سعى بنك إنجلترا المركزي إلى كبح جماح سوق الإسكان المتنامية في بريطانيا أمس بإعلانه عن سقف لقروض شراء المنازل وتشديد إجراءات التأكد من قدرة المقترضين على سداد رهونهم العقارية. وقالت لجنة السياسة المالية بالبنك إن 15% فقط من الرهون العقارية الجديدة هي التي سيسمح بتجاوزها 4.5 ضعف دخل المقترض، وذلك بدءاً من أكتوبر المقبل. وشهدت سوق الإسكان في بريطانيا انتعاشاً كبيراً بفضل انخفاض أسعار الفائدة وتراجع البطالة إلى جانب البرامج التي ترعاها الحكومة. غير أن صناع السياسات ازدادوا قلقاً من الزخم الذي تشهده سوق الإسكان إذ ترتفع الأسعار نحو عشرة بالمئة سنوياً في بريطانيا. وقال محافظ بنك إنجلترا مارك كارني في مؤتمر صحفي للإعلان عن الإجراءات الجديدة إن هذه الإجراءات «ستحول دون تجاوز الإقراض بكثير نمو الدخل ودون الانزلاق إلى إقراض محفوف بمخاطر أكبر وارتفاع المديونية، التي قد تقوض النمو الاقتصادي على المدى المتوسط». وارتفعت أسهم شركات بناء المنازل البريطانية أكثر من خمسة بالمئة بعد أن اعتبرت السوق هذه الإجراءات أقل صرامة من المتوقع، فيما سجلت أسعار السندات الحكومية البريطانية أدنى مستوى لها اليوم بعد أن قال كارني إن الإجراءات لن تؤثر على أسعار الفائدة. واعتبارا من اليوم الخميس سيتعين على المقترضين إثبات قدرتهم على سداد القرض العقاري حتى ولو ارتفعت أسعار الفائدة ثلاثة بالمئة مقارنة مع واحد بالمئة على الأقل في السابق. وتبلغ أسعار الفائدة حالياً 0.5% لكن الأسواق تتوقع ارتفاعها بحلول نهاية السنة الحالية أو بداية العام المقبل. وقال بنك إنجلترا إن التأثير المباشر للسقف الجديد سيكون في أضيق الحدود نظراً لأن معظم البنوك حالياً تقدم قروضاً في حدود المعدل، البالغ 4.5 مرة من الدخل، وستستمر في ذلك على الأرجح. وأضاف إن هذا الإجراء يهدف لتوفير تأمين ضد مخاطر زيادة الزخم في سوق الإسكان. وارتفع الجنيه الاسترليني لأعلى مستوى له خلال الجلسة مقابل الدولار بعدما قرار بنك إنجلترا المركزي، وهو ما يبقي على احتمالات رفع أسعار الفائدة في الشهور المقبلة. وارتفع الجنيه الاسترليني إلى 1.7036 دولار أعلى مستوى في الجلسة بعد نشر أحدث تقرير للبنك المركزي بشأن الاستقرار المالي من نحو 1.7010 دولار قبل صدور التقرير، وظل فوق المستوى النفسي المهم 1.70 دولار. إلى ذلك، أصدرت وزارة المالية البريطانية أمس الأول صكوكاً سيادية متطابقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية في سابقة خارج العالم الإسلامي تعزز مكانة لندن كقاعدة للمالية الإسلامية. وقالت الوزارة في بيان: «عززت الحكومة مكانة بريطانيا كقاعدة غربية للمالية الإسلامية بعد أن أصبحت أول بلد خارج العالم الإسلامي يصدر صكوكاً سيادية». وعملية إصدار هذه الصكوك التي يحين أجلها في 22 يوليو 2019، أتاح للوزارة جمع 200 مليون جنيه استرليني. ولقيت هذه الصكوك «طلباً كبيراً جداً» بقيمة إجمالية بلغت 2,3 مليار جنيه استرليني من المستثمرين «العاملين في بريطانيا وفي المراكز المالية الكبرى للمالية الإسلامية عبر العالم». ولقيت إقبالاً من صناديق سيادية وبنوك مركزية ومؤسسات مالية. وحدد عائد هذه الصكوك بـ 2,036% لكنها مسنودة بأملاك عقارية للحكومة، التي يقوم الربح فيها على مكافأة المشاركة في رأس المال، وذلك من أجل تفادي مفهوم الفائدة الربوية المحرمة في الإسلام. وقال جورج أوزبورن وزير المالية البريطاني «إن إصدار أول صكوك سيادية ببريطانيا يأتي في سياق التزام الحكومة» بجعل البلاد «المركز الغربي للمالية الإسلامية». وأضاف: «آمل أن يشجع نجاح هذا الإصدار الحكومي إصدار صكوك من القطاع الخاص في المملكة المتحدة». وتشكل لندن وسوقها المالي ذو الإشعاع العالمي مركزاً للمالية الإسلامية، حيث يوفر أكثر من 20 مصرفاً منتجات المالية الإسلامية في حين تم إدراج 49 من الصكوك الإسلامية منذ خمس سنوات في بورصة لندن بقيمة تبلغ 34 مليار دولار. غير أن هذا المبلغ ليس إلا قسماً ضئيلاً مما تمثله المالية الإسلامية المقدرة بـ 1300 مليار دولار هذا العام، بحسب أرقام العام الماضي للحكومة البريطانية.(لندن - رويترز، أ ف ب)