تحولت مساحات شاسعة في إمارة رأس الخيمة إلى اللون الأخضر، جراء الهطول الغزير للأمطار الذي شهدته الإمارة في الأسابيع الماضية، ما أعاد النشاط إلى مهنة الرعي، أقدم مهنة في المنطقة، حيث خرجت قطعان الإبل والأغنام والماعز من حظائرها إلى البر لتبدأ موسم الرعي الذي يستمر حتى نهاية شهر أبريل المقبل· وتغير المشهد في مناطق الدقداقة والخران والهمهام والحمرانية والجزيرة الحمراء والظيت وشمل وشعم والرحبة وغيرها خلال الأيام الماضية، بعد أن نمت أعشاب الإتمام والحلم، والتسليح، وإركيمة وهي أعشاب تستسيغها الجمال في منطقة البر· ويبدأ موسم الرعي في منتصف ديسمبر من كل عام، وهو يمثل لأهل البر والجبل فرصة لإحياء عادات سنوية حافظ عليها الآباء والأجداد على مدى سنوات طويلة، كما يقول علي الخاطري الذي يضيف أن أعشاب البر تختلف عن أعشاب الجبل فأعشاب البر تصلح غذاء للجمال، وأعشاب الجبل مناسبة للماعز، حيث ينمو الخزير والخفى والجعدة والشوب ودان القطو، إلى جانب الأعشاب التي تصلح لغذاء للإنسان وتنمو في البر والجبل معاً مثل الحميض والفقع والطرطيد· ويحذر راشد الشحي من وجود بعض الأعشاب السامة التي قد تؤدي إلى نفوق الماعز حال تناولها مثل عشبة العتب ويقول هذه العشبة التي تنبت في مثل هذا الوقت من العام في البر كانت تستخدم في السابق لعلاج العديد من الأمراض· ويعتبر علي سعيد الحبسي من منطقة الحمرانية أن هذه الأعشاب التي تنمو دون تدخل من جانب الإنسان خلال هذا الوقت من العام تحمل الخير لأهل البر والجبل وهي مرتبطة بموسم المطر وتكون كثافة الأعشاب في البر والجبل على قدر كميات الأمطار الهاطلة، مشيراً إلى أن هطول الأمطار على معظم المناطق وفي توقيت مناسب في بداية شهر يناير تسبب في نمو الأعشاب بكثافة· ويضيف أن الأعشاب تحتوي على قيمة غذائية تفوق الأعلاف التي نادراً ما يلجأ إليها المزارعون خلال فصل الشتاء، مستذكراً كيف كانت المراعي الطبيعية تشكل جزءاً كبيراً من مساحة رأس الخيمة قبل الزحف العمراني· ويشير علي الدهماني أمير منطقة شوكة إلى أن رأس الخيمة كانت سابقاً مصدراً لتوريد الأغنام والماشية إلى الإمارات الأخرى من خلال ما تنتجه مزارعها، في حين باتت الآن تستورد احتياجاتها من الأغنام من الخارج بعد أن قل الاهتمام من جانب المواطنين بمهنة الرعي والزراعة، بسبب الاتجاه للوظيفة العامة، وزيادة ملوحة التربة وقلة الأمطار· وحذر الدكتور سيف الغيص المدير التنفيذي لهيئة حماية البيئة والتنمية برأس الخيمة والأستاذ بجامعة الإمارات من الآثار السلبية للري الجائر، الذي يعد أحد مسببات التصحر ودمار التربة، قائلاً إن أغلبية الحيوانات في المنطقة من النوع المجتر وتتغذى على أنواع معينة من النباتات· ''وبما أننا في منطقة صحراوية هشة وحساسة تفتقر إلى تعدد في أنواع النباتات، فإن ذلك يشكل تهديداً للبيئة حيث تتولى الحيوانات من خلال الرعي بهذه الطريقة تدمير النباتات التي يمكن في حال تركها فترة من الوقت أن تغني البيئة بما تمد به التربة من مواد عضوية وعليه يجب تنظيم عمليات الرعي العشوائي وتحديد مواسمه حفاظاً على البيئة المهددة بالتصحر''· ويرى الغيص أن الدراسات تؤكد أن مستوى ملوحة التربة في رأس الخيمة في تزايد مستمر نتيجة عدة عوامل من بينها انخفاض مستوى المياه الجوفية وتراجع معدلات سقوط الأمطار واضطرار المزارعين إلى حفر آبار على مستوى أعمق للحصول على المياه وكل ذلك يؤثر على مستوى المخزون الذي يجب مراقبته والتعامل معه بشكل أفضل كما يجب أن يكون هناك حزام نباتي لحماية مناطق التربة الخصبة بالإمارة وتقنين حركة السيارات ذات الدفع الرباعي التي تجرف التربة السطحية الخصبة''·