في اليوم الرابع للهدنة، لا تزال شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية عالقة عند الحدود التركية السورية بانتظار أن يفتح لها الطريق للتوجه إلى أحياء حلب الشرقية المحاصرة وسط توتر روسي أميركي حول تنفيذ الاتفاق. وينص الاتفاق الروسي الأميركي، الذي تسري بموجبه هدنة تستثني الإرهابيين منذ مساء الاثنين، على إدخال مساعدات إلى المدن المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها. وتأمل الأمم المتحدة بإدخال 40 شاحنة مساعدات تكفي 80 ألف شخص لمدة شهر واحد في الأحياء الشرقية في مدينة حلب، والتي تسيطر عليها الفصائل المعارضة ويعيش فيها 250 ألف شخص. وقال ديفيد سوانسون، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في مدينة غازي عنتاب التركية، إن الشاحنات لا تزال تنتظر في المنطقة العازلة عند الحدود التركية السورية. وأضاف "التحدي، الذي لا نزال نواجهه وهو أمر محزن فعلا، هو ضمان التوافق بين أطراف النزاع والجهات التي تتمتع بنفوذ عليها". ويفترض أن تمر الشاحنات عبر طريق "الكاستيلو"، التي تشكل خط الإمداد الرئيسي إلى الأحياء الشرقية، وتسيطر عليها قوات النظام منذ أسابيع، ما أتاح لها فرض الحصار على المناطق المعارضة. وقال مراسل صحفي في الأحياء الشرقية إنه لم يتم تسجيل أي حركة على طريق الكاستيلو، والتي ينص الاتفاق الروسي-الأميركي على تحويلها إلى منطقة خالية من السلاح. وأعلنت موسكو، أمس الخميس، عن بدء انسحاب الجيش السوري من الطريق، حيث أقامت القوات الروسية مركزا لمراقبة لتطبيق الاتفاق. وأوضح مصدر ميداني سوري أن "عملية إخلاء النقاط على طريق الكاستيلو عبارة عن عدة مراحل، بدأت بسحب الآليات الثقيلة". وأكد المرصد السوري أن الفصائل المعارضة المتمركزة في نقاط عند بداية الطريق ونهايتها لم تنسحب من مواقعها حتى الآن. ولخص سوانسون الوضع بالقول "الأمر محبط كثيرا بالنسبة لنا كعاملين في الشأن الإنساني. نحن هنا، نحن على الأرض ومستعدون للتحرك". وأضاف "العالم كله يراقب". ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سوريا مساء الاثنين، وجرى تمديدها 48 ساعة إضافية تنتهي مساء اليوم الجمعة. ومنذ بدء سريان الهدنة، توقفت المعارك بشكل كامل تقريبا بين قوات النظام والفصائل المعارضة على غالبية الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة. ويستثني الاتفاق الروسي-الأميركي تنظيم "داعش" الإرهابي وجبهة فتح الشام اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد. وبموجب الاتفاق تمتنع قوات النظام السوري عن القيام بأي أعمال قتالية في المناطق التي توجد فيها "المعارضة المعتدلة" والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي توجد فيها جبهة فتح الشام. ولكن العائق الأساسي يكمن في تحالف جبهة فتح الشام مع العديد من الفصائل المقاتلة في مناطق عدة أبرزها محافظة إدلب (شمال غرب) وريف حلب الجنوبي. وإذا صمد اتفاق وقف الأعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي إلى تعاون غير مسبوق بين موسكو وواشنطن لمواجهة التنظيمين. إلا أن موسكو اتهمت واشنطن بعدم الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاق، وخاصة في ما يتعلق بفصل الفصائل المعارضة عن جبهة فتح الشام. أما واشنطن فاتهمت بدورها النظام السوري بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية في حلب، كما هددت بعدم التعاون عسكريا مع روسيا في حال انتهاك الهدنة. ويعقد الرئيس الأميركي باراك أوباما اجتماعا، اليوم الجمعة، مع مستشاريه للأمن القومي وبينهم وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع آشتون كارتر، لبحث الاتفاق مع روسيا. وتسعى موسكو، بحسب سفيرها لدى الأمم المتحدة، إلى استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يدعم الاتفاق.