توقعت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي أن يصل العجز عن تلبية الطلب على الوحدات السكنية في الإمارة بنهاية العام الحالي إلى نحو 28 ألف وحدة سكنية، فيما لن تلبي المشاريع العقارية الجديدة سوى 20% من الطلب الحالي على العقارات· ومن المتوقع أن يرتفع حجم الطلب على الوحدات السكنية الجديدة إلى حوالي 70 ألف وحدة بحلول العام ،2010 وذلك بحسب دراسة صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في الغرفة· ولكن الدراسة استبعدت في الوقت ذاته أن تشهد السنوات القليلة المقبلة زيادة حادة في الإيجارات مثلما حدث في الأعوام الأخيرة، مشيرة إلى انه رغم نقص المعروض إلا أنه من المتوقع ألا ترتفع الإيجارات عن حوالي 5% العام المقبل بالنسبة للوحدات الحالية، وبنسبة 10% بالنسبة للمباني الجديدة مقارنة بمعدلات الإيجار الحالية في السوق، إلا في حال تعرض السوق لظروف ''غير مألوفة''· وكانت أسعار الإيجارات ارتفعت بنسب وصلت إلى 17% خلال الربع الأول من العام الحالي بحسب أرقام رسمية، غير أن هناك أرقاماً غير رسمية تشير إلى ارتفاع بلغ 40% في المتوسط بالنسبة لعقود الإيجار السكنية الجديدة· إلى ذلك، دعت الدراسة إلى وضع سياسة واضحة يكون للقطاع الخاص دور محوري فيها لمحاربة التضخم ووقف أية زيادة في قيم الإيجارات الحالية، وذلك من أجل عودة الأسعار لمستويات معقولة، وأن يتم كذلك تحديد قيم الإيجارات حسب المناطق مع ضرورة إنشاء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود في الإمارة· وتأتي هذه الدراسة في الوقت الذي شهدت فيه أبوظبي زيادة مضطردة في الإيجارات خلال العامين الأخيرين، وتقدر مصادر في سوق العقارات الزيادة في الإيجارات خلال النصف الأول من العام الحالي بما يتراوح بين 30 و60%، غير أن حدة الارتفاع تراجعت خلال الربع الثالث، بحسب ما ذكره أصحاب مكاتب عقارية مؤخراً، رغم نقص المعروض· وحددت الجهات المعنية في الإمارة الحد الأقصى لزيادة الإيجارات خلال العام الحالي بنسبة 5% سنوياً، وهي نسبة تشمل حالات تجديد عقود الإيجار، كما تشمل تأجير الوحدات السكنية المؤجرة سابقاً لمستأجرين جدد· وتقوم لجنة فض المنازعات الإيجارية بالفصل في حالات زيادة الإيجارات، ويتعين على المستأجر التقدم بشكوى للجنة في حال مخالفة المالك لنسب الزيادة المحددة، فيما يترك تحديد قيمة الإيجارات في الوحدات السكنية الجديدة والتي تؤجر للمرة الأولى إلى معادلة العرض والطلب بالسوق· وعلى صعيد متصل، أكدت الدراسة أن إمارة أبوظبي تتمتع بتوفر جميع العوامل التي تجعلها مقصداً وبيئة خصبة لاستقطاب رؤوس الأموال من دول العالم، بفضل المبادرات والتحول الذي يشهده اقتصاد أبوظبي، والذي ساهم في زيادة الطلب على الوحدات السكنية مما ساهم كذلك بشكل نسبي في زيادة أسعار الوحدات السكنية، إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بارتفاع كلفة الإنشاء وزيادة أسعار مواد البناء، الأمر الذي أدى إلى خلق أزمة إسكانية في الإمارة، كانت لها انعكاسات ايجابية على مالكي العقارات وسلبية على الكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى· وأوضحت الدراسة أنه في عام 2005 بلغ عدد الوحدات السكنية في إمارة أبوظبي حوالي 287 ألف وحدة سكنية كانت كافيه لمقابلة الطلب في ذلك الحين، وكانت مستويات الإيجارات آنذاك متوازنة· ولم يشهد عام ،2006 رغم الزيادة في عدد السكان، إنشاء وحدات سكنية كافية جديدة تلبي الزيادة السكانية في الإمارة، مما تسبب في خلق عجز في تلبية الطلب قدر آنذاك بحوالي 3000 وحدة سكنية، وتفاقمت هذه المشكلة عام 2007 حيث لم يف حجم الإضافات من الوحدات السكنية بالطلب المتزايد على الوحدات السكنية، وتضاعف بذلك