بدأت شركات أميركية بما فيها “ديل” و”آبل” و”هيولت باكارد”، منذ تسعينيات القرن الماضي في تحويل إنتاجها واحدة تلو الأخرى بالتعاقد مع شركات صناعية في شينزين ومدن أخرى داخل الصين. لكن بدأت تظهر الآن بوادر التغيير العكسي في هذا التوجه. وعلى الرغم من ضعف الظاهرة، إلا أن بعض الشركات الأميركية تقوم بصناعة منتجاتها مجدداً داخل البلاد. وبينما عدد من هذه الشركات صغيرة مثل “إي تي لأنظمة المياه”، إلا أن هناك تحركات كبيرة ملحوظة من قبل كبرى الشركات الاستهلاكية والصناعية في أميركا. وبالإضافة إلى “جوجل” التي قامت بصناعة مشغل موسيقى “نيكزس كيو” في أميركا، أعادت في العام الماضي “جنرال موتورز” و”كاتربيلر” مثلاً، عمليات التجميع لأميركا مرة أخرى. كما هناك بعض الأنباء التي تفيد ببناء “أيرباص” الأوروبية لمصنع للطائرات بولاية ألباما الأميركية. ويبدو أن هناك أسباباً عديدة تقف وراء هذه العودة. وجعل ارتفاع الأجور وتكاليف الطاقة عمليات الإنتاج الصناعي أكثر تكلفة في الصين، لا سيما مع زيادة تكاليف المواصلات ووعي الشركات الكبير بمدى المخاطر المرتبطة بسرقة حقوق الملكية الفكرية عندما تتم عمليات الإنتاج في الصين، وبميزة عامل الوقت كوسيلة للمنافسة، حيث لا يستغرق الوصول إلى المصنع في أميركا سوى دقائق معدودة مقارنة بنحو 16 ساعة طيران إلى الصين. وينطبق ذلك على “إي تي لأنظمة المياه” العاملة في صناعة أنظمة إدارة الري التي قامت