دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس إسرائيل إلى الاختيار بين السلام والاستيطان للمضي قدما في المفاوضات المباشرة. وقال عباس في خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقد في نيويورك "ان مطالبتنا بتجميد الاستيطان ورفع الحصار ووقف السياسات والممارسات الاسرائيلية غير القانونية لا تشكل شروطا مسبقة غريبة عن مسيرة العملية السلمية بل هي تنفيذ لالتزامات وتعهدات سابقة تم التأكيد على تنفيذها في الاتفاقات والقرارات جميعاً التي صدرت منذ انطلاق العملية السياسية". واضاف "والتزام اسرائيل بتحقيقها يوفر المناخ الضروري لانجاح المفاوضات والمصداقية للوعد بتنفيذ نتائجها وعلى اسرائيل أن تختار بين السلام واستمرار الاستيطان". وحذر عباس من عودة العنف الى المنطقة وقال "ان شعبنا ووطننا فلسطين ومنطقتنا منطقة الشرق الاوسط تواجه مشاكل خطيرة لا زالت تدفع بها الى مربعات العنف والنزاع وذلك بسبب اضاعة الفرصة تلو الفرصة لمعالجة قضايا شعوب المنطقة بشكل جدي والتوصل لحلول جذرية شاملة". واضاف "وبسبب عقلية التوسع والهيمنة التي ما زالت تحكم فكر وتوجهات اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال والتي جعلت من عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية بما فيها قرارات الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الامن نهجها السائد مما يفقد تلك القرارات تأثيرها واحترامها ويؤثر على مصداقية الامم المتحدة". وتابع عباس قائلا "ويعزز وجهة النظر القائلة بأن هناك سياسة للكيل بمكيالين وخاصة فيما يتعلق بقضية شعبنا الفلسطيني وأن اسرائيل دولة فوق القانون تضرب عرض الحائط بكل تلك القرارات وتمارس القمع والاعتقال والقتل والتدمير وهدم البيوت والحصار والتوسع الاستيطاني واقامة جدار الضم والعزل العنصري بحق شعبنا ووجوده على أرض وطنه دون رادع". وطالب الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي أن يستخلص العبر من الاسباب التي أدت الى تعثر العملية السياسية وعدم تمكنها من الوصول الى الاهداف المرجوة منها. واضاف أن "إعادة المصداقية لعملية السلام يتطلب أساسا الزام حكومة اسرائيل بتنفيذ التزاماتها وخاصة وقف الانشطة الاستيطانية كافة في الارض الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس الشرقية وحولها وتفكيك جدار الضم والعزل العنصري وانهاء سياسة الحصار والاغلاقات وازالة الحواجز التي تعطل حياة شعبنا وتحرمه من أبسط حقوقه الانسانية الاساسية". واستعرض عباس في خطابه الوضع في مدينة القدس وقال "ان مدينة القدس الشرقية العريقة عاصمة دولة فلسطين المستقلة والمصنفة بقرار من منظمة اليونسكو على أنها أحد معالم التراث العالمي الانساني الواجبة حمايته تتعرض من قبل اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال لعمليات تزويرٍ للحقائق وتدمير للمعالم والمقابر وللهوية الدينية والروحية والتاريخية في أرجاء المدينة المقدسة كافة بوتيرة متسارعة". وقال ان "ايدينا الجريحة لا تزال قادرة على حمل غصن الزيتون". كما تعهد ببذل "كل جهد مخلص" للتوصل الى اتفاق مع اسرائيل خلال عام. في غضون ذلك استأنف المستوطنون البناء في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، عشية انتهاء موعد تجميده المقرر اليوم الاحد، حيث قام سكان مستوطنة "رفافا" بالقرب من سلفيت بالاستيلاء على عشرات الدونمات الزراعية وأقاموا عليها أكثر من 20 كرفانا. وتعتبر مستوطنة "رفافا" وحسب تقارير حركة السلام الإسرائيلية من أكثر المستوطنات التي شهدت توسعا استيطانيا خلال فترة الادعاء بتجميد الاستيطان. وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية إن عددا من المستوطنين من مستوطنة "ألون موريه" القريبة من قرية دير الحطب شرق نابلس قاموا بوضع ثلاثة كرفانات على اراضي الفلسطينيين، في تحد واضح لقرار تجميد الاستيطان. وتواصلت الجهود امس في محاولة لانتزاع تسوية بين الاسرائيليين والفلسطينيين، قبل ساعات من انتهاء مهلة تجميد الاستيطان في الضفة الغربية الذي قد ياتي على مفاوضات السلام الهشة التي استؤنفت مؤخرا. وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا قوية داعية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى "بذل كل الجهود الممكنة" لمنع توقف المفاوضات. ولا تزال الشكوك تحوم امس حول انعقاد لقاء بين عباس ووزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، بعد اجتماع استمر عشرين دقيقة مساء امس الاول ولم يأت بجديد بحسب عباس. واعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي انه ليس هناك لقاء "مقرر في هذه المرحلة"، وفي المقابل افاد مقربون من الرئيس الفلسطيني ان لقاءً سيعقد بعد كلمة عباس امام الجمعية العامة. من جهته، طلب نتنياهو من وزير دفاعه ايهود باراك، تمديد زيارته الى نيويورك للمشاركة في الجهود الرامية للتوصل الى تسوية ولانقاذ مفاوضات السلام. وطلبت الاسرة الدولية وعلى رأسها باراك اوباما، بوضوح من نتنياهو تمديد تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المعلن قبل عشرة اشهر. وفي الوقت نفس، دعا الاميركيون الفلسطينيين الى "عدم التهديد بالانسحاب" من المفاوضات. واقترحت واشنطن تمديد التجميد لثلاثة اشهر ريثما يتم التوصل الى اتفاق حول الحدود، في صيغة يدعمها المفاوضون الفلسطينيون حسب مصادر فلسطينية.