وصفت الحكومة السودانية حكم محكمة الجنايات الدولية بإضافة تهمة الإبادة الجماعية إلى تهم جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية في حق الرئيس عمر البشير بالقرار السياسي الذي يستهدف إجهاض جهود السلام في دارفور، وقالت إنها سترد عليه "بمزيد من الإنجاز وستمضي في تحقيق غاياتها دون الالتفات إلى المحاولات اليائسة التي تهدف لزعزعة استقرار البلاد وإيقاف عجلة التنمية". وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام الدكتور كمال عبيد في بيان إن الحكومة "ليست معنية بهذه المحكمة وبقراراتها التي تستهدف إفشال الوساطة المشتركة لقطع الطريق أمام جهود تسوية قضية دارفور". وأضاف "الدليل على ذلك التوقيت الذي صدر فيه القرار بالتزامن مع بدء تطبيق ترتيبات جديدة اتخذتها الحكومة لإنهاء الأزمة بموافقة نواب البرلمان المنتخبين من قبل أهل دارفور". من جانبه وصف المندوب الدائم للسودان لدى الأمم المتحدة السفير عبد المحمود عبد الحليم قرار الجنائية بأنه "محاولة خسيسة ويائسة للابتزاز والضغط السياسي في إطار الدور التخريبي المرسوم لهذه المحكمة ضد السودان وهو تحرك يهدف إلى تدمير فرص السلام في السودان وإيجاد الظروف المفضية لتجزئة وانقسام البلاد والقضاء على مفاوضات الدوحة خاصة بعد التطورات الإيجابية بالنسبة لاستراتيجيات ومناخ التفاوض". وقال عبد الحليم لوكالة السودان للأنباء إن هذا القرار "والذي ندينه بأقسى العبارات يعكس الهزيمة النفسية لهذه المحكمة المسيسة بعد أن صوت شعب دارفور بما في ذلك سكان المعسكرات لصالح رئيس الجمهورية" .وأضاف أن هذا القرار "لا يضيف جديداً لما نعلمه عن هذه المحكمة المخربة ولن يغير من مواقفنا إزاء ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية ومن يقف وراءها من أعداء السودان". في السياق أكد الأمين السياسي للمؤتمر الوطني بروفسير إبراهيم غندور أن السودان سيسعى بكل الوسائل الدبلوماسية عبر حشد الدعم العربي والأفريقي والدولي من أجل إيقاف تحركات المحكمة الجنائية، مشيراً إلى "بينات ودلائل ساقها سودانيون بالداخل والخارج وعدد من المحامين للمحكمة تنفي التهم عن الرئيس البشير، إلا أنها لم تنظر لتلك البينات مما يعبر بوضوح عن موقفها السياسي تجاه القضية". وفي المقابل، أعلنت الولايات المتحدة أن على الرئيس السوداني المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بعد اتهامه بارتكاب إبادة في دارفور. وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيليب كراولي "عليه المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية والرد على الاتهامات التي سيقت ضده". وأضاف "كلما كان مثوله أمام المحكمة أقرب كلما كان أحسن". وحسب كراولي فإن المبعوث الأميركي الخاص للسودان سكوت جريشون، سيصل إلى المنطقة الأسبوع المقبل، وسيجدد دعوته إلى البشير من أجل "التعاون الكامل" مع المحكمة في لاهاي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعرب أمس الأول عن قلقه بعدما اتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب إبادة. وقال المتحدث فرحان حق خلال مؤتمر صحافي إن بان "قلق بشدة حيال طبيعة الاتهامات التي وجهت إلى الرئيس البشير". وحض الأمين العام حكومة الخرطوم "على الدعم الكامل لعمل المحكمة الجنائية الدولية ومواجهة مشاكل العدالة والمصالحة". إلى ذلك، رحب نشطاء في مجال حقوق الإنسان بإصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال ثانياً بحق الرئيس السوداني وشددوا على ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي على السودان لتسليمه للمحكمة. وقالت إليس كيبلر من منظمة "هيومان رايتس ووتش"، غير الحكومية، في بيان إن القرار الجديد يصور الرئيس البشير "المراوغ" بصورة "أكثر وحشية" من تلك التي أظهرها الأمر الأول. وأضافت المنظمة :"يتعين على مجلس الأمن الدولي والحكومات الأخرى ذات الصلة الضغط على السودان للكف عن الوقوف في طريق تنفيذ الأمر، وتسليم البشير للمحكمة". ووصفت منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان"، غير الحكومية أيضاً، مذكرة الاعتقال بأنها "تقرب العدالة من الآلاف من ضحايا حملة البشير". ووجهت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أمس الأول إلى البشير اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة معتبرة أن هناك "معطيات أساسية" تدفع إلى الاعتقاد بأن الحكومة السودانية استهدفت في الإبادة قبائل الفور والمساليت والزغاوة. وفي مارس الماضي أصدرت محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي مذكرة توقيف بحق البشير، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، للمرة الأولى بحق رئيس حالي، إلا أنها لم توجه إليه تهمة الإبادة. ويرفض البشير الاعتراف بصلاحية المحكمة كما رفض أن يسلم مطلوبين من حلفائه. وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 300 ألف سوداني قتلوا منذ اندلاع الصراع في دارفور في عام 2003. موسى: علامات استفهام حول توقيت الاتهام القاهرة (الاتحاد) - أكد الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وجود علامات استفهام حول قرار المحكمة الجنائية الدولية بإضافة تهمة جريمة الإبادة الجماعية للتهم الموجهة للرئيس السوداني عمر البشير وتوقيت هذا القرار، محذراً من أن هذا القرار يمكن أن يزيد الوضع في السودان إرباكاً. وشدد موسى أمس على ضرورة الحفاظ على الوضع في السودان والتمهيد للاستفتاء المرتقب حول تقرير مصير جنوب السودان طبقاً لاتفاقية نيفاشا، معرباً عن أمله في ألا يحدث ما يمكن أن يزعج هذا التطور الهام الذي يتحرك نحو تنفيذ اتفاقية السلام الشامل. وحول إمكانية أن يعرقل قرار الجنائية الدولية مسار مفاوضات الدوحة بشأن أزمة دارفور قال «نرجو ألا يؤدي القرار إلى عرقلة هذا المسار». ولفت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تسير في اتجاه مخالف ومغاير لتقارير الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي الموثقة والتي تكشف عن انه لم تحدث إبادة جماعية في دارفور. وقال موسى إنه سيبدأ اليوم جولة خارجية يستهلها بزيارة سوريا ثم النمسا يلتقي خلالها مجلس السفراء العرب في فيينا.