العطور سعت إليها كل الشعوب وحيكت حولها الأساطير، وأوجدها الجميع من عدم، حتى وان كانت من طيب أو من شجر أو من زهرة تذهب السأم، وتعيد للروح بهجتها، لهذا لن نناقش المؤرخين حين يعلموننا أن العطور مرافقة للإنسان منذ بدايته على الأرض، عرفها الفراعنة والإغريق وتفنن فيها الأندلسيون، ورشها الفينيقيون على أثوابهم وفوق مفارشهم، كما تحدث المؤرخون عن استعمال القرطاجنيين زمن عليسة للعطر والطيب في حياتهم العادية، وفي مناسباتهم الدينية، ولن نغالي حين نقول إن تونس أرض طيب وعطر منذ قديم الزمان، فالحفريات الأثرية أطلعتنا على مباخر ومقاطر صنعها الأولون من طين لاستعمالها في التطيب والتعطر، بل إن لكل طبقة اجتماعية عطورها. يقول فريد علي بائع عطور بمركز مدينة زايد التجاري: «تعتبر الهدية ضرورية وفي غاية الأهمية، ويصرف عليها الكثير من المتسوقين مبالغ طائلة، ولكن المسافرين خاصة لهم طريقة أخرى في التعبير عن تقديرهم للمهدى إليهم، حيث أكثر ما ينوي المسافر شراءه للأهل والأصدقاء هي العطور التي تمتاز بروائحها الفواحة والزكية، والصيف موسم الإجازات والعطل، وفيه يعود أغلب المقيمين إلى بلدانهم وأهليهم حاملين معهم أشواق الغريب وفرحة المحب، وعلاوة على ذلك فالعطور هي من أكثر الهدايا التي يقبل عليها المسافر لإنها تعبر عن كل ذلك، وتنطق به من غير لسان. يفتح فريد قارورة عطر لأحد الزبائن ويتابع حديثه: «للعطر مكانة خاصة في حياة كل امرأة ورجل، فالمرأة قبل شرائها العطر تجرب عطراً تلو الآخر، حتى يستقر بها الحال على العطر الذي يناسب شخصيتها، والعطور النسائية تختلف رائحتها وشكلها عن العطور الرجالية فهناك العطور المنعشة وعطور الأزهار وهذه تناسب ذوات الشخصيات الجريئة المنفتحة، أما العطور الشرقية فتناسب النساء الغامضات. فيما تتميّز عطور البودرة بكونها ملائمة للنساء النرجسيات العاطفيات. وتناسب العطور الزهرية الفاكهية الشخصيات المتفائلة النساء الطموحات». أما العطور الرجالية فيقول عنها فريد: «إن أغلب الرجال يفضلون الروائح القوية والتي تبقى على الملابس لفترة طويلة، وقد يشتري المسافر مجموعة من العطور أحياناً، فهي تباع بسعر الجملة في فصل الصيف والسفر، وتتغير الأسعار فتقدم الكثير من المحال التجارية أسعاراً مخفضة من خلال عمل تنزيلات على البعض منها». بعض العطور يناسب مواسم معينة ولاتناسب أخرى يشرح فريد ويقول: «العطور التي تذكّر برائحة أطعمة معيّنة مثل الشوكولاتة والعسل والفواكه ممتازة في فصل الخريف. وتناسب عطور البودرة التي تنعش الجسم فصل الشتاء. أما عطور الأزهار فهي تبهج القلب في الربيع، في حين أن العطور المنعشة الخفيفة تنشط الجلد في الصيف». يعبّر العطر عن شخصية الشخص وعواطفه ولإيجاد العطر الذي يعبّر عنك ويجعلك أكثر جمالاً، يلفت فريد لبعض النصائح ويقول: «من الأفضل قراءة أسرار العطور، حيث إن العطر يصاحب الشخص كظله. أيضا لابد من شم رائحة العطر جيداً، والتفكير مليّاً قبل أن يقع الاختيار على اسم محدّد، فهو سيعبّر عن الشخص ويكشف خباياه. أما إذا كان اختيار العطر هديةً لشريكك، فأضفي عليه بعضاً من ذوقك. ولا تنسى، أنه ينبغي أن يحمل بعضاً من سمات صاحب الهدية.