العجز ليصل لحوالي 13 ألف وحدة سكنية· وبحسب الدراسة، فقد استمرت المشكلة وتزايدت في عام ،2008 إذ أن الوحدات السكنية التي دخلت إلى السوق أغلبها ذات مواصفات راقية تلبي شريحة من الطلب محدودة من ذوي الدخول المرتفعة، وكانت في معظمها فلل وشقق فندقية، وظلت المشكلة تواجه الشريحة الأعظم في السوق وهم متوسطي ومحدودي الدخل، فهم الأكبر تأثراً بارتفاع الإيجارات· وأضافت الدراسة أن المباني التي في طور الإنشاء لن تلبي سوى حوالي 20% من الاحتياجات لعام ،2008 وحيث أن النقص في المعروض من الوحدات السكنية أدى إلى المزيد من ارتفاع الإيجارات وحيث أن الإيجارات تشكل النسبة الأكبر في إنفاق المستهلك والتي تقدر بما لا يقل عن 40%، فإن ذلك ساهم في وصول التضخم إلى معدلاته العالية· وأوضحت الدراسة انه في ظل حرص الإمارة على استقرار الإيجارات ومكافحة الأزمة، جاء قرار المجلس التنفيذي بتحديد نسبة الزيادة في القيمة الإيجارية السنوية بـ5% في إطار توجه الحكومة نحو تخفيض أعباء المعيشة على المواطنين والمقيمين في إمارة أبوظبي· وأشارت إلى أن القرار مؤشر للاهتمام الكبير الذي توليه الحكومة تجاه إيجاد بيئة معيشية تناسب جميع الفئات المجتمعية، وتقلل الأعباء والتكاليف على متوسطي ومحدودي الدخل، ولكن الأزمة تؤرق الشارع الاقتصادي وأصحاب الأعمال، لأنها ساهمت، بحسب الدراسة، في زيادة تكاليف وأعباء الشركات والمؤسسات، الى جانب النقص في المعروض من الوحدات لموظفي الشركات الجديدة واحتياجاتها للمكاتب والعقارات· وأكدت انه رغم استمرار نقص المعروض في الوحدات السكنية إلا أن إيجار الوحدات السكنية لن يشهد ارتفاعات كبيرة في الأعوام المقبلة كما حدث خلال السنوات الماضية، وأن الزيادة في الإيجارات الجديدة يتوقع أن ترتفع بنسبة لا تتجاوز 5% عما هي عليه الآن، إلا إذا حدثت تطورات غير مألوفة في السوق· وفيما يخص الوحدات الجديدة، فإن القيمة الايجارية لها ستكون في حدود 10% من سعر الإيجار للوحدات الحالية· كما أشارت الدراسة إلى أن الإيجارات دفعها للصعود توقعات المستثمرين لعوائد عالية من استثماراتهم العقارية، حيث يتوقع المستثمرون عوائد بلغت في بعض الوحدات السكنية 140%، كما أن استمرار زيادة القيم الإيجارية في إمارة أبوظبي يؤدي إلى ظواهر اجتماعية واقتصادية سالبة سيكون لها انعكاسات على الوضع الاقتصادي الكلي وعلى جذب الاستثمارات، كما أنه سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والاستثمار· وأضافت انه يمكن للقطاع الخاص أن يساهم ''بشكل جدي وحقيقي'' في علاج هذه الظاهرة ولديه القدرات على تلبية جميع احتياجات السوق من الوحدات السكنية وخاصة المتعلقة بتوفير سكن لذوي الدخل المحدود، ولذلك لابد من تشجيع وتوسيع دور القطاع الخاص في توفير السكن لذوي الدخل المحدود· وأوصت الدراسة بمجموعة من الخطوات تشمل معالجة الإيجارات في إطار محاربة ظاهرة التضخم، ووضع نظام يحدد مستويات الإيجارات حسب المناطق، ووضع استراتيجية تربط بين حجم نمو الطلب المتوقع على المساكن والنمو في العرض، في إطار خطط التوسع الاقتصادي للإمارة، ووضع خطة إسكانية وبناء مجمعات في إمارة أبوظبي بمواصفات تلبي الطلب من شريحة ذوي الدخول الدنيا والمتوسطة، اضافة الى ضرورة تدخل الجهات الرسمية لوضع أنظمة وقوانين ولوائح تنظم القطاع العقاري وتتحكم في ارتفاع القيمة الايجارية بحيث تساهم في إعادة الإيجارات لمستويات مناسبة· كما دعت إلى تشجيع وتحفيز مشاركة القطاع الخاص في بناء مجمعات سكنية لذوي الدخل المحدود، وتنظيم عمل الوسطاء ومنع ظاهرة ''الخلو''، وتسهيل الموافقات لاستغلال الفلل كمكاتب، والبدء في بناء مجمعات للدوائر الحكومية حيث إنها تستغل جزءاً من المباني والفلل المعروضة