تراجعت تكلفة البناء في أبوظبي خلال الربع الثاني من العام الجاري إلى 3 آلاف درهم للمتر المربع في المتوسط، مقابل 3500 درهم في الربع الأول من العام ذاته بانخفاض نسبته 14.3%، بحسب مقاولين ومسؤولين بقطاع الإنشاء. وأرجع هؤلاء تراجع تكلفة البناء إلى احتدام المنافسة بين شركات المقاولات، فضلاً عن انخفاض أسعار مواد البناء وفي مقدمتها الحديد، إضافة إلى تباطؤ نشاط البناء والتشييد مع اقتراب أشهر الصيف. وقال هؤلاء لـ”الاتحاد” إنه رغم عدم مساهمة الحديد بنسبة كبيرة في تكاليف البناء، فإن ارتفاعه بصورة مفاجئة خلال شهر مارس الماضي لأكثر من 3 آلاف درهم، مقابل نحو ألفي درهم في فبراير، دفع كثيراً من المقاولين لزيادة كلف البناء بمتوسط 5 إلى 10%، لتتراوح بين 3200 و3800 درهم، تحسباً لمزيد من الارتفاع في أسعار الصلب. وأوضح مراقبون أن السبب الرئيس وراء احتدام المنافسة بين المقاولين يرجع إلى تباطؤ حجم الأعمال بعد الأزمة المالية العالمية، فضلاً عن توافد العديد من شركات المقاولات العاملة في الإمارات الشمالية وبعض البلدان الخليجية للعمل في أبوظبي. وأكد هؤلاء أن اشتعال المنافسة لا سيما خلال أشهر الصيف التي تشهد مزيداً من التباطؤ في سوق البناء نتيجة خفض ساعات العمل، دفع مقاولين لخفض التكاليف، وتقليل هامش أرباحهم، لضمان الحصول على فرص تنفيذ المشاريع. من جهة أخرى، أكد مقاولون أن ارتفاع كلفة العمالة في أبوظبي قد يحد من استمرار تراجع تكاليف البناء في العاصمة، مؤكدين أن إلزام شركات المقاولات بنقل عمالهم خارج مدينة أبوظبي للمدن العمالية الجديدة قد يؤدي لزيادة تكاليف البناء، وهو ما استبعده آخرون مؤكدين أن ظروف السوق والمنافسة بين الشركات لن تسمح بأي زيادة. وكانت بلدية مدينة أبوظبي قد دعت مؤخراً ملاك المباني التجارية والفلل السكنية والعقارات في الأحياء السكنية والتجارية إلى عدم تأجير الممتلكات لفئة العمال بشكل فردي أو جماعي، وأكدت أهمية عدم تغيير أو تعديل تصاميم وهياكل المباني لهذا الغرض. ودعت البلدية جميع الشركات والمؤسسات لتسوية أوضاع العاملين بها، وتوفير السكن المناسب لهم خارج الأحياء السكنية، وذلك حرصاً على أمن وسلامة المجتمع وللحفاظ على المظهر المتميز لمدينة أبوظبي، مؤكدة أن جهات الاختصاص وفرت لهذه الفئات مرافق ملائمة في مناطق مخصصة لسكن العمال، بها كافة معايير السلامة والأمن والخدمات. أسعار الحديد وقال المهندس أشرف عبدالمعز استشاري إدارة المشاريع إن تراجع أسعار الحديد مؤخراً لنحو 2250 درهماً مقابل 3 آلاف درهم للطن في مارس يسهم في استقرار تكاليف البناء عند متوسط 3 آلاف درهم، بعدما شهدت تكلفة البناء زيادة طفيفة مؤخراً تبعاً لارتفاع الحديد. واستدرك عبدالمعز بالقول إن الحديد لا يعد المحرك الرئيس لتكلفة البناء، حيث لا تزيد مساهمة الحديد على 10% من تكاليف البناء، موضحاً أن الحديد في المتوسط يشكل 25 إلى 35% من تكلفة هيكل المبني، والذي يشكل بدوره نحو 30% من التكلفة الإجمالية للمشروع، فيما تستحوذ مواد التشطيب على نحو ثلثي المبني. وأضاف أن انخفاض مواد التشطيبات والتي يتم استيراد أغلبها من أوروبا، خاصة بعد انخفاض أسعار اليورو يسهم في انخفاض تكاليف البناء. وقال عبدالمعز إن بعض شركات المقاولات التي تتجه لخفض تكاليف البناء لأقل من 2500 درهم للمتر المربع أحياناً، غالباً ما تستند في ذلك على خفض مواصفات البناء، واستخدام مواد بناء من الدرجة الثانية أو الثالثة. تباطؤ الأعمال وقال المستشار عادل زكريا المدير التنفيذي لمركز الهندسة للاستشارات إن السبب الرئيس في انخفاض تكاليف البناء بوجه عام حالياً لتتراوح بين 3 و3.5 ألف درهم، مقابل نحو 6 آلاف درهم قبل الأزمة المالية العالمية، يرجع أيضاً بصورة رئيسة إلى احتدام المنافسة بين شركات المقاولات نتيجة تباطؤ حجم الأعمال بعد الأزمة، وتراجع كثير من الشركات العقارية عن طرح مشروعات جديدة. وأوضح زكريا أن زيادة تباطؤ نشاط البناء خلال أشهر الصيف بسبب خفض ساعات العمل، وتأجيل بعض الأعمال بسبب موسم الإجازات والسفر، يسهم من ناحية أخرى في خفض حجم الأعمال وبالتالي زيادة وتيرة المنافسة بين الشركات. وأضاف زكريا أن توافد عدد من شركات المقاولات العاملة في الإمارات الشمالية للعمل في أبوظبي أسهم أيضاً في احتدام المنافسة بين الشركات التي لجأت، لخفض كلف البناء، وتقليل هامش أرباحها، لضمان الحصول على أي مشروعات، مشيراً إلى أن أغلب الشركات تقبل تنفيذ أي مشروعات بأسعار منخفضة لتغطية التكاليف التشغيل الرئيسة بدلاً من التوقف التام عن العمل. وشهد قطاع المقاولات في إمارة أبوظبي تطوراً كبيراً خلال العام الجاري، وذلك بارتفاع عدد شركات المقاولات والمكاتب الاستشارية التي تم تصنيفها وتسجيلها من قبل دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، وأظهر التقرير التفصيلي للربع الأول من العام الحالي الذي أصدرته إدارة تصنيف المقاولين وتسجيل الاستشاريين في دائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي مؤخراً استمرار وتيرة التطور التصاعدي في جميع المعاملات المتعلقة بتسجيل الاستشاريين وتصنيف المقاولين بالعاصمة. وذكر التقرير أن إجمالي الزيادة في معاملات تصنيف المقاولين وصلت إلى 293 معاملة خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة 27% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما طلب 114 مقاولاً تصنيفهم للمرة الأولى، بزيادة نسبتها 18% على الفترة ذاتها من 2009، وتم تجديد تصنيف 101 مقاول بانخفاض نسبته 3%، فيما رفع تصنيف 72 مقاولاً مقابل 23 مقاولاً في الفترة نفسها من العام الماضي بزيادة 213%، وتمت إضافة تخصصات لـ 6 مقاولين بمستوى العام الماضي نفسه. وأوضح التقرير أن معاملات الاستشاريين زادت بنسبة 56.8% خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، إذ تم إنجاز 312 معاملة للاستشاريين تتضمن تسجيل 63 استشارياً جديداً مقابل تسجيل 38 استشارياً فقط خلال الربع الأول من العام الماضي، بزيادة نسبتها 66%، كما تم تجديد عمل 207 استشاريين مقابل 138 استشارياً العام الماضي بزيادة بلغت نسبتها 50% وتعديل وضع قانوني لـ12 مقاولاً وإضافة تخصصات لأكثر من 30 مقاولاً مقابل 13 بزيادة 131%. تكاليف العمالة ومن جانبه، أكد إبراهيم الخوري رئيس شركة طنب الكبرى للمقاولات أن ارتفاع تكلفة العمالة يحد من انخفاض تكاليف البناء في أبوظبي، موضحاً أن قرار بلدية مدينة أبوظبي مؤخراً بإلزام المكاتب الاستشارية الهندسية والشركات بمختلف أنواعها، بنقل عمالهم من داخل أبوظبي إلى المناطق المخصصة للعمال بالمدن العمالية الجديدة، يؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة بنسبة 50% على الأقل. وأوضح الخوري أن تكاليف البناء في أبوظبي انخفضت مؤخراً لتتراوح أحياناً بين 2500 و2800 درهم للمتر المربع، مشيراً إلى أن ارتفاع تكلفة العمالة يسهم في زيادة كلف البناء لأكثر من 3500 درهم.