بات اقتصاد العالم غير قادر على تعافٍ مستقر ما يجعل تعرضه لبطء مفاجئ أمر متوقع، وذلك وفقاً لآخر البيانات الصادرة عن مؤشر “معهد بروكلينز” لرصد التعافي التابع لصحيفة فاينانشيال تايمز. وبصرف النظر عن قوة أسواق المال والثقة التي عادت للأعمال التجارية والمستهلكين في الأسواق الناشئة، إلا أن مؤشرات النمو عموماً لم تحقق تقدماً يذكر منذ منتصف العام 2011، تلك الفترة التي حدت فيها الأرقام الضعيفة وتجدد الضغوطات في منطقة اليورو، من حالات الانتعاش المؤقتة المتكررة. وأظهرت مؤشرات رصد التعافي الاقتصادي العالمي “تايجر”، أن اقتصاد العالم غير قادر على التحرر من قبضة الركود وأنه يواجه مخاطر الدخول في دائرة التراجع. ويقول بروفيسور إسوار براساد من “معهد بروكلينز”: “إن أفضل ما يمكن قوله بخصوص وتيرة النشاط الاقتصادي، أنها بلغت أسوأ مراحلها في بعض اقتصادات العالم الرئيسية”. ويؤكد الدليل استمرار الضغوطات التي يواجهها اقتصاد العالم، على مناخ التشاؤم الذي يسود الاجتماعات التي جرت في “صندوق النقد الدولي” خلال منتصف شهر أبريل. وسبق أن حذرت كريستين لاجارد مديرة الصندوق، من المخاطر الجديدة الموروثة من ما أسمته “الاقتصاد العالمي ذو الثلاث سرعات”، الذي يتمثل في أن بعض البلدان تتميز بأداء قوي وبعضها يعمل على الإصلاح والآخر لا زال يعاني من المشاكل. ويعمل المؤشر على جمع المعايير الخاصة بالنشاط الاقتصادي والمتغيرات المالية ومؤشرات الثقة ، وفقاً للدرجة التي تسير عليها هذه الاقتصادات سلباً أم إيجاباً في نفس الوقت. وباستخدامه لطرق حسابية غاية في التطور، يتمكن المؤشر من رصد حركة البيانات التي تم حسابها اعتماداً على قواعد مختلفة ودول متعددة. وبالمقارنة مع الأداء المتراجع للأرقام الاقتصادية في معظم الدول المتقدمة، لا تزال أميركا تمثل النقطة المضيئة نسبياً. لكن وحتى في هذه البلاد التي تملك أكبر اقتصاد في العالم، تظل مؤشرات النشاط الحقيقي والثقة، دون مستوياتها العادية المطلوبة لتحقيق التعافي. وطرأ تحسن متوسط على مؤشرات منطقة اليورو خاصة الهامشية منها، على الرغم من أن مؤشرات النمو ظلت عند مستويات متدنية. وأضاف براساد قوله “لا تتوفر أراض يمكن أن تُبنى عليها توقعات لنمو قوي في تلك الاقتصادات التي استمرت في تحقيق مستويات ضعيفة بالنسبة للدخل الوطني”. وتدل المؤشرات على إمكانية استمرار بطء النمو في العديد من الدول الناشئة التي بدأت تتأثر بضعف البيئة الخارجية، في الوقت الذي عجزت فيه عن تنفيذ قراراتها السياسية بغرض إنعاش النمو. ويظل مؤشر “تايجر” قوياً نسبياً في الصين مدعوماً بالأرقام الأخيرة التي تؤكد استقرار نسب النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وفي اقتصادات ناشئة أخرى في أميركا اللاتينية، بدأت بوادر الركود تلوح في أفق كل من الأرجنتين والبرازيل والمكسيك. أما في دول منطقة اليورو الهامشية، ظلت مؤشرات نشاط الاقتصاد الحقيقي في دول مثل أيرلندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا، دون المتوسط المعروف رغم أن هناك نوعا من التحسن منذ اجتماع “صندوق النقد الدولي” في أكتوبر الماضي والارتفاع الكبير الملحوظ نحو مستويات إيجابية في اليونان. وربما يشير ذلك إلى أن انتهاء فترة الأسوأ بالنسبة لليونان ليست واضحة بما يكفي حتى الآن في أرقام البطالة، التي تعكس أن عدد العاطلين عن العمل لا يزال في ارتفاع مستمر خلال الأشهر القليلة من بداية العام الحالي. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب