المأزق الروسي يربك سياسة الاتحاد الأوروبي للدفاع المشترك
تخيل أنك تقبل قرضا من شخص انتهيت للتو من جدل مقزز معه· هذا ما يفعله الاتحاد الاوروبي اضطرارا الان· فقبل يومين من اجتماع وزراء دفاع الكتلة في نورماندي لمناقشة وضع سياسة دفاعية مشتركة أكد رئيس مهمة حفظ السلام التابعة لهم في تشاد الجنرال الايرلندي ناش انه سيتسلم قريبا أربع مروحيات للنقل تشتد الحاجة إليها من···· روسيا! وبدلا من أن يديروا ظهورهم لروسيا بسبب غزوها لجارتها جورجيا رحب دبلوماسيو الاتحاد الاوروبي بحرارة بعرض موسكو للمساعدة·
وقالت متحدثة باسم خافيير سولانا المنسق الاعلى للسياسات الخارجية والأمنية بالاتحاد الاوروبي '' إنه لأمر ذو دلالة أن يكون بمقدورنا العمل مع روسيا برغم التوتر السياسي''· كما انه أمر ذو دلالة أيضا انه بعد 60 عاما من التعاون السياسي والاقتصادي لا يزال أعضاء الاتحاد الاوروبي مضطرين للاعتماد على خصوم محتملين لتعويض النقص في قدراتهم العسكرية· إنه أمر معبر ومفهوم في آن واحد ·
فقد خرج الاتحاد الاوروبي من بين ركام الحرب العالمية الثانية التي وضعت أكبر دوله في مواجهة بعضها البعض· وشكلت المعاناة التي نجمت عن ذلك مواقف الاتحاد الاوروبي نحو الحرب لأجيال قادمة· وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد هاريس في سبتمبر لحساب صحيفة فايننشيال تايمز أن غالبية الالمان والايطاليين والاسبان يعارضون إرسال قواتهم للدفاع عن دول البلطيق من هجوم روسي برغم التزام بلادهم بالدفاع عن الدول شركائها في عضوية حلف شمال الاطلسي· وأظهر نفس الاستطلاع أن أغلبية واضحة من الاوروبيين الغربيين لا يزالون يعارضون بشدة زيادة الانفاق على الدفاع·
وتشير تقديرات إلى أن الولايات المتحدة ستنفق 583 مليار دولار على الدفاع هذا العام - أي نحو ضعف الانفاق العسكري لدول الاتحاد الاوروبي الـ 27 مجتمعة عام 2007 · ومن بين كبريات دول الاتحاد فإن فرنسا وبريطانيا وحدهما تستثمران أكثر من واحد في المئة من الناتج المحلي الاجمالي لكل منهما على الدفاع· أما ايرلندا وفنلندا والنمسا والسويد فإنها تدافع بزهو عن حيادها· وقد جعلت فرنسا من تقوية السياسة الدفاعية على رأس أولوياتها وهي تشغل الان موقع الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي·ولا يزال أمامها الكثير من العمل·
وأمس الاول اجتمع وزراء دفاع الكتلة لمناقشة مستقبلها وعقد الاجتماع في دوفيل وهو منتجع فرنسي يقع على بعد نحو 20 كيلو مترا من شواطي الـ (دي- داي) حيث نزلت القوات الاميركية والبريطانية عام 1944 لمواجهة النازيين· وقد تضافرت عوامل نقص المال وغيره من التزامات والتي طالت الناتو والامم المتحدة لخلق اتحاد أوروبي يفتقر بشدة إلى الموارد المطلوبة لارساء نفسه كقوة عسكرية كبرى· وقد كشف العرض الروسي بالمساعدة مجددا عن نقص مزمن في المروحيات في قارة لا تعدم صانعيها - ومنهم شركة اوجستفيستلاند وشركة ايداس على سبيل المثال لا الحصر·
المصدر: باريس