ماجدة محيي الدين (القاهرة) يضطر الإنسان في كل مراحل عمره القيام بواجبات وأعباء، فهو في مرحلة الطفولة عليه تعلم القراءة والكتابة وأداء الواجبات المدرسية ويشب ويلتحق بالجامعة، ويكون مضطراً إلى مواصلة الدراسة وأداء تدريبات وأبحاث معينة حتى يتم الدراسة ويتأهل لفرصة عمل ويصبح عليه التزامات جديدة، ويظل دائماً بحاجة إلى تطوير نفسه وقدراته حتى يواصل عمله بنجاح ويرتقي فيه، وفي مرحلة تالية يتزوج ويجد نفسه ملزماً بنوعية مختلفة من الواجبات تجاه شريك الحياة ثم الأبناء، وهكذا تتوالى عليه الالتزامات طوال مراحل حياته، وفي كل الأحوال يحتاج إلى ما يخرجه من ضيق الالتزامات والواجبات، وتكون الهوايات هي المتنفس للشعور بالسعادة والمتعة وبحسب ميول وثقافة وبيئة كل إنسان يجد نفسه في هواية محددة يستمتع بها ويجدد من خلالها نشاطه الذهني والبدني والنفسي. والهواية هي كل عمل أو نشاط يزاوله الإنسان برغبة وحماس ويفرغ ما لديه من طاقات للإبداع أو أي نشاط يمارسه بهدف التسلية، وقد تتحول الهواية إلى عمل يشعره بالفخر لإنجازه بإتقان ومن الضروري أن تعود الهواية على الإنسان بفوائد ونفع وخير له، ومن ذلك تعلم السباحة أو الصيد أو الرماية أو الرسم أو الأعمال اليدوية مثل صيانة بعض الأجهزة وقد تعود بعض الهوايات على صاحبها بالرزق والربح المادي، كذلك الألعاب الرياضية التي تفيد الجسم وقد تتحول الهواية لحرفة مثل لاعبي كرة القدم المحترفين وهناك هوايات تزيد الإنسان علماً ومعرفة بالعالم من حوله مثل القراءة والسياحة وجمع الطوابع ومتابعة البرامج والندوات الثقافية أو تربية بعض النباتات والزهور. ويؤكد الدكتور محمد كمال الإمام وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن الإسلام لم يحرم الاستمتاع بالهوايات والترفيه، ومن حكمة الله تعالى في النفس الإنسانية أن الترويح عنها ليس بالضرورة مقصوراً على الراحة واللهو واللعب، فقد تكون راحة النفس ومتعتها في تنويع الأنشطة وممارسة بعض الهوايات النافعة والرياضات والأسفار السياحية وهناك من يجدها في ممارسة بعض الأنشطة الإنسانية والأعمال الخيرية، حيث يجتمع لها الترويح والفائدة، ولا حرج أن يلتمس الإنسان ما يسعد قلبه بكل الوسائل المباحة والمتاحة طالما كان يراعي الحدود والضوابط الشرعية. ويضيف الدكتور الإمام أنه مما تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان حريصاً على أن يلاعب ويداعب ويبتسم ويمزح مع من حوله، ولكنه في مزاحه ومرحه لا يقول إلا حقاً ولا يتخلى عن هيبته ووقاره وقد أخذ ذلك عنه الصحابة رضوان الله عليهم فكانوا يلاعبون أطفالهم ويتوددون إليهم بالهدايا ولا بد أن يكون لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في كيفية التوفيق بين مطالب الدين والدنيا وحاجات الروح والجسد، ومن خلال سيرته وسلوكه نستخلص العبر والدروس، فقد كانت مواقفه دعوة صريحة للاهتمام بالناشئة وصغار السن وتشجيعهم لاكتساب الثقة بالنفس، موضحاً أن الهوايات المفيدة التي لا تسبب مضيعة للوقت أو ضرراً للإنسان ولا تخالف الشرع قد تعود على المجتمع كله بفوائد متنوعة وكم من هواية بسيطة قادت صاحبها إلى اختراع أو ابتكار أفاد البشرية.