رضاب نهار (أبوظبي) استضاف معرض أبوظبي الدولي للكتاب يوم أمس الثلاثاء، في الخيمة، جلسة نقاشية أدارتها الكاتبة والإعلامية الإماراتية إيمان محمد، تحدث فيها الشاعر والباحث اللبناني أحمد فرحات، والكاتب والإعلامي الإماراتي عبدالله عبدالرحمن، للخوض في الكتاب الجديد الصادر عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وعنوانه «شعراء أم النار»، الذي يضيء على شعراء إغريقيين يعودون إلى حضارة العصر الهيلينيستي (332 - 3 - ق.م)، وقد استوطن في أشعارهم الحنين إلى آبائهم وأجدادهم الفينيقيين الذين وفدوا من أنحاء جزيرة العرب، وتحديداً من الساحل الشرقي للخليج العربي اليوم، حيث لـ«أم النار» مكانها الخاص والحميمي بين السطور. نذكر بدايةً أن الكتاب هو مشروع لبحث لم يكتمل، كان «الاتحاد الثقافي» في عدده (12 مارس 2015) قد نشر جزءاً كبيراً منه، كاكتشاف حضاري معاصر يربط الحضارة الإماراتية الراهنة بأصولها البعيدة جداً وبالحضارات القديمة الأخرى، وسط تمازج ثقافي امتد عبر مساحات جغرافية شاسعة. وفي تقديمه للكتاب، كتب رئيس القسم الثقافي في «الاتحاد» عبدالعزيز جاسم: «هكذا أصبح بمقدورنا اليوم، وبتضافر جميع تلك الجهود المثمّنة والمقدّرة، إعطاء صورة واضحة ولو جزئية عن أوضاع الخليج العربي منذ نشوئه حتى اللحظة الراهنة». ذهب فرحات، مؤلف البحث، داخل الجلسة، إلى ما أوجده المؤرخ اليوناني «هيرودوت» من أن الفينيقيين شعب بحري جريء، قدم من منطقة شبه جزيرة العرب (منطقة الخليج العربي اليوم) إلى الساحل الشرقي للبحر المتوسط، في منتصف الألف الثالث قبل الميلاد. وهو ما تؤكده الآثار الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة، لا سيما في جزيرة «أم النار» القريبة من أبوظبي، وفي سلطنة عمان التي تحمل بعض أسماء المدن فيها اليوم أسماء مدن على الساحل السوري واللبناني، مثل: صور وصيدا وأرواد وطرطوس. وأضاء على بعض الشعراء الفينيقيين الإغريقيين العرب، الذين حيّوا جذورهم الأصلية في أشعارهم، ومنهم الشاعر ملياغر، الذي ألقى التحية على وطن أجداده وأهله في «أم النار» حيث قال: «أجدادي العظام جاؤوا من هناك، من أم النار، من أرض الورد الرملي النادر». عند نهاية حديثه، أوضح أحمد فرحات، أن: «موضوع شعراء حضارة أم النار، وعالمهم المترامي الأطراف يكاد لا ينتهي فعلاً، فثمة كثير من المعلومات والتفاصيل التاريخية الاستثنائية حوله التي ينبغي رصدها وملاحقتها ودراستها في ضوء منهج علمي رصين وموثّق». كما بيّن الظروف التي دفعته إلى البحث ضمن هذا الإطار، حيث تعود أصول البحث إلى عالم الآثار الفلندي يوسي آرو الذي اكتشف أن النقوش الموجودة في موقع أثري بالقرب من صور في لبنان، هي قصائد لشعراء فينيقيين إغريقيين. بدوره، قال عبدالله عبد الرحمن، الذي سنحت له فرصة التعليق على الكتاب، إن المشروع قابل للتطور والتقدم، وأنه يأتي تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وبدعم من المعنيين في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، مشيراً إلى جهود جريدة «الاتحاد» في هذا البحث، خاصة رئيس القسم الثقافي فيها الشاعر عبد العزيز جاسم. وبيّن أن الملحق الثقافي للاتحاد الذي احتضن البحث لأول مرة، كان قد قدّم لثلاثة شعراء إغريق فينيقيين عرب، بينما يقدم الكتاب اليوم خمسة شعراء، الأمر الذي يؤكد أن البحث يتطور يوماً بعد يوم، وأن الاكتشافات تجري في عملية مستمرة، معرباً عن إعجابه الكبير بالفكرة التي نالت اهتمام كبار النقاد والأدباء والمثقفين في الإمارات.