يسعى نادي تراث الإمارات ضمن أهدافه الحفاظ على نشر تراث دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك من خلال الدعم اللامحدود من قبل سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس نادي تراث الإمارات، ووضعه محققاً ومُؤلَفَاً بين أيدي أبنائه من الجيل الجديد ليكونوا على دراية تامة بتراث آبائهم وأجدادهم الأوائل الذين بذلوا الجهود الكبيرة من أجل إرساء دعائم الوطن العزيز· وقد بدأ نادي ترث الإمارات منذ تأسيسه الحرص عبر مركز زايد للتراث والتاريخ ولجنة الشِّعر الشعبيّ التابعين له أن يرفد المكتبة المحليّة والعربيّة على السواء بإصداراته من الكتب المُحَقَقَة والمُؤلَفَة والدواوين الشِّعريّة خاصّة من الشِّعر النبطيّ في الدولة· صدر الديوان الشِّعريّ لمُوزة بنت جمعة المهيري كأول ديوان شعر يصدر ضمن سلسلة التراث الشِّعريّ الشعبيّ الإماراتي غير المنشور عن مركز زايد للتاريخ والتراث التابع لنادي تراث الإمارات الذي قامت لجنة الجمع والتحقيق بجمعه من الرُّواة وحفظة شعر المهيري وأبنائها، وتألفت اللجنة من: الدكتور فايز القيسي، وشيخة الجابري، وعذيجة الخيلي، وفاطمة الظاهري، وراجعته ودققته شيخة الجابري· وتوزع الديوان على قسمين تناول القسم الأول: سيرة الشّاعرة مُوزة بنت جمعة المهيري وشعرها، وبيان تجربتها الشِّعرية، وإيضاح أبرز محاور شعرها· أما القسم الثاني من الديوان فضمّ ثمانٍ وخمسين قصيدة هي مجموع ديوانها المجموع من قبل لجنة الجمع والتحقيق· سيرة الشّاعرة ورد في هذا القسم ذكر معلومات وافيّة عن سيرة الشّاعرة مُوزة بنت جمعة المهيري وشعرها، حيث تُعَدُّ المهيري عميدة الشِّعر الشعبيّ في دولة الإمارات العربية المتحدة، وولدت عام 1900م· وقد بدأت الشّاعرة نظم الشِّعر في مرحلة مُبكرّة من حياتها، حتّى ذاع وأنتشر بين النّاس، كما تناقله رُواة الشِّعر الشعبيّ وحفظته، لمّا يتميّز شعرُها من سهولة الألفاظ، وصدق المعاني، ولكن أغلب شِعْرَها فُقِدَ وضاعَ ولم ينتَهِ ويُحفظ إلاّ النزر اليسير منهُ، ويرجع ذلك إلى عدّة أسباب منها: غياب توثيق الشِّعر الشعبيّ بصورة عامة في دولة الإمارات، خاصّة في فترة شهدت نبوغ المهيري ونُضجها الفنيّ والشِّعريّ، إضافة إلى وفاةِ العديدِ من حَفَظَةِ وَرُواةِ الشِّعرِ إلى رحمة الله تعالى· أما تجربة الشّاعرة مُوزة الشِّعرية فتشيرُ بعض الروايات إلى أنّ نتاجها الشِّعري من القصائد لم يكن شحيحاً، ويُعَدُّ السّيد راشد بن سيف بالحايمة في مُقدمة النّاس الذين رَوَوا شعر الشّاعرة مُوزة المهيري، والتي ترى في بعض قصائدها بأنّ الشِّعر تعبيرٌ فنيّ عن المُعاناة الذاتيّة والتجربة الشُّعوريّة، وأنّ العمليّة الإبداعيّة صَعبة ولا تأتي في الأوقات كُلِّها، حيث تقول الشّاعرة في إحدى قصائدها: درْب الشِّعر مرقاته تعِيب ولا لَهْ على قلبي طرايات كما تشير الشّاعرة مُوزة بأنّ دوافع نظم الشِّعر عندها لا يأتي على سُنَنٍ واحدة، ولا في كلّ الأوقات، إذ للوقت فعاليته في نَظمها الشِّعريّ، وتقول في واحدة من قصائدها: توَ الشِّعر في خاطِرِي زَان تَوّه لِفَا وأفْتَجْ بَابَه وقد خاطبت مُوزة المهيري ابنها سعيداً أن يجمع قَصائدها المُتناثرة في ديوان يضمها معاً بقولها: عن لا تِشْمّتْ بِي حَسَاسيد حطّوا مَقالي وسَط دِيْوان أما محاور شعرها التي ذكرت في القسم الأول فتوزعت مابين الوجدانيات، والمجتمع الإماراتيّ وأحوالهِ، والبيئة والطبيعة الإماراتيّة التي عبّرت عنها بعدد وافر من القصائد الجميلة التي ذكرت في هذا القسم· ديوان المهيري اشتمل القسم الثاني من ديوان الشّاعرة مُوزة بنت جمعة المهيري على ثمانٍ وخمسين قصيدة وردت على النحو الآتي:'' مِنحاف، بلاع، سَمْحة، روس العراجيب، الكِبَر، هب السهيلي، درب الشِّعر، السِدرة، عيني اليُمنى، سرنا حدّ الخُوير، ماهوب متشرة وزعلان، شرفت ويلا الشرف سايل، يا زين يا حلو الادلايل، ياسيف مليت الحدادير، خايلت برق، جمعة مسوي عد ماثور، قول الشِّعر، كواكب، حيا بياضي، جيت متنومس وفرحاني، بستان قلبي صابه الهيف''· ومن قصائد الديوان الأخرى: ''عود المجيلة، ياغر يا مهضوم الخصور، الصبا، حيّ بسلامة ولد خلفان، حيّ الضَعَن، ونتي والنفس مشغوبة، مساهرة عيني ولا تبات، تسقون يا نزلة كواكب، ريت عندك يالغضي حورة، يا حيّ قول الشاعر وتم، الريم والغزلان، يعل ذاك الشرف سحاب، بين الحمام وبين ركبان، يا ربيع الطيبي، ياغريب الراعبي صاحي، يا ساير بالخبر مصدوق، يون قلبي م المهانة، يا فطيم، جيب الطريجي، خايلت برق مساويد، غالين وأحشام، مرحباً حيّا الله الخط، أهلاً بسلامة ولد الكليب، لكين تسوى، درب المودين، لو ولاني الشُّور، طاح السهيلي، أرذيتني بالعدّ يا رشيد، الزين نطرب له نشتاق، شرتا الجنوبي، اللي هوايَه مِن هواهُم، يعل ذاك البدو يسلم، حظك عدل يازاكي الجد، شرف المهايا، ياسيف جانك باتثيبي، شكيت، أمزون هلّت أمطوره''· نماذج من الديوان نورد بعض النماذج من قصائد الشّاعرة مُوزة المهيري التي وردت في الديوان، وأول مُختاراتنا قصيدتها المُعنونة ''سَمْحَه، حيث فقدت ناقة الشّاعرة مُوزة المعروفة بـ'' سمحه'' وليدها بالقرب من البيت فأخذها الحنين إليه، الأمر الذي أثار شَجَن الشّاعرة فأصابها الِحُزنِ لحُزنِ ناقتها سَمْحَه، وقالت فيها: آه ياقلبٍ تولّع بالونين مِن ونينه سهّر النّاس الرقُود اسْهرتني لي تِهرِيع بالحنين تلتعي بالصوت وتشْم اليلود مرحباً باللي تدِّورلي جنين تلتعي شروا تقصّيف الرعود بينَت عوقٍ مغبّا مِن سنين بينّت عوقي عقب ما يحود لِمس قلبي مثل ضرب الخايطين لي ميابِرهُم قويّات الحدود دمع عيني يروي اللي حايمين لي سقوا بَه يوم كضّات الورود طالبنّك يا إلهي يا عوين أنت تعطينا ومن فضلك نجود وقالت المهيري في قصيدها ''عود المجيله'': راح وينه عُود المِجِيله لي مديم وبارد ظلاله ياه ريحٍ شلّهْ بْسيله وآزمت لعيون همّاله قلت أنا روحي بَرِوّيلَهْ جاد ينقص عود مِ الْهاله سِرْت صوب الورق بشكيلَه قال اشوف الحال لا تساله غير بانزرع تماثيله جان بانعتاض ف أبداله وهذه قصيدة ثالثة من مُختاراتنا من ديوان مُوزة المهيري بعنوان'' قول الشِّعر''، حيث بعثَ الشاعر محمّد بن سُوّادة مِشكاة إلى الشّاعرة فردّت عليه بقولها: قول الشِّعر ماله معي طور يا غير باثيب المشاجاه يابو جسيم تْغلّق الشور عند الذي يزهي بحنّاه والزين يبغي حظٍ يثور ماهوب صيده من تمنّاه مْهضمٍ عوده ومخصور يا محلى بَيّةْ دعاياه ياعين حرٍّ فوق الوكور وإن عاد بالتلواح تدعاه مْضرِّيٍ ماهوب مدحور ومْشرّغٍ وكل النّاس تهواه هذا زد النّاس ماجور غالي وكل النّاس تهواه لي مِن خِلِجْ ماشرْب مِ الخور ولا سِكَنْ في دار مظْماه