منذ وقت ليس ببعيد، كان الشيخ أحمد أبو ريشة الريشاوي هو الواجهة لثورة عرفت باسم «الصحوة»، وهي حركة قامت بها القبائل العربية السنية لإخراج تنظيم «القاعدة» من المحافظات الغربية للعراق. كان أحد قادة ومؤسسي هذا التحالف مع شقيقه الذي اغتيل عام 2007. أما اليوم، فمن النادر أن يتواجد في الأنبار، مسقط رأسه. وهو يمضي معظم وقته خارج العراق. بات أبوريشة يفتقر للمكانة اللازمة لقيادة تحرك مناهض لـ«داعش» الذي خلف تنظيم «القاعدة». ويوضح مصير الشيخ أحمد مدى جدية التحديات التي تواجه أوباما، مع إرساله المزيد من المستشارين العسكريين إلى العراق بغية استعادة الرمادي من «داعش». ولمدة عام تقريباً، التزمت الولايات المتحدة بتدريب وتجهيز الصحوات التي حققت نجاحاً في عامي 2007 و2008 ضد «القاعدة». لكن في عام 2015، أصبح العديد من زعمائها الذين حاربوا «القاعدة» إما قتلى أو يعيشون في المنفى، أما الذين ظلوا في الأنبار فأضطروا لدعم «داعش». وقد أصبحت الجماعة الجهادية بدورها أكثر ثقةً بحملتها خلال الأسابيع الأخيرة، لدرجة أنها تنشر باستمرار في «الفيسبوك» صوراً للقاءات مع زعماء القبائل الذين يتعهدون لها بالولاء. وفي الشهر الماضي، قال الشيخ عبد الرزاق الدليم، أحد زعماء قبيلة الدليم، في واشنطن، إن تحالف الشيخ أحمد السياسي فشل في الأنبار. وأضاف: «الرجل فقد شعبيته». ومن جانبه، اتهم الشيخ وسام الحردان، وهو زعيم أنباري، الشيخ أحمد بتقويض المعركة ضد «القاعدة» بسبب عدم كفاءته. وأضاف: «ليس له أي تأثير اليوم». وحتى بيتر منصور، وهو عقيد متقاعد شغل منصب المسؤول التنفيذي للجنرال ديفيد بترايوس عامي 2007 و2008، اعترف بأن الشيخ أحمد وقبيلته أصبحوا يفتقرون للنفوذ الذي كان لديهم خلال حملة مكافحة التمرد. وقال منصور: «كان لدى مؤسسي الصحوة تأثير كبير على الحركات القبلية حتى غادرت الولايات المتحدة العراق عام 2011». وأضاف: «بمجرد أن انقلبت إدارة المالكي ضدهم، عاد النفوذ مرة أخرى للقبائل التي كانت دائماً أكثر أهمية». ورغم تراجع مكانة أحمد في العراق، فإنه ما زال يتوسط للقبائل في واشنطن. وفي يناير قاد شيوخ قبائل في واشنطن وحاول إجراء مقابلات على مستوى رفيع، لكنه لم يستطع لقاء مسؤولي البيت الأبيض، وإن تحدث هاتفياً مع الرئيس السابق بوش الابن. وفي وقت ما، كان بوسع أبوريشة الاجتماع مع أي شخص في واشنطن. وكل الشخصيات السياسية البارزة التي زارت العراق عامي 2007 و2008 ذهبت إلى الأنبار للاجتماع بالرجل الذي يقود الثورة ضد «القاعدة». وحتى أوباما نفسه التقى به عام 2008 عندما زار العراق وهو لا يزال سيناتوراً. لكن حظوظ الرجل تراجعت بعد انسحاب آخر جندي أميركي من العراق في 2011. ولم تدفع حكومة المالكي أي مرتبات بعدها لمقاتلي الأنبار. وهذه الأخطاء من قبل حكومة بغداد هي التي خلقت الظروف التي جعلت «داعش» يستولي على الأنبار. وقد تعلم الجهاديون أيضاً من أخطائهم السابقة، وتوقفوا عن قتل أي من زعماء القبائل عشوائياً. وقال لي «ستيرلينغ جنسن»، وهو مترجم عمل سابقاً مع الجيش الأميركي في الأنبار: «إن داعش ذكي في اختيار من يغتالهم. وهو يستطيع معرفة من الذين عملوا بشكل وثيق مع الأميركيين، والذين يعملون الآن مع الحكومة العراقية، وتقويض قدراتهم». وفي هذا السياق، ليس من المستغرب أن الشيخ أحمد لا يعيش في الأنبار الآن. وباقي المقاتلين الذين قادوا الانتفاضة ضد «القاعدة» ذات مرة هم الآن إما أموات أو ممن أبرموا سلاماً مع «داعش». إيلي ليك* * محرر الشئون السياسية والخارجية في «بلومبيرج فيو» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»