عبدالرحمن إسماعيل (أبوظبي) ? تواصلت موجة التصحيح القاسية والمؤلمة للأسهم المحلية للجلسة الثانية على التوالي أمس، لتفقد الأسواق 24 مليار درهم جديدة من قيمتها السوقية، لترتفع جملة خسائر الأسواق في جلستين فقط إلى 50 مليار درهم، في مؤشر على حدة الهبوط الذي تتعرض لها، وتفاقم ضغوط «المارجن كول»، التي تتواصل من قبل شركات وساطة للضغط على عملائها المقترضين لتغطية مراكزهم المالية. وفشلت الأسواق في الاحتفاظ بارتدادها القوي بداية ومنتصف الجلسة، بعدما قام متداولون بالهامش ومضاربون بتنفيذ صفقات تكتيكية استهدفت تصريف ما لديهم من كميات من الأسهم بالبيع عند مستويات سعرية أعلى، والخروج من الأسواق، وهو ما وصف بارتداد وهمي، وفقا ما قاله المحلل الفني فادي الغطيس مدير شركة ثنك للدراسات المالية. وتراجع مؤشر سوق الإمارات المالي خلال جلسة الأمس بنسبة 3,1%، محصلة تراجع مؤشر سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 2,4%، بعدما عكس السوق ارتداده الصعودي منتصف الجلسة نحو الهبوط السريع، فيما واصل سوق دبي المالي هبوطه القوي بنسبة 4,1%، ليخسر السوق في جلستين 9,5%، وأكثر من 13% منذ بداية موجة التصحيح قبل أسبوع. واعتبر محللون ماليون وفنيون أن ضغوط شركات الوساطة والبنوك على المتداولين بالهامش جعلت موجة التصحيح أكثر حدة وبنسب هبوط أكبر بكثير من التوقعات، عكس عمليات تصحيح عدة مرت بها الأسواق، ولم تشهد انخفاضات كبيرة. وقال نبيل فرحات الشريك في شركة الفجر للأوراق المالية، إن الأسواق واصلت انخفاضها، بعدما أصبحت حركة التصحيح قاسية مع استمرار قيام شركات وساطة كبيرة باستخدام المارجن كول، للضغط على عملائها نحو التسييل. وأضاف:« يبدو أن بعض المكاتب الكبيرة بدأت بالتهرب من المسؤولية، وإلقاء اللوم على المكاتب الصغيرة التي تشكل تعاملاتها مجتمعة نحو 10? فقط من إجمالي حجم تداول أكبر 5 مكاتب وساطة بالدولة، يتراوح إجمالي تداولات المكتب الواحد منها بين 200 إلى 400 مليون درهم، ويصل في بعض الأحيان إلى مليار درهم». وأوضح أن حسابات «المارجن كول» سلاح ذو حدين، ويتطلب ممارسته أن تكون هناك إدارة مخاطر واعية ومسؤولة داخل شركة الوساطة، وعدم الاكتفاء بالحصول على ترخيص من هيئة الأوراق المالية والسلع. ودعا فرحات إلى دارسة حسابات التداول بالهامش لدى المكاتب الكبيرة، وإصدار مؤشرات الإنذار المبكر، لمنع تكرر أخطاء السنوات الماضية، وإلقاء اللوم على المكاتب الوساطة الصغيرة. من جانبه، قال المحلل الفني فادي الغطيس مدير شركة ثنك للدراسات المالية، إن الأسواق كانت تحتاج فعليا إلى تصحيح حقيقي في أسعارها عقب كل موجات سعرية طويلة المدى، لكن كانت دوماً تخالف التوقعات وتستكمل ارتفاعاتها، مما كان يعطي إشارات بأن أية تصحيحات ستتعرض لها الأسواق ستكون مؤلمة وقاسية، وهو ما يحدث حالياً. وأضاف أن عمليات الارتداد التي شهدتها الأسواق في جلسة الأمس كانت وهمية ومتوقعة، واستهدفت تنفيذ عمليات لتخليص أو تصريف كميات من الأسهم للخروج من الأسواق بأقل من الخسائر، سواء من جانب مضاربين أو مديري محافظ استثمارية. وأوضح أن التصحيح الحالي وصل إلى الخط الأسفل من المسار الصاعد، وسيكون النقطة المهمة بعدما كسر سوق دبي المالي مستوى 4830 و4800 نقطة، استكمال التصحيح إلى النقطة الأبعد 4400 نقطة، وعندها سيكون السوق قد تراجع من أعلى نقطة وصلها خلال العام 5400 بنحو 1000 نقطة أي ما يعادل 20%، مما يعد تصحيحاً حقيقياً سيكون صحياً ومفيداً للسوق. وقال الغطيس إن عمليات التسييل التي قام بها مستثمرون أجانب غير عرب ساهمت أيضاً في زيادة الهبوط، مشيراً إلى أن صافي بيع الأجانب غير العرب في سوق دبي المالي الأسبوع الماضي بلغ نحو 450 مليون درهم، موضحاً أن الأجانب غير العرب استبقوا قرار مورجان ستانلي بشأن قائمة الشركات المنضمة إلى المؤشر بعمليات تسييل واضحة، مما ساهم في حدة الهبوط. وتوقع أن تشهد الأسواق ارتدادات سريعة أفقية عندما تنتهي تماماً من نقاط التصحيح المستهدفة، بحيث تستقطب عمليات تجميع وبكميات كبيرة من الأسهم عند مستويات سعرية مغرية، موضحاً أن حدة التصحيح تساهم في جعل الأسواق أكثر جاذبية، بعدما تكون الأسهم قد قللت كثيراً من مكررات ربحيتها العالية التي وصلت إليها بسبب الارتفاعات السعرية المتتالية من دون توقف الفترة الماضية. الأمر ذاته أكده أسامة العشري عضو جمعية المحللين الفنيين البريطانية، مضيفاً أن مؤشر سوق دبي المالي هبط بنسبة 13% خلال أسبوع من أعلى مستوى عند 5400 نقطة يوم الأربعاء الماضي، حتى إغلاق الأمس عند 4655 نقطة. وتوقع استمرار التراجع لاختبار مناطق الدعم فوق مستوى الدعم الرئيسي عند 4500 قبل أن يرتد السوق صعوداً من جديد، موضحاً أن تراجع المؤشر العنيف لم يخرج عن حيز التصحيح بعد صعوده العنيف من مستويات 3800: 5400 منذ مارس الماضي دون تصحيح يذكر. وأكد أن المؤشر مازال يحتفظ باتجاه الصعودي على خرائط اتجاهه للمدى المتوسط، ولن يشكل تجاوزه هبوطاً أية تشاؤم، حيث يتوقع عودة موجات الصعود على المدى القصير. وقال جمال عجاج مدير مركز الشرهان للأسهم والسندات إن الأسواق ستعاود صعودها لأنه لم تكن هناك مبررات حقيقية وراء الهبوط القاسي الذي وقفت وراءها عمليات التداول بالهامش. وأشار إلى أخر موجة تصحيح مرت بها الأسواق قبل 4 أشهر استمرت قرابة الشهر ولم تتراجع الأسواق بهذه الحدة، مما يؤكد أن المارجن كول يقف وراء حدة الهبوط الحالي. واتفق مع فرحات في أن التداول بالهامش سلاح ذو حدين، وتظهر سلبياته أكثر من ايجابياته في أسواقنا، بسبب أنه لم تصل إلى النضج الكافي لاستيعاب هذه النوعية من التداولات التي تحتاج بالفعل إلى إدارة واعية للمخاطر. وقال عجاج إن المستثمرين الذين قاموا بعمليات تسييل على مدار الجلستين الماضيتين سيتدخلون بالشراء خلال الجلسات المقبلة، في محاولة لاقتناص الفرص المغرية التي توفرها مستويات الأسعار الحالية التي تعتبر أسعارا تاريخية بالفعل. وزاد وائل أبومحيسن مدير شركة الأنصاري للأوراق المالية بالقول إنه يتعين على المستثمرين التحلي بالعقلانية أمام موجة التصحيح القاسية غير المبررة.