استحوذت قضية المنشطات على جانب كبير من النقاشات في الجلسة الرابعة للمؤتمر العالمي لخيول السباق العربية الأصيلة، والذي اختتم أعماله أمس بمدينة لاهاي الهولندية، تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. وكان موضوع الجلسة «التغذية والأطباء البيطريون»، وأشرف عليها الدكتور محمد المشموم من المغرب، وتحدث فيها الدكتور بدرو دوجليش من بريطانيا، والدكتورة أميرة عبد الوهاب من تونس، والدكتور مايكل ويمس من قطر، والدكتور رونالد عرب من المغرب، والدكتور لاوسي هاميلتون من نيوزيلندا، ومايكل هولمستروم من السويد. وأكد الدكتور محمد مشموم الذي أدار الجلسة أنها ركزت على الأمراض السائدة في هذا المجال وكيفية تقديرها، كما عرضت الأدوية المتعارف عليها والحديثة لعلاج الأمراض المتعارف عليها للخيول، والاستخدام السليم لها، من أجل تفادي الوقوع في فخ المنشطات دون عمد ودون إدراك، لافتاً إلى أن قضية المنشطات استحوذت على قدر كبير من النقاشات، وأن المتحدثين سواء من الخبراء على المنصة الرئيسية أو الحضور من المهتمين بالخيول، طرحوا جوانب عديدة في هذا الإطار، كان أبرزها التأكيد على أن الكثير من حالات المنشطات تكون دون عمد، وأن هناك منشطات تظهرها التحاليل في بعض أنواع التغذية، إضافة إلى طرح أمنية معاقبة مالك أو مربي الجواد الذي يقع في فخ المنشطات. وأضاف: أن النقاش كان مثيراً ومفيداً من كافة المشاركين وكذلك المتحدثين من الحضور طوال الجلسة، وبشكل خاص عند الحديث عن المنشطات في عالم الخيول، مشيراً إلى أن الجلسة ناقشت أيضاً التكنولوجيا الحديثة في هذا الميدان، وطرحوا دراسات سمات الجنس والدبوميكانيكية للخيول من أجل المعرفة المسبقة بالخيول البطلة، وكان النقاش حول هذه النقطة بالذات الأكثر إثارة في الجلسة. وكان الدكتور رونالد ديولز من فرنسا، ورئيس الاتحاد الدولي للخيول سابقاً قد تحدث في مداخلة أثناء الجلسة، أكد فيها عدم وجود فرق بين الجواد العربي والجواد الإنجليزي المهجن، لافتاً إلى أن التربية والطقس والتغذية والأخطاء البشرية من المالك أو المدرب أو المربي والجوكي، كلها عوامل يكون لها دور في الأمور الإيجابية والسلبية أيضاً. الفحص الأول وعن المنشطات، قال: في حالة الفحص الأول وإن كانت النتيجة إيجابية فمن حق صاحب المشكلة أن يطلب فحصاً ثانياً، وإذا جاء إيجابياً هو الآخر، يطلب فحصاً ثالثاً، لو كان إيجابياً، فمن حقه الحصول على الملف التحليلي ومن ثم يطلب خبيراً للحكم على العينة من جديد، ضارباً أمثلة عديدة في وجود أخطاء بشرية في عملية الفحص على المنشطات، ففي بعض الأحيان تكون نتيجة الفحص الأول إيجابية، وفي الثاني تكوت سلبية، وبالعكس، وقد يكون الخطأ في تسجيل الرقم المتسلسل للعينة، مؤكداً أن القضاء دائماً هو الفيصل عند استحكام الأمور. كما أكد ديولز على ضرورة وجود النوايا الحسنة عند تقديم الدواء للخيل، وأنه على المالك أو المربي أو الطبيب المعالج، الذي لا يعرف اللائحة الخاصة بأنواع الأدوية الممنوعة أن يسأل عنها ويطلبها من جهات الاختصاص، لافتاً إلى وجود فارق بين أميركا وأوروبا في بعض اللوائح الخاصة بالخيل والسباقات. مشاكل نفسية أما الطبيب السويدي ميخائيل هول، فقد تحدث عن أمراض النزيف في الخيول، وحاجتها إلى خبرة كبيرة للتعامل معها، كما تحدث عن المشاكل النفسية للخيول، وحاجة الجواد إلى الهواء المنعش سواء في الجري للتدريب أو السباقات، وأعاد الخلل في أمراض النزيف والأمراض النفسية إلى المدرب، ونصح بإراحة الخيل عندما تبدأ بالنزيف، وأكد أن المدربين الأميركيين يعملون من خلال لائحة خاصة بهم في بلدهم، ويستخدمون أدويتهم المصرح بها هناك، ويعملون في مناخ بلادهم، فيما يرى البعض بأنهم مدربون غير جيدين. وشدد على ضرورة معاقبة الخيل التي يثبت تعاطيها للمنشطات، بل وذهب إلى أبعد من ذلك، بإعلان رغبته أيضاً في معاقبة القائمين على الخيول المتورطة في المنشطات، على اعتبار أن الخيل لا تختار ولا تقرر ولكن نحن من يقرر ويعطي. الأخطاء البيطرية كما أكد أن الطبيب البيطري هو الذي يقرر متى يعود الجواد المريض للسباق، وقال: من خلال خبرتي الطويلة في هذا المضمار، هناك الكثير من الأخطاء البيطرية التي تقع، وأحياناً ما ينصح الطبيب البيطري مالك الخيل أو المربي بعدم المشاركة في سباق ما، حفاظاً على صحة الجواد، ولكن الأخير يصر على المشاركة بداعي أهمية السباق، وتكون النتيجة بالطبع محزنة على الأصعدة كافة. كما أشار إلى الأثر الكبير للتغذية في صحة الجواد، وأن هناك مواد غذائية تحتوي على منشطات من الممكن أن تظهر في التحاليل، كاشفاً عن أن تحليل العينة الواحدة للبول يكلف 50 يورو تقريباً وأن هذا ليس بالشيء الكثير، ومن الممكن للمالك أو المربي أن يجريها بنفسه بشكل شبه دوري، للاطمئنان على أن كل الأمور تسير على ما يرام. تجدر الإشارة إلى أن الحديث عن تغذية الخيول يتطلب إعطاء فكرة موجزة عن تركيب جهازها الهضمي، وسير العمليات الهضمية لديها، وأسس تحديد المقننات الغذائية للخيول العاملة. وتنتمي الخيول إلى الحيوانات آكلة الأعشاب ذات المعدة الواحدة، وجهازها الهضمي بمجموعع مهيأ بشكل جيد للاستفادة من كافة أنواع الأعلاف النباتية، فهي تمتلك قوة شم جيدة، كما أن شفاهها ذات حساسية ممتازة وقدرة كبيرة على الحركة مما يتيح لها انتقاء الأجزاء المأكولة من العلف، وترك الأجزاء الأخرى غير الصالحة للأكل مثل أجزاء التربة، الحصى، حبوب النباتات الضارة. 4 كيلوجرام لعاب ويحمل التجويف الفموي للخيل 12 قاطعاً و24 ضرساً موزعة بالتساوي بين الفكين السفلي والعلوي والجهتين اليمنى واليسرى، ووجود الأسنان القاسية والعضلات الماضغة القوية، بالإضافة إلى وفرة الغدد اللعابية يسمح بمضغ وترطيب الأعلاف الجافة والقاسية جيداً، وكذلك الأعشاب الخضراء والنباتات العصيرية. وقد أظهرت تجارب إلينبرجر ومساعديه أن الخيل تفرز 4 كيلو جرامات من اللعاب لكل كجم من العلف المأكول من الدريس أو التبن وكيلويي لعاب لكل كيلو جرام من الحبوب المأكولة، وقد ازدادت كمية اللعاب المفرزة لدى تناول خليط من الحبوب والتبن أو الدريس، إلا أن الخيل لا تفرز كمية كبيرة من اللعاب عند تناولها الأعشاب الخضراء أو الدرنات، ويقتصر دور اللعاب على التأثير الميكانيكي فقط في العملية الهضمية. لا تبقى الأعلاف لفترة طويلة في الفم (20 إلى 30 ثانية) بل تنتقل تلك الأجزاء المفتتة والمرطبة عبر المري إلى المعدة، وهي تجويف متميز الأجزاء متوسطة السعة (15 إلى 16) ليتر يتألف من كيس أعور خال من الغدد وجزء غدي يتألف من القسم الفؤادي، القسم القاعي، القسم البوابي الغدي وتتوضع الكتلة الغذائية في المعدة بشكل طبقات حسب فترة ورودها. وتعتبر التغذية من العوامل الأساسية في تربية الخيول والعناية بها، فالاستفادة القصوى من الحصان في جميع مجالات الاستخدام تصبح ممكنة إذا ما توفرت له الأعلاف الضرورية التي تمده بالفيتامينات والبر وتينات والكربوهيدرات والعناصر المعدنية المختلفة، وتختلف احتياجات الخيول من الأعلاف بحسب فصائلها، فالخيول ذوات الدم الحار تكون متوسطة الوزن ولا تحتاج إلى كميات كبيرة من العلف وعلى العكس من ذلك تماماً فإن الخيول ذوات الدم البارد، الثقيلة الوزن، تستهلك كميات وفيرة من الأعلاف لأن جهازها الهضمي أكثر اتساعاً وحجماً من غيرها. أنواع العلف ومن أكثر أنواع العلف المستخدم لتغذية الخيل شيوعاً، البرسيم، الجزر والشمندر العلفي، وهي أعلاف صحية ومفيدة وسهلة الهضم ولذيذة المذاق وتستسيغها الخيول وتقبل عليها بنهم، الحشيش الأخضر، ويشكل لدى توفره العلف الأساسي في تغذية الخيول، الشعير، الذي يعطي الخيل طاقة كبيرة ويستخدم عادة منقوعاً في ماء مغليّ للحصول على أكبر قدر من الاستفادة، فول الصويا، وهو من أكثر أنواع الحبوب مصدراً للبروتين، بذور الكتان، ولها تأثير مفيد على القناة الهضمية، كما أنها تكسب جلد الخيل لمعاناً وبريقاً، والتبن، وهو من مواد العلف المالئة للبطن مثلها مثل الفول والشعير وتبن القمح. «القوائم» تتصدر المشاكل التغذية الطبية تستحوذ على اهتمام الملاك والمربين لاهاي (الاتحاد) - على هامش الجلسة، دارت حوارات كثيرة بين المتخصصين وعدد من مربي وملاك الخيول حول التغذية الطبية للخيول، وتبادل الحضور تجاربهم المختلفة، إضافة إلى ما يعرفونه من دراسات بهذا الصدد، وكان التأكيد على حقيقة شبه ثابتة في عالم بيطرة الخيول، وهي أنه بإمكان الطبيب البيطري أن يعنى بتغذية الخيول من وجهة النظر العلاجية في مشاكل صحية معينة بأسلوب غذائي، مثل استخدام فيتامين هـ لمرض حركة الأعصاب، والدهون لمرض تخزين الجليكوجين (ضعف العضلات)، وضبط الأحماض الدهنية في العليقة بعد الاضطرابات المعوية، علائق دفع النمو لصغار الخيول، وتحسين التغذية للخيول المسنة، وعلائق خاصة حسب الظروف كما في الشلل المتكرر لزيادة البوتاسيوم، والذي يتطلب كذلك عمليات ضبط غذائي في أمراض الكلى والكبد وتكوين حصوات الجهاز البولي والسمنة والعرج. كما أن هناك تغذية خاصة في العناية المركزة بالمستشفيات البيطرية، وهناك موانع (مضادات) الأكسدة والمواد الغنية بالطاقة والبروتين والمواد اللازمة للمناعة والنمو سواء للوقاية أو العلاج. وعموماً يلجأ رجال التغذية والرعاية إلي البيطريين عن نشوء مشاكل في أداء الخيول وتنفسها، ليس لعلمهم وتدريبيهم ولكن لخبرتهم العامة بالممارسة. وطرح المتحاورون عدداً من المشكلات والأمراض الشائعة، مثل سبل تقوية الحافر، وإصابة الوتر، ونزول الماء في القوائم والرمانات المستمر بعد كل عمل للجواد، كما استحوذت مشاكل القوائم على جزء كبير من الجدل، نسبة لشيوعها في الإمارات والمنطقة الخليجية، بسبب التربة، مما سأل البعض عن استخدام المكيفات داخل الإسطبل لتبريد الخيل وهل تسبب للخيل التهابات في العظام والمفاصل، وكانت الإجابة بأنها من الممكن أن تتسبب في التهابات في المفاصل للخيول، ونصح باستخدامها في أدنى حد ممكن.