أثار اعلان لاعب كرة القدم الألماني تركي الأصل مسعود أوزيل اعتزاله اللعب دولياً واتهامه منتقديه بـ"العنصرية" جدلاً واسعاً في ألمانيا، في وقت صفقت له تركيا لأنه برأيها سجل "هدفاً ضد فيروس الفاشية". وصدرت أقسى التعليقات ضد أوزيل عن صحيفة "بيلد" الألمانية واسعة الانتشار، والتي تشن منذ أسابيع حملة ضد اللاعب الألماني التركي على خلفية لقائه في مايو الماضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما اعتُبر بمثابة تأييد لزعيم متسلط ونقص في الولاء لألمانيا قبل أسابيع من انطلاق نهائيات كأس العالم. وانتقلت بعدها "بيلد" لانتقاد أداء اوزيل "السيء" والذي ساهم في إقصاء ألمانيا من الدور الأول لمونديال روسيا 2018. في المقابل، أعلن وزير العدل التركي عبد الحميد غول عبر تويتر "أهنىء مسعود أوزيل الذي سجل بقراره ترك المنتخب الألماني أجمل هدف ضد فيروس الفاشية". وأوزيل مولود في ألمانيا لعائلة تركية مقيمة في ألمانيا، وهو تخلى عن جنسيته التركية في 2007 من أجل أن يصبح ألمانياً. - أجواء شعبوية - والعلاقات التركية الألمانية متوترة منذ الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا في 2016 وتنديد الحكومة التركية باتهام برلين لها بممارسة حملة قمع ضد معارضي النظام وذهاب أردوغان إلى حد تشبيه ألمانيا المعاصرة بالنازية. وفي رسالة من أربع صفحات نشرها الأحد على تويتر، هاجم أوزيل (29 عاما) وسائل إعلام قال أنها أساءت معاملته معتبراً أنه ضحية ممارسة "عنصرية". ووجه أوزيل الاتهام بشكل خاص لرئيس الاتحاد الالماني لكرة القدم رينهارد غريندل، النائب السابق عن حزب المحافظين والمنتقد السياسي الشرس للتعددية الثقافية. وقال أوزيل الذي سجل 23 هدفاً في 92 مباراة خاضها مع المنتخب الألماني "لن أكون بعد الآن كبش فداء (لغريندل) بسبب عدم كفاءته وعدم قدرته على القيام بعمله بشكل صحيح"، مضيفاً "في نظر غريندل ومؤيديه، فأنا ألماني عندما نفوز، لكني مهاجر عندما نخسر". ولم يصدر أي رد فعل عن زملائه أو مدربه يواكيم لوف أو الاتحاد الألماني لكرة القدم. في المقابل، قالت المستشارة أنجيلا ميركل أنها تحترم قرار أوزيل مؤكدة أن الرياضة تسهم بقسط مهم في عملية الاندماج. وقالت الناطقة باسمها أولريكي ديمر أن "المستشارة تكن خالص التقدير لمسعود أوزيل. إنه لاعب كرة عظيم أعطى الكثير للمنتخب الوطني. لقد اتخذ الآن قراره وينبغي احترامه". ويقر سياسيون وبعض الصحف المنتقدة لخطوة أوزيل بأن البلاد تعاني من مشكلة العنصرية وأن القضية ليست عرضية على الاطلاق لأن اللاعب الألماني تركي الأصل يشكل مثالاً للاندماج، ويأتي تركه المنتخب في وقت يشهد صعوداً غير مسبوق لليمين المتطرف منذ 1945 عن طريق "حزب البديل من أجل المانيا". - تهديد للتعددية - واعتبرت وزيرة العدل الألمانية كاتارينا بارلي أن القضية تشكل "ناقوس خطر عندما يشعر لاعب ألماني كبير مثل أوزيل أنه لم يعد ينتمي إلى بلاده بسبب العنصرية". بدورها نددت صحيفة "تاغ شبيغل" الصادرة في برلين بـ"الأجواء الشعبوية في البلاد". واعتبرت الصحيفة أن "رحيل مسعود أوزيل هو قطيعة رياضية وسياسية واجتماعية. والامر يتخطى مستقبل المنتخب الألماني". واعتبر رئيس مجلس الجالية التركية في ألمانيا غوكاي صوفو أوغلو أن "تعددية" المنتخب الألماني باتت مهددة بعد أن كانت "مثالاً يحتذى". وأوزيل، الذي يجاهر بدينه المسلم، يتعرض منذ سنتين لحملة يشنها "حزب البديل من اجل ألمانيا". وآثر أوزيل الصمت على الرغم من تعرضه لانتقادات حادة على خلفية لقائه في مايو الرئيس التركي، على عكس زميله في المنتخب الألماني التركي الأصل أيضا ايلكاي غوندوغان الذي قدم اعتذاراً. وأكد أوزيل بالأمس أن ظهوره مع أردوغان قبل شهر من الانتخابات التركية لا يحمل دلالات سياسية ولا يقلل من انتمائه لألمانيا. لكنه طالب بتفهم تراثه وتعلّقه بتركيا. وأكد أوزيل: "لا شك أنني نشأت في ألمانيا، لكن تاريخ عائلتي متجذر بعمق في تركيا لدي قلبان: ألماني وتركي".