هونت أستراليا من المخاوف من أن اقتصاد الصين يتجه صوب هبوط حاد، قائلة إن المستهلكين في أكبر سوق تصدير لها يقودون زيادة دائمة وطويلة الأجل في الطلب. وتتناقض تصريحات محافظ البنك المركزي الأسترالي وعملاق التعدين العالمي “ريو تينتو” الصادرة أمس، مع تعليقات لآخرين مثل الاقتصادي نورييل روبيني الذي يقول إن ثاني أكبر اقتصاد في العالم بصدد الركود. ويقول المتشائمون إزاء الصين إن سنوات من الاستثمار السريع في البلاد غير قابلة للاستمرار، وإن الوهن الذي أصاب أسواق التصدير الرئيسية، أوروبا واليابان والولايات المتحدة، ينبئ بحدوث تباطؤ. لكن جلين ستيفنز، محافظ بنك الاحتياطي الأسترالي (البنك المركزي)، أكد أن مئات الملايين من المستهلكين الصينيين الجدد يقودون زيادة مستدامة في الطلب على السلع الأولية. وقال، خلال كلمة في برزبين، “يعني هذا أنهم يتجهون صوب نمط حياة أكثر استهلاكاً للطاقة والصلب ونمط غذائي أغنى بالبروتين. تلك الحقيقة تغير على نحو جذري شكل الاقتصاد العالمي”. وتظهر البيانات الصينية أن الاقتصاد يتباطأ، لكن ستيفنز هون من المخاوف من أن يكون هذا دليلاً على هبوط حاد. وقال “حتى إذا تباطأ معدل النمو الصيني هذا العام كما يبدو فإن من شبه المؤكد أن تلك القوى الهيكلية ستستمر”. وظهر بوضوح مستوى القلق بشأن حظوظ الاقتصاد الصيني أمس الأول، عندما صعدت الأسهم العالمية بعد أن جاءت بيانات عدة في نطاق التوقعات. وأوضحت البيانات تباطؤ النمو الاقتصادي الذي بلغ 10,3% العام الماضي، وسجل 10,1% سنوياً في المتوسط منذ عام 1978. وكانت الأسواق المالية مستعدة للأسوأ بعد أسابيع من البيانات الأميركية الضعيفة، وأزمة ديون متفاقمة في أوروبا، وركود ياباني. وقال برايان جاكوبسن، كبير محللي المحافظ لدى “ويلس فارجو” لإدارة الصناديق في الولايات المتجدة ،”بناء على البيانات الصينية فإن الاحتمال الأرجح هو هبوط هادئ”. وتشرف “ويلس فارجو” على أصول بقيمة 400 مليار دولار. وأوضح جاكوبسن “أحياناً يكون غياب الأنباء السيئة نبأ طيباً في حد ذاته”. لكن روبيني، الذي تنبأ بالأزمة المالية العالمية، يقول إن الصين تتجه صوب هبوط حاد بعد 2013 إذ ستجد صعوبة في مواصلة الايقاع السريع لاستثمارات الأصول الثابتة التي كانت المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. وتظهر بيانات صينية أن متوسط نمو الاستثمار كان 24% على مدى الأعوام العشرة الأخيرة. وأبلغ مؤتمرا مالياً في سنغافورة الاثنين الماضي “ثمة احتمال حقيقي لهبوط حاد في الصين بعد 2013”. وتظهر بيانات 60 عاماً أن المغالاة في الاستثمار تفضي إلى تراجعات حادة. وضرب مثلا بخط سكك حديدية عالي السرعة بين شنغهاي وهانغ تشو يمتد بموازاة طريق سريع جديد ومطار لتسيير رحلات بين المدينتين. وقال روبيني “ليس من المنطقي بالنسبة لبلد عند ذلك المستوى من التطور الاقتصادي أن يستنسخ مشاريع البنية التحتية تلك وليس مرة واحدة بل مرتين”. ويؤدي التحول الصناعي السريع للصين والهند واقتصادات ناشئة أخرى إلى زيادة حادة في الطلب على المواد الخام وهو ما تجاهد شركات التعدين لمواكبته. ولمحت ريو تينتو ثاني أكبر منتج لخام الحديد في العالم إلى أنها تتوقع استمرار نمو الطلب لسنوات قادمة، عندما أعلنت تسريع برنامج توسع ضخم لاستخراج المادة الخام الأساسية المستخدمة في صناعة الصلب. وذكرت الشركة، التي تعد الصين واليابان أكبر زبائنها، أنها سترفع الإنتاج 50% إلى 333 مليون طن سنوياً بحلول النصف الأول من 2015 أي قبل الموعد المستهدف السابق بستة أشهر. وينسجم تفاؤلها بشأن المستقبل مع الاتجاه السائد بقطاع الموارد الطبيعية عموماً، والذي استفاد من الطلب الصيني الضخم.