تحقيق-أحمد مرسي:
' خدمة ما بعد البيع' أو تلك الوعود التي تمنحها وكالات بيع السيارات لعملائها بتقديم العديد من الميزات لهم بعد الشراء ومدى الالتزام بتنفيذها، محل نزاع وصراع كبيرين بين طرفي القضية، يتركز لب المشكلة في اعتراض أصحاب السيارات على ارتفاع أسعار قطع الغيار والخدمات التي تقدم لهم والتي تفوق مثيلها خارج تلك الوكالات، إضافة إلى صعوبة التواصل بين الطرفين بسبب لغة الحوار المختلفة واعتماد تلك الشركات على العمالة الأجنبية مما أوجد حلقة خلاف أخرى نتيجة خطأ ما في تفهم الرسالة المراد إيصالها، واتهامات أخرى من جانب العملاء، تلاقى ردا وتبريرا من أصحاب الوكالات، نتعرف عليها خلال هذا التحقيق·
يقول سالم عبد الله البدور، من دبي، : إن هناك اختلافا واضحا في طريقة المعاملة بين بعض شركات الوكالات الخاصة بالسيارات وبين عملائها مقارنة بين فترتي قبل وبعد شراء السيارة حيث يلاحظ الترحاب والمعاملة الحسنة والاهتمام المبالغ فيه بالعميل أثناء البيع وفي اللقاء الأول بينهما تختلف هذه النظرة بعد شراء السيارة ويقل الاهتمام لدرجة قد تصل إلى حد الإهمال مع البعض منهم·
وأضاف أن الشركات الكبرى التي تريد لنفسها التميز والتوسع في أنشطتها عليها أن تنتبه جيداً إلى أن استمرارية تحقيق المزيد من الربح مرتبط بإضافة زبائن جدد إلى رصيدها وهو أمر يتحقق من السمعة الجيدة التي ينقلها العملاء فيما بينهم وما يتعلق بالخدمات التي تقدم من قبلها·
لب المشكلة
ونوه البدور إلى أن لب المشكلة والأساس في الخلاف الذي ينشأ بين الطرفين يتركز في الأسعار المبالغ فيها التي تفرضها الشركات على العملاء حول قطع الغيار والأجور المتعلقة بتقديم الخدمات والتي تزيد عن مثيلها في الخارج وبشكل واضح للجميع مما يوجد صراعا ومشاحنات بين الطرفين ينتهي بتكوين فكرة لدى العميل حول الوكلاء بالطمع والجشع واستغلال الأفراد والبحث عن أكبر قدر من الربح مهما كان نتيجة هذا الأمر من خسائر مستقبلية على العلاقة بينهما وخاصة إذا لم يجد العميل مفرا من الانصياع لهم والاستجابة لمطالبهم عن غصب دون اقتناع منه بأنهم على حق·
كسب الثقة
وأشار الفنان التشكيلي أحمد الأنصاري، وكان يراجع إحدى الشركات، إلى أن خدمة ما بعد البيع بالنسبة للسيارات تعتبر في وجهة نظره أهم من عملية البيع نفسها والتي يلتقي فيها الوكيل والعميل مرة واحة فقط يحاول خلالها الوكيل أن يستعرض كل الميزات التي من الممكن أن يقدمها للمشتري ويؤكد فيها أنه الأفضل مقارنه بالآخرين الذين يقدمون الخدمة نفسها أما عملية التواصل والاستمرارية فتتحقق في اللقاءات المتبادلة بين الطرفين والتي تتم خلال خدمات ما بعد البيع وهي العلاقات التي تحدد مدى صدق والتزام الوكلاء تجاه زبائنهم ورغبتهم في المحافظة عليهم والسعي لكسب ثقتهم ومن ثم استقطاب عملاء جدد· وذكر أنه يسمع عن الكثير من الخلافات والمشكلات التي تنشأ بين البائع والمشتري وخاصة فيما يتعلق بمطالبة الطرف الثاني بالتزام الأخير بتقديم الخدمات التي وعد بها سابقاً وتسليم السيارة في موعدها بعد إجراء الفحوصات والتدقيق عليها، منوهاً إلى أن الشركات الكبرى التي تسعى لبناء أسم جيد لها في السوق لا تقع في مثل هذه الإشكاليات البسيطة، وإنما تلجا دائماً إلى كسب عملائها حيث توصل شعور للعميل بأنه يمتلك الحق الكامل في مطالبه حتى وأن حصلت منه على مبالغ أكبر من الخدمة المستحقة التي قدمتها له·
سياسات ناجحة
من جانبه أشار المواطن راشد سلطان بن طليعة، إلى ضرورة أن ينتبه أصحاب الوكالات الخاصة بالسيارات إلى التخفيض من أسعار قطع الغيار التي تقدم لعملائهم وكذلك أسعار الصيانة التي يفرضونها مع كل زيارة لعملائهم أثناء خدمات المتابعة لما بعد البيع حيث تفوق تلك الأسعار مثيلتها في المحلات الخارجية مما يجعل العملاء في حالة اعتراض وشعور بأنهم مستغلون، منوهاً إلى أن بعض أصحاب تلك الوكالات قام بافتتاح محلات تجارية كبيرة وعلى قدر عال من التنوع والشمولية داخل الدولة واستطاع بذكاء أن يكسب الزبائن بتخفيض أسعار السلع التي يعرضها مقارنة بالمحلات والمتاجر الأخرى حتى تلك التي تتلقى دعما من الدولة مثل الجمعيات التعاونية وهو أمر يجب أن ينتبهوا إليه جيداً وأن يتبعوا تلك السياسات الناجحة في متاجرهم ويطبقونها في وكالاتهم فيما يخص أسعار قطع غيار السيارات·
لغة الحوار
وقال المواطن عيسى ناصر إن على الوكالات الخاصة بالسيارات أن تدرك تماماً أن السوق أصبح مفتوحا في الدولة وأن فرص الاختيارات باتت كثيرة أمام العملاء حيث يملكون تفضيل واحدة عن الأخرى لأي سبب يتوافق ومصالحهم الشخصية، منوهاً إلى أن هناك أمرا في غاية الأهمية يجب أن ينتبه إليه أصحاب الشركات وهو غياب العنصر البشري العربي بين موظفيها مما أوجد صعوبة في لغة الحوار بين بعض العملاء والموظفين الأجانب بل ووصل الأمر في العديد من المواقف بأن تقوم الشركة ببعض المهام لم يكن صاحب السيارة يريد إجرائها مما يضاعف من التكلفة التي سيتحملها وهو ما يزيد من حدة خلاف بينهما نتيجة عدم فهم كل منهما للآخر·
تجنٍ كبير
و للعاملين في الوكالات رأي آخر فيما يوجه إليهم من انتقادات حيث يقول المهندس مأمون أحمد صالح، مستشار خدمة في إحدى شركات وكالات السيارات الكبرى في الدولة، أن هناك تجنيا كبيرا من قبل بعض العملاء في اتهام شامل للشركات بسوء المعاملة والمبالغة في الأسعار وهو أمر بعيد عن الحقيقة حيث تحرص بعض الشركات على إرضاء عملائها بشتى السبل وتحاول أن تقدم لهم كل الخدمات لكسبهم باعتبارهم العامل الرئيسي لمواصلة عملها وبدونهم لا تستطيع الشركة الاستمرارية· وأضاف أن على العميل أن يعي جيداً الأسباب وراء ارتفاع أسعار خدمات الوكالات عن مثيلها في الخارج، وتتمثل في وجود قطع الغيار الأصلية، للجزئية المراد تبديلها، إضافة إلى منحه ضمان لفترة تصل إلى ستة أشهر بل عام في بعض الأحيان، فضلا عن إرشاد العميل إلى الجزء المراد إصلاحه وتجنيبه الوقوع في الأخطاء المتكررة في مراكز الخدمات الخارجية والتي غالباً ما تكلف الكثير لإصلاحها من جديد·
الأجر بالساعة
وأوضح محمد نزيه، مستشار خدمة في إحدى الشركات، أن الوكالات الكبرى في هذا المجال هي التي تحاول أن تكسب ثقة عملائها وأن تقدم لهم أفضل الخدمات وبشكل يحافظ على أوقاتهم مما يكلف الشركة زيادة في الأيدي العاملة الماهرة لديها لإنجاز المهام بصورة أسرع، وهو أمر يجب أن يوضع في حسبان العملاء في زيادة أسعار الخدمات التي تقدم له، مضيفاً أن الشركات الواضحة والصريحة في وعودها فيما تقدم من خدمات هي التي تحدد ما لها وما عليها للعميل في أول لقاء بينهما وتلتزم بها، دون الإخلال بالشروط فيما بينهما لكسب عملاء آخرين لديها· وذكر أن أجور الشركات نظير خدمة ما بعد البيع غالباً ما تحسب بحسب الوقت وهو أمر مكلف بعض الشيء حيث تستغرق بعض السيارات عدة ساعات لإتمام عملية صيانتها وهو عبء على العميل يشعره دائماً أن الأجر الذي يدفعه مرتفع جداً مقارنة بما يقدم له في الخارج·