عواصم (وكالات) اتفقت القوى الكبرى في ميونيخ الألمانية، أمس، على خطة طموحة لوقف المعارك المحتدمة في سوريا خلال أسبوع وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية، وذلك في ختام 5 ساعات من مفاوضات تهدف إلى إحياء عملية السلام المتعثرة، وسط مطالبات غربية بوقف العمليات العسكرية الروسية مع استثناء الضربات الموجهة ضد «داعش»، فيما أكدت موسكو عزمها على مواصلة الغارات قائلة إن الاتفاق لا ينطبق على عمليات مكافحة التنظيمات «الإرهابية». وبدوره، أكد الرئيس الأسد تصميمه على استعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة، محذراً من أن ذلك سيتطلب «وقتاً طويلاً»، وقال إن العملية العسكرية الجارية بمنطقة حلب تهدف لقطع الطريق بين هذه المدينة والأراضي التركية. وفيما رحبت واشنطن بتجديد السعودية تأكيد استعدادها للمشاركة بقوة برية، شدد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس، على أن هجوماً برياً لقوات محلية وأخرى قادمة من دول عربية سيكون «حاسماً» للقضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي. من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في ميونيخ أمس، أنه لا يمكن هزيمة «داعش» إلا إذا أزيح الأسد عن السلطة مضيفاً «هذا هو هدفنا وسوف نحققه في نهاية المطاف». وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعد محادثات مطولة شارك في رعايتها مع نظيره الروسي سيرجي لافروف، إن الدول الـ17 المشاركة في لقاء ميونيخ اتفقت على «وقف للمعارك في جميع أنحاء سوريا في غضون أسبوع». كما اتفقت المجموعة الدولية لدعم سوريا على «بدء تسريع وتوسيع إيصال المساعدات الإنسانية فوراً». وقال كيري، إن ذلك «سيبدأ هذا الأسبوع أولاً إلى المناطق الأكثر احتياجاً... ثم إلى الذين يحتاجون إليها في البلاد وخصوصاً في المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها». وأشار إلى أن هذه المساعدات ستشمل سلسلة من المدن المحاصرة منها دير الزور حيث يطوق «داعش» القوات الحكومية. وتابع أن الأولوية ستكون أيضاً لايصال المساعدة الإنسانية إلى الفوعة وكفريا والمناطق المحاصرة في ريف دمشق مضايا والمعضمية وكفر بطنا. وأضاف الوزير الأميركي أن «وصول المساعدات الإنسانية إلى هذه المناطق حيث الحاجة إليها أشد إلحاحاً، يجب أن يشكل خطوة أولى في اتجاه وصول المساعدة بلا عراقيل إلى كافة أنحاء البلاد». وقال كيري، إن المفاوضات بين المعارضة والنظام ستستأنف في أسرع وقت ممكن، لكنه حذر من أن «ما لدينا الآن هو حبر على ورق ونحتاج لأن نرى في الأيام المقبلة أفعالا على الأرض». لكن روسيا أوضحت منذ البداية أن هذا «الوقف» للمعارك لن يطبق على ضرباتها الجوية التي رجحت الكفة لمصلحة حليفها الأسد منذ أن انضمت إلى الصراع قبل 4 أشهر. وذكر وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في مؤتمر صحفي إن موسكو لن توقف القصف لأن الاتفاق لم يشمل تنظيم «داعش» و«النصرة» جناح «القاعدة» في سوريا. وقال لافروف «قواتنا الجوية ستستمر في العمل ضد هذه المنظمات». وتكرر روسيا القول إن هاتين الجماعتين هما المستهدفتان فقط من حملتها الجوية، لكن الدول الغربية تؤكد أن أغلب ضربات روسيا استهدفت في الواقع جماعات المعارضة المسلحة ومن بينها جماعات يساندها الغرب. وقال أمين عام حلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، إن على موسكو وقف الضربات ضد الجماعات المسلحة وقصر ضرباتها على «داعش» ليتم تفعيل أي اتفاق للسلام. وأضاف «روسيا استهدفت في الأساس جماعات المعارضة وليس (داعش).. الضربات التي وجهتها الطائرات الروسية ضد جماعات معارضة مختلفة قوضت جهود التوصل إلى حل سلمي من خلال التفاوض». وشدد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير الذي يستضيف المؤتمر بقوله «سنرى في الأيام القليلة القادمة ما إذا كان هذا اختراقاً فعلاً... عندما يرى العالم أن اتفاقات ميونيخ قائمة وتنفذ من قبل نظام الأسد و(حزب الله) ومسلحي المعارضة وكذلك من قبل روسيا». وأكدت القوى الكبرى مرة أخرى الالتزام «بانتقال سياسي» في سوريا بمجرد أن تسمح الظروف. وقال كيري «من دون انتقال سياسي لا يمكن تحقيق السلام». ودعا لافروف إلى استئناف محادثات السلام السياسية بجنيف في أسرع وقت وحث أيضاً على ضرورة مشاركة جميع جماعات المعارضة السورية، في إشارة إلى استبعاد الجماعات الكردية بضغط من تركيا. ورحبت جماعات معارضة رئيسية في سوريا بحذر بالخطة لكنها قالت إنها لن توافق على الانضمام للمحادثات السياسية ما لم يثبت الاتفاق فعاليته. وذكر المرصد السوري الحقوقي أن مدينة تل رفعت بريف حلب كانت هدفاً لقصف عنيف من الطائرات الروسية صباح أمس، مضيفاً أن طائرات حربية يعتقد أنها روسية هاجمت أيضاً بلدات في شمال حمص. عاهل الأردن: نواجه حرباً عالمية جديدة بسبب الإرهاب ميونيخ (وكالات) قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، إن الإرهاب بات يتسبب بحرب عالمية جديدة، داعياً إلى تكثيف الجهود الدولية لمكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي. وأضاف، في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر الأمن بمدينة ميونيخ الألمانية، أمس، أن ثمة ضرورة لمواجهة الحركات المتشددة في دول البلقان، ودمجها في أوروبا، على اعتبار أن الإرهاب لم يعد حكراً على العراق وسوريا. ودعا العاهل الأردني إلى مواجهة أزمة اللاجئين بدعم من المجتمع الدولي، مؤكداً أن التوصل إلى حل سياسي في سوريا يتطلب وقف القتل. وأشار إلى أن «داعش» الإرهابي يستغل بقاء القضية الفلسطينية دون حل، محذراً من تحولها إلى صراع ديني على نطاق عالمي في حال عدم التوصل إلى تسوية.