بروكسل -رويترز: اسطول صغير من الزوارق مدعوم بالطائرات على وشك الانطلاق من سواحل اوروبا الى المياه الواقعة قبالة غرب أفريقيا لمنع مهاجرين غير شرعيين يجازفون بأرواحهم من أجل الوصول الى دول الاتحاد الاوروبي الغنية· ومع إقدام آلاف الأفارقة على الرحلة المحفوفة بالمخاطر الى دول الساحل الجنوبي لأوروبا مثل اسبانيا ومالطا وايطاليا ترغب الدول ألأعضاء في الاتحاد الاوروبي وعددها 25 في اتخاذ خط اكثر صرامة· وقالت دافني بوتييه باكيه من مكتب منظمة مراقبة حقوق الانسان بالاتحاد الاوروبي ''نحن نتحرك باتجاه عسكرة إدارة هذه الأزمة·'' وأضافت أن تعبير اوروبا القلعة ''كليشيه لكنه يظل حقيقيا·'' وستحاول الدورية البحرية اعتراض المهاجرين غير الشرعيين قبل أن يغادروا المياه الأفريقية ويتوجهوا الى جزر الخالدات التي وصل اليها اكثر من عشرة آلاف هذا العام مقابل نحو 4700 العام الماضي· ويعتقد أن مئات آخرين لقوا حتفهم في الطريق الى هناك· واتفقت اليزابيث كوليت من مركز السياسة الاوروبية ومقره بروكسل مع وصف ''القلعة'' وقالت ''إنه (تعبير) مجازي سهل لكنه دقيق الى حد ما· دول أعضاء (الاتحاد الاوروبي) تجد اتخاذ خطوات لمكافحة الهجرة غير المشروعة اسهل كثيرا من الموافقة على الهجرة المشروعة·'' ويتولى الاتحاد الاوروبي مهمة جزر الخالدات التي تستمر شهرا ونسقتها وكالة الحدود التابعة للاتحاد وأنشئت حديثا (فرونتيكس)· وقال جيل ارياس نائب مدير (فرونتيكس) إن هذه المهمة لن يشارك فيها الا بضعة زوارق وطائرات وخبراء في مجال الهجرة أوفدتهم 12 دولة· كانت اسبانيا قد طلبت الشهر الماضي من دول أخرى خمسة زوارق للقيام بدوريات وخمس طائرات هليكوبتر وطائرة من أجل هذه المهمة· وأضاف ارياس أن (فرونتيكس) نظمت في الآونة الأخيرة اول طلعة جوية مشتركة للاتحاد الاوروبي لترحيل ثمانية مهاجرين غير شرعيين من فرنسا وبولندا والنمسا الى جورجيا وبعض جاراتها· وتابع قائلا إن هذه المهام الأولى المتواضعة هي اكثر من مجرد استعراض رمزي للتضامن وسيعقبها المزيد· وتقترح المفوضية الاوروبية مشروع قانون في يوليو تموز لتسهيل تشكيل دوريات بحرية اوروبية· وقالت كوليت من مركز السياسة الاوروبية ''تطبيق مثل هذه الإجراءات كان أسهل كثيرا لأنها لا تتعامل مع السؤال الصعب وهو هل نحتاج الى مهاجرين في اوروبا وإن كان هذا صحيحا فأي نوع من المهاجرين·'' المفوضية الاوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الاوروبي فشلت حتى الآن الى حد كبير في جهودها لإقناع الدول أعضاء الاتحاد بتبني قواعد مشتركة بشأن الهجرة الشرعية· وقالت كوليت ''تختلف نظرتها (الدول) عن أحدها الآخر لاحتياجاتها ولكل منها نظام مختلف تماما للهجرة· وانتقدت المانيا وهولندا اسبانيا العام الماضي حين عفت عن اكثر من 700 الف مهاجر اذ خشيت من أن يتابع هؤلاء طريقهم عبر اوروبا باتجاههما· المحرك الأساسي وراء الجدل الدائر في كثير من الدول الاوروبية هو المخاوف الجماهيرية من أن تغمر اوروبا بطالبي اللجوء الكاذبين ومن أن يسرق العمال المهاجرون فرص عمل متاحة في اوروبا بالرغم من انخفاض حاد في طلبات اللجوء والحد من الهجرة الشرعية· وقالت كوليت إن الاتحاد الاوروبي تبنى قواعد للجوء وللمهاجرين الشرعيين لفترات طويلة لكن معاييرها تقف عند الحد الأدنى كما يشوبها الكثير من الثغرات بحيث لا تحدث تغييرا يذكر على أرض الواقع· وقال فريزو روسكام ابينج المتحدث باسم المفوضية الاوروبية لشؤون الهجرة ''يجب الا نغمض أعيننا بعد الآن عن أننا بحاجة الى (المهاجرين) الافارقة· المهاجرون يسهمون في المجتمع واذا استطعنا إدارة هذا الأمر فلن يكون هناك اي شيء ضده·'' وتابع أن العجز السكاني في دول الاتحاد يبرر مزيدا من الهجرة· وكثيرة من دول اوروبا تعاني من ارتفاع نسبة المسنين بين سكانها ويقول خبراء إن الاتحاد بحاجة الى فتح ابوابه بدرجة اكبر امام الهجرة المشروعة لتحسين اقتصادها· وقالت كوليت وبوتييه باكيه إن أزمة جزر الخالدات جعلت اوروبا تدرك أن عليها التعاون مع افريقيا· وفي اجتماع عقد في السنغال هذا الشهر اتفق خبراء من القارتين على أنه يجب أن تساعد اوروبا افريقيا في التعامل مع الفقر ونقص التنمية اللذين يسببان الهجرة غير المشروعة· ومن المقرر تبني مسودة الخطة التي وضعت خلال ذلك الاجتماع في اجتماع لوزراء من اوروبا وافريقيا خلال قمة بالعاصمة المغربية الرباط تجرى في 10 و11 يوليو · وقال لوي ميشيل مفوض التنمية بالاتحاد إن خبراء اوروبيين يجتمعون هذا الشهر لبحث كيفية استخدام المزيد من المساعدات الاوروبية في مشاريع تنمية بافريقيا· ويقول الاتحاد الاوروبي إنه اكبر مانحي المساعدات على مستوى العالم حيث تظهر الأرقام أن دوله وفرت 43,3 مليار دولار عام 2004 اي ما يزيد عن نصف مجمل المساعدات الدولية· واتفقت الدول الأعضاء العام الماضي على تعزيز إنفاق المساعدات ليصل الى 0,56 في المئة من إجمالي الدخل القومي بحلول عام 2010 و0,7 في المئة بحلول عام ·2015 كما اتفقت على أن نصف هذه الزيادة للمساعدات ستوجه لافريقيا· وقالت بوتييه باكيه إن مسودة خطة الاتحاد الاوروبي وافريقيا التي وضعت في دكار تركز على الإجراءات القمعية اكثر ما تركز على المساعدات· وتخشى كوليت من أن يكون الاتحاد الاوروبي يحاول التخلص من عبء التعامل مع مهاجري افريقيا جنوب الصحراء بإلقائه على كاهل دول شمال افريقيا· وقال ادان مارتن مينيز رئيس جزر الخالدات حين زار بروكسل في يونيو إن اكثر ما يحتاجه من الاتحاد الاوروبي هو الاستثمار في تنمية اقتصادات الجارات الافريقيات· وهناك ايضا مسألة كيفية استخدام الأموال التي تثير قضايا تتعلق بالكفاءة على الجانبين· وقال باتريك جوبير عضو البرلمان الاوروبي عقب زيارة قام بها لمراكز استقبال المهاجرين في جزر الخالدات هذا الشهر ''أين ذهبت كل الأموال التي أرسلناها الى افريقيا·''