دينا محمود (لندن)

ماجت وسائل التواصل الاجتماعي في تركيا بالتكهنات حول أسباب الاختفاء المفاجئ الذي استمر أكثر من أسبوع للرئيس رجب طيب أردوغان، بعدما كانت صوره وتصريحاته لا تغيب عن شاشات المحطات التلفزيونية المحلية، وهو ما أثار الكثير من الشائعات، التي تحدث بعضها عن إمكانية أن يكون أردوغان قد أصيب بمكروه، وذلك قبل أن يصدر بيان رسمي يشير إلى استقباله رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد الذي يزور أنقرة حالياً.
وخلال أيام الغياب غير المعتاد هذه، ازدادت حدة السجال بين الأتراك حول أسبابها، خاصة أنها تزامنت مع العديد من التطورات المتلاحقة على الساحتين الداخلية والخارجية، وعلى رأسها مواصلة الجيش التركي تسلم مكونات صفقة الصواريخ الروسية المتطورة للدفاع الجوي من طراز «إس - 400»، وما يرتبط بذلك من مشاورات تجري بين كبار المسؤولين في أنقرة وواشنطن، من أجل احتواء الأزمة التي تفجرت بين البلدين جراء ذلك.
واستغرب محللون سياسيون احتجاب الرئيس التركي وسط هذه الأزمة، إذ كان يُتوقع منه أن يخرج كالمعتاد بتصريحات يحاول من خلالها طمأنة مواطنيه القلقين من تَبِعات العقوبات الأميركية الوشيكة، التي يتخوف الأتراك من أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب بلادهم منذ أكثر من عام.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية، زاد من غرابة اختفاء أردوغان -الذي استمر لفترة أطول من المألوف- أنه تواكب مع تزايد التوقعات الخاصة بقرب إعلان عدد من حلفائه السياسيين السابقين، ومن بينهم رئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو ونائب رئيس الحكومة السابق علي باباجان والرئيس السابق كذلك عبدالله جول، انشقاقهم عن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وتشكيل حزب أو حزبين جديدين.
وبدأت فترة الغياب التي وُصِفَت بالاستثنائية للرئيس التركي، بُعيد إحياء الذكرى السنوية الثالثة لمحاولة الانقلاب التي استهدفت إسقاط نظامه في منتصف يوليو 2016. فمنذ ذلك الوقت وحتى صباح أمس الأول، لم يظهر أردوغان في أي لقاء تلفزيوني، ولم يلق أي كلمة أمام الجماهير، كما لم يلتقِ بأيٍ من كبار الشخصيات المحلية أو الأجنبية، إلى أن خرج إلى العلن مرة أخرى مُستقبلا مهاتير محمد.
ووفقاً لموقع «أحوال» المعني بالشؤون التركية، كان سؤال «أين أردوغان» هو الشغل الشاغل للأتراك على مدار الفترة الماضية، بعد أن أذكى ابتعاده عن المشهد العام أقاويل تعدت كل الخطوط الحمر المتعارف عليها في التعامل مع شخص الرئيس من جانب مواطني هذا البلد، إذ تحدث البعض عن أنه ربما يكون قد فارق الحياة جراء أزمة قلبية مفاجئة، وأن ستاراً من السرية أُسْدِلَ على هذا الأمر.
وبلغ انتشار هذه الشائعة حداً أجبر ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب «العدالة والتنمية» على النفي العلني لها، والقول إن الرئيس التركي يقضي في «كل عام وفي هذا التوقيت بالذات، كما جرت العادة.. إجازة رسمية». لكن أقطاي لم يفسر أسباب قطع أردوغان إجازته المزعومة واستقباله رئيس الوزراء الماليزي دون مقدمات.
ولم يتردد الكثيرون من الإعلاميين والنشطاء في التشكيك في فرضية العطلة السنوية التي تحدث عنها أقطاي، واستندوا في ذلك إلى ما قاله الصحفي بلاميش جكتو كاتب العمود في صحيفة «جونبيو» التركية، من أن مصادره في القصر الرئاسي لم تؤكد له قيام أردوغان بأي إجازة خلال الأيام الماضية. ونقل جكتو عن هذه المصادر قولها إن الغموض حول مصير الرئيس التركي كان قد تزايد بعدما أُعلِنَ بشكل مفاجئ عن إرجاء اجتماع كان من المقرر أن يعقده مع مسؤولين مصرفيين، لبحث النزيف المالي الذي يعاني منه القطاع المصرفي في البلاد.