضتها اثر لجوء عائلتها من حيفا الى جنوب لبنان عشية النكبة تتأمل في مجموعة اصدارات لطوابع بريدية صادرة عن دولة فلسطين خلال فترة الانتداب البريطاني، تستحضر عقوداً من المعاناة مع التهجير واللجوء·· تتابع النظر بإمعان امام مجموعة الجمهورية العربية المتحدة، تدمع عيناها، تتمتم مع حفيدها امام كل مجموعة طوابع ما علق في ذاكرتها منذ النكبة وحتى اليوم·· تسلمه ما حفر من ذاكرتها الى أبنائه وأحفاده