إعداد ـ فتحية البلوشي:
لك عزيزي القارئ أن تغمض عينيك، وتتخيل نفسك دالفاً إلى قاعة استقبال فخمة في أحد الفنادق، وهناك تطل عليك من وراء طاولة الاستقبال فتاة جميلة، تزينها ابتسامة رقيقة، تنظر لعينيك بهدوء ثم تتكلم بصوت آلي أجش لتقول: مرحبا سيدي، أنا 'أكتوريد' ، كيف لي أن أخدمك؟!
يصعقك الترديد الآلي للعبارة حين تكتشف أن هذه الـ 'أكتوريد' ما هي إلا روبوت، او امرأة آلية···! إنسان آلي مصنوع بحيث ينظر اليك وإلى آلاف الأشخاص غيرك بنفس النظرة ونفس الابتسامة ونفس تعابير الوجه الكهربائية···!
ليس خيالاً
هذا المشهد ليس مجرد خيال· ففي معرض تاييبي الدولي للإلكترونيات، الذي يقام هذه الأيام في تايوان تعرض شركة 'كوكورو' اليابانية للإلكترونيات نموذجاً لإنسان آلي بملامح آدمية لفتاة تدعى 'أكتوريد' ترحب بالزوار في هذا المعرض· هذا النموذج يتعرف على الذبذبات الصوتية للبشر وبالتالي معرفة مصدر الصوت ومكانه ودرجة العصبية في الصوت، وبالتالي معرفة إحساس المتحدث إن كان حزيناً أو مبتسماً أو حتى غاضباً·
ليست الأولى
'أكتوريد' التي تنتجها الشركة لتكون نموذجا لفتاة استقبال في الفنادق والمعارض الدولية تتحدث بأربع لغات، ولا تزال في طور التجارب ومحاولة دمج أكثر من عشر لغات حية في ذاكرتها· ولكن ' أكتوريد' ليست النموذج الوحيد الذي تعرضه الشركة في ذاك المعرض، فهناك نماذج لقطط إلكترونية ولرجال آليين مختلفين تدفعنا للتفكير في السؤال التقليدي الذي يرافقنا منذ ظهور أول إنسان آلي عرفه العالم في الثمانينات من القرن المنصرم والسؤال هو: هل يمكن أن يحل الروبوت محل البشر؟ ان التقدم المذهل في مجال صناعة الإنسان الآلي يجعلنا نشعر أننا في عصر الحلم فيه يصبح حقيقة، وكلمة المستحيل ألغيت من قاموس التكنولوجيا· فكل ما يراود الخيال الواسع للعلماء تجري البحوث حوله لإثباته في الواقع· ويذهب بعض العلماء التطوريين الجدد إلى حد التنبؤ بأنه سوف يأتي اليوم الذي تستطيع فيه الروبوتات الدخول في علاقات فكرية وعاطفية متبادلة فيما بينها، وأنها قد تتمكن في المستقبل غير البعيد من أن تتولى هي ذاتها صنع كائنات روبوتية جديدة شبيهة لها، وتنتج بالتالي أجيالاً جديدة وسلالات أكثر تقدماً وتطوراً منها، مثلما يفعل البشر تماماً من خلال الحب والزواج والتناسل·
الركبي الآلي
في الإمارات مثلاً بدأ الإنسان الآلي يحل عمليا مكان الإنسان الطبيعي في سباقات الهجن التي تعتبر جزءاً مهماً من التراث· ففي نهاية العام المنصرم أقامت الإمارات أول سباق هجن يستخدم فيه ما يعرف بـ 'الركبي الآلي'، وهو مجسم لرجل آلي بحجم طفل يوضع على ظهر الناقة في السباق· وكان سباق الراكب الآلي تجربة أولية سيتم تطبيقها وتعميمها في السباقات القادمة كبديل لمشاركة الأطفال التي تحمل مخاطر كبيرة على سلامتهم·
واتجه المهتمون بسباقات الهجن لاستخدام جهاز 'الركبي الآلي' في محاولة لتطوير هذه الرياضة التراثية والمزج بينها وبين المقتنيات العصرية والتقليل من الحوادث والأخطار البدنية للركبية ولتجنيب أصحاب الهجن من المتسابقين التكاليف والأعباء المادية الإضافية مع نقلهم إلى العصرية في التعامل مع التقنيات الحديثة·
وصمم جهاز الركبى الآلي على شكل مجسم لركبي آدمي عادي خفيف الوزن يحتوي على جهاز يتلقى تعليماته من قبل المضمر بواسطة جهاز تحكم عن بعد مثبت على ظهر الهجن المتسابقة· ويسمح هذا الجهاز بمزاولة كافة المهام والمزايا التي يقوم بها الركبي الآدمي وفقا للتعليمات التي يتلقاها· ويتمتع الراكب الآلي بتقنيات عالية حيث يمكن تحريكه عن بعد وبطريقة توفر كافة الإمكانيات التقنية للمدرب كي يوجهه ليقوم بدور الراكب الحقيقي· بالإضافة إلى أنه مزود بأجهزة دقيقة قادرة على تحمل سرعة الجمل واهتزازاته أثناء الجري· وقد يحظى الراكب الآلي بقبول عشاق هذه الرياضة الشعبية وأصحاب الجمال، مع العلم بأن تكلفة جهاز الركب الآلي الذي يصل وزنه إلى حوالي 15 كيلوجراماً يبلغ حوالي 2000 دولار أميركي ويصنع في اليابان ودول شرق آسيا، ويباع بدولة الإمارات عن طريق الشركات الخاصة، لكن نماذج محلية منه ظهرت في الساحة صنعها بعض الشباب المواطنين بتكاليف أقل·