دخلت الأزمة اللبنانية على وقع السجال الإعلامي بين فريقي 8 و14 مارس على خلفية القرار الظني المرتقب للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، مرحلة الترقب الحذر عشية الزيارات الرسمية لكل من العاهل السعودي وأمير قطر يوم الجمعة، والرئيس السوري يوم الثلاثاء، في مسعى للتهدئة. وتابع الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان باهتمام لافت تداعيات الأزمة مع زواره أمس، ونقل عنه النائب تمام سلام (كتلة المستقبل) القول: "إن رئيس الجمهورية من موقعه المرجعي والبعيد عن التحزيب والانحياز إلى هذا الفريق أو ذاك، يعمل على تصويب المسار، وتوضيح الصورة للمواطن عبر مزيد من التحرك داخلياً وخارجياً لتفويت الفرصة على المصطادين بالماء العكر، وتوفير قاعدة عريضة من الحريصين على الوحدة الوطنية في مواجهة كل التحديات والمخاطر التي تتربص بلبنان واللبنانيين، وختم النائب سلام: "نحن معك يا فخامة الرئيس ومع دورك ومواقفك الوطنية الأصيلة فوق كل التباينات والخلافات". كما التقى الرئيس سليمان النائب ميشال المر في إطار مشاوراته للتهدئة السياسية ثم النائب اغوب بقرادونيانو، والتزما الصمت.وتناغم كلام النائب سلام مع طمأنة النائب الكويتي وليد الطبطبائي بعد لقائه على رأس وفد برلماني كويتي رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى أن الأمور في لبنان تحت السيطرة، أما الرئيس الحريري فغادر السرايا الحكومي على عجل وتوجه إلى بنشعي قرب مدينة زغرتا في شمال لبنان للقاء رئيس كتلة "لبنان الواحد الموحد" النائب سليمان فرنجية، وقالت مصادر لـ"الاتحاد" إن اللقاء يندرج في إطار تهدئة الخطاب السياسي بشأن القرار الظني للمحكمة الدولية. وفي الوقت نفسه كان رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون يلتقي في معقله في الرابية إلى الشرق من بيروت وزير الاقتصاد محمد الصفدي الذي أوضح أن الزيارة تهدف للاطلاع على رؤية العماد عون للحلول المناسبة للوضع الذي نحن فيه. ورداً على سؤال حول ما يتردد عن اتهام "حزب الله" من قبل المحكمة الدولية في قرارها الظني باغتيال الرئيس الحريري قال الصفدي: "إن العلاقة التي كانت تربط الشهيد الحريري مع "حزب الله" كانت علاقة إخوّة، وأي موضوع يوجه أي إصبع اتهام إلى "حزب الله" هو مرفوض أصلاً". وطالب المفتي الجعفري الممتاز في لبنان الشيخ أحمد قبلان بعد لقائه أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله ليل الثلاثاء القادة العرب بالوقوف إلى جانب الحزب في ممانعته ومقاومته ودعمه في مواجهة التحديات والمؤامرة الإسرائيلية التي تحاك ضده من خلال القرار الظني. وأعرب وزير الدولة ميشال فرعون (المستقبل) بدوره عن تفهمه لهواجس المقاومة كونها مستهدفة من قبل إسرائيل، ولفت إلى أن هذه الهواجس يجب ألا يتم التعبير عنها في إطار المحكمة الدولية، محذراً من أن ذلك هو ما يسيّس الملف. وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (يمثل "الكتائب" في الحكومة) أن حزبه لا يرضى أبداً أن يتهم "حزب الله" سياسياً من قبل أي فريق داخلي وقال: "إن لب الموضوع هو أن هناك محكمة دولية ولبنان لا صفة له لكي يتدخل بمسارها وعلينا أن نحصن ساحتنا الداخلية". وأيد الصايغ النائب عمار حوري (المستقبل) وزاد على ذلك قوله: "إن المحكمة وقرارها الظني هما في مكانهما الطبيعي في لاهاي ولا يمكن التدخل في تفاصيل المحكمة من قبل أي فريق، وجزم بأن لا أحد يعلم أي شيء عن القرار الظني وأن كل ما نسمعه هو مجرد افتراضات". من جانب آخر أكد رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات اللبنانية سمير جعجع أمس أنه سيرفض قرارا ظنيا يتوقع صدوره من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان “إذا لم يقترن بالأدلة المقنعة”. وقال جعجع “نحن أول من سيرفض القرار الظني في حال لم يقترن بالأدلة والإثباتات والوقائع المقنعة”. وأضاف زعيم حزب القوات اللبنانية الذي ينتمي إلى قوى 14 آذار الممثلة بالأكثرية في البرلمان اللبناني، “ليس هناك من غبي بيننا ليقبل بأي شيء يورد بشكل غير منطقي ولا يستند إلى أدلة”. وكان الامين العام لحزب الله حسن نصر الله صرح الخميس الماضي ان رئيس الوزراء سعد الحريري ابلغه ان القرار الظني سيتهم عناصر “غير منضبطين” في حزب الله. وشكك نصر الله الاحد في عمل المحكمة الدولية، داعيا الى تشكيل لجنة لبنانية تلقي الضوء على مسألة “شهود الزور” في القضية والى اقامة حوار لبناني-لبناني لمواجهة التوتر الناتج عن الحديث المتعلق بالقرار الظني. ورفض جعجع الذي يتمثل حزبه بوزيرين في الحكومة اللبنانية، دعوة نصر الله إلى تشكيل لجنة مماثلة. وتساءل “من قال إن هناك شهود زور؟”، مؤكدا أنه “ليس هناك لزوم لتشكيل لجان تبحث في هذا الأمر”. وأضاف “لم يستندوا في ادعائهم إلى أي مرجع قضائي ولا محكمة، لذا فهم يفترضون شيئا غير موجود”. من جهة اخرى، عبر جعجع عن تأييده “لحوار حول الجدل السياسي او الخلافات السياسية أو التشنج السياسي إنما ليس حول المحكمة الدولية”.