هناك المئات من الصيادين والمزارعين يناشدون حكومتنا الرشيدة، تشكيل لجان تحقيق لبحث أوضاعهم، على أن لا تكون تلك اللجان تابعة لأي جهة لها صلة بالقطاعين، حتى يرى أفراد تلك اللجان الصورة من خارج الإطار، ويتلمسون مواطن الخلل دون أن يميلوا كل الميل؛ لأن الوضع أصبح بحاجة لوقفة حاسمة، والدولة بإمكانها اليوم أن تقدم الدعم بشكل أفضل وأكبر مما كان عليه في السبعينيات، خاصة في ظل وجود الكثير من التقنيات التي سوف تساعد على إبراز القصور، ووضع الدعم الذي يسهم في جعل أصحاب الزراعة والبحر، يقبلون على مهنتهم ويعملون على تطويرها بدل هجرها. خلال كل زيارة لأي منطقة من مناطق الدولة، للقاء الصيادين أو المزارعين نتساءل: أين يكمن الخلل وعلى من تقع مسؤولية انتشال قطاع الزراعة والصيد من التدهور الحاصل؟ لأن الشكوى ليست من فرد أو مجموعة صغيرة من الأفراد، وإنما هناك إجماع أو شبه إجماع على أن الصياد والمزارع يواجهان تحديات كثيرة، بدءاً من مرحلة قبل الدخول إلى البحر وحتى العودة إلى السيف أو الفرضة، وكذلك حال المزارع الذي ينفق أكثر مما يملك، وفي نهاية الأمر يجد مجموعة من التجار الآسيويين يقفون له بالمرصاد، بعد أن يتم الاتفاق بينهم على سعر محدد، إما أن يقبل به أو يعود بإنتاجه إلى قريته أو مدينته. الصيادون لديهم المعاناة ذاتها مع الجنسيات ذاتها التي استحوذت على الأسواق، ولا توجد أي آليات تعمل على تحجيم أدوار تلك الجنسيات، فأصبحوا هم السماسرة وهم التجار وهم من يفرضون أسعار الشراء على الصياد، وهم من يحددون أسعار البيع للمستهلك؛ ولذلك تخسر الدولة كل يوم كفاءات مواطنة في مجالي الصيد والزراعة، ولن نجد بعد عدة سنوات ما يمكن أن نتفاخر به ضمن إطار توطين المهنة؛ لأن المهنتين أصبحتا طاردتين وتشكلان عبئاً، في ظل عدم وجود قرارات حاسمة لصالح الصياد والمزارع، ليستمر كل منهما في مهنته، ويحصل على الدخل الذي يسد رمق أسرته ويعينه على مواجهة أعباء الحياة. وأهم من ذلك تشجيعه على عدم هجر المهنة، حفاظاً عليها من الاندثار. المحررة