ما أجمل براءة الطفولة عندما تختلط بالشعور بالمسؤولية، فقد جاءتني ابنتي الصَّغيرة، الَّتي لم تبلغ الخامسة من عمرها وكانت قادمة من الروضة، وهي تحمل بيدها صحيفة وقالت لي وبكل براءة الطفولة ''أمي! هذه لإعادة التَّدوير!'' فقلت لها باركَ الله فيكِ يا ابنتي، لأنني اعتقدتُ أنها وجدتها في الشارع، فإذا بأختها التي تكبُرها بعام واحد تحمل أيضًا بيدها صحيفة تقول لي نفس الكلام وصديقتهما هي الأخرى فعلت مثلهما، فاستغربت وسألتهنَّ عن مصدرها! فأجبنَ وبنفس البراءة '' لقد وجدناها بجانب الدُّكان!!!!''· لقد أخذنَّ الصُّحف المعروضة أمام دكان البِقالة، لاعتقادهنَّ أن لا أحد يريدها، وأحضرنَّها لنرسلها إلى مصانع إعادة التَّدوير، وطبعًا قمت بإعادتها إلى محل البقالة مع الاعتذار له· هذا الموقف أشعرني بالحرج والسَّعادة في نفس الوقت، الحرج من صاحب المحل، وبالسَّعادة لأن هؤلاء البنات الصَّغيرات اللَّواتي لم يتجاوزنَّ السَّادسة، أحسسنَ بالمسؤولية، وأنَّ تعليمي لهنَّ في الحفاظ على البيئة قد أثمر، ولو بطريقة محرجة لكنهنَّ تصرفنَّ من منطلق البراءة· وما أسعدني أكثر وأشعرني بالفخر، أنهما شجعا صديقاتهنَّ أيضًا، وأصبحن قدوة لغيرهنَّ في الأعمال الإيجابية· فلو علمنا أطفالنا ثقافة إعادة التَّدوير وكيف يحافظون على بيئتهم الَّتي يعيشون فيها، سيصبحون هم المراقبون على أنفسهم، وستقل كمية النِّفايات الَّتي ترميها كلُّ أُسرة، لأننا لو أخرجنا الورق والبلاستيك والزُّجاج والعلب المعدنية من نفاياتنا، سنُقلص النِّفايات الَّتي يتم حرقها أو دفنها، وبدون مبالغة إلى الربع،· أقول ذلك عن تجربة شخصية· زهراء إبراهيم