تعتبر «بريجيت جابرييل» رئيسة ومؤسسة شبكة «تحركوا! من أجل أميركا» شخصية إعلامية مفضلة عند المحافظين القلقين من الإرهاب. وعشية الهجمات على مقر صحيفة «شارلي إيبدو» في باريس، نشر مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً لتعليقات «جابرييل» عن «المسلمين المنقطعين لتدمير الحضارة الغربية» في منتدى لمؤسسة التراث (هيريتيج فاونديشن) في يونيو الماضي. وفي جزء من المقطع المصور تسأل طالبة محجبة تدرس القانون في جامعة أميركية عن كيف يمكن الفوز بحرب أيديولوجية ضد المسلمين «الجهاديين» باستخدام الأسلحة دون مناقشتهم فكرياً. وجاء ضمن إجابة جابرييل على السؤال «المتشددون يقدرون بما يتراوح بين 15 و25 في المئة بحسب جميع أجهزة المخابرات حول العالم... أنتم تنظرون إلى ما بين 180 مليوناً و300 مليون شخص منقطعين لتدمير الحضارة الغربية». هل هذا الرقم صحيح؟ الإجابة لا، وهذا بحسب «إنجل راباسا» عالم السياسة البارز في شركة «راند». فأثناء إعداده بحثاً لأحدث كتبه وهو بعنوان «جهاد اليورو» وجد «راباسا» أن وكالات الاستخبارات في أوروبا الغربية تُقدر أن أقل من واحد في المئة من المسلمين الذين يعيشون داخل أراضيها معرضون لخطر أن يصبحوا متشددين. وانطلاقاً من هذه التقديرات الاستخباراتية، فعندما نحسب واحدا في المئة من السكان المسلمين في ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، حسب أكثر التقديرات سخاء، نجد أن هناك أقل من 125 ألف مسلم يعيشون في هذه البلدان مجتمعة عرضة لخطر التشدد. ولنضف هذا إلى السكان المتشددين المحتملين في باقي أوروبا فيصبح الإجمالي 325 ألف مسلم تقريباً عرضة لأن يصبحوا متشددين في أوروبا. والوصف المحوري هو «معرضون لأن يصبحوا متشددين». وهذا لا يعني أنهم سيحملون مسدساً أو يبدأون في تدبير هجوم. ويؤكد «راباسا» أن «التشدد والتطرف العنيف شيئان مختلفان.. سلوك التطرف العنيف لا يتحقق إلا إذا وقع الشخص المتشدد وسط دائرة من الناس مستعدة لاستخدام العنف». ويفيد «راباسا» أن المسلم «المتشدد» قد يكون أيضاً فرداً ينتمي إلى منظمة إسلامية تدافع عن تطبيق ما يعرف بالشريعة. لكنها لا تعتنق العنف نهجاً لتحقيق هذه الغاية. ولم يتم الرد على المكالمات الهاتفية ولا رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلت لشبكة «تحركوا! من أجل أميركا» للاستفسار عن إحصاءات وتصريحات جابرييل. والمؤشر الأفضل لتحديد نسبة المتطرفين بين المسلمين الأوروبيين المعرضين لخطر ممارسة العنف ربما يكون عن طريق حساب عدد الأشخاص الذين ذهبوا للقتال في سوريا والعراق مع أي من الجماعات المقاتلة الكثيرة في الميدان وأشهرها «داعش» لأن هؤلاء يشاركون في القتال ويتلقون تدريباً. وفي سبتمبر الماضي، ذكرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» أن مسؤولاً كبيراً في مكافحة الإرهاب من الاتحاد الأوروبي قال إن ثلاثة آلاف أوروبي تقريباً ذهبوا إلى القتال في سوريا، وتبين لاحقاً أن هذا الرقم يتضمن القتلى، وتقلص لاحقاً إلى ألفي شخص. وكان مسؤولون أميركيون قد قالوا في بداية الأمر أن هناك أكثر من 100 أميركي ذهبوا إلى سوريا. لكن رئيس مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. أي.) قلص هذا العدد بعد ذلك إلى 12 شخصاً تأكد ذهابهم إلى المنطقة. وتحذر الحكومات الغربية من عودة المقاتلين من سوريا ومن قدرتهم على شن هجمات إرهابية، ولذا من المعقول استنتاج أن هؤلاء «الجهاديين» العائدين سيكونون من أكثر الناس عرضة للتورط في التطرف العنيف ومحاولة تجنيد متشددين آخرين، هذا إذا لم تعتقلهم سلطات تنفيذ القانون عند دخولهم أوروبا. وحتى لو افترضنا جدلاً أن العدد ثلاثة آلاف، فهو لا يمثل إلا عُشر ممن يوصفون بأنهم «منقطعون لتدمير الحضارة الغربية» من مسلمي أوروبا ولا يمثل هذا الرقم إلا 0.01 في المئة من مسلمي أوروبا وليس 15 و25 في المئة كما تزعم جابرييل. الكسندر لاكاس * * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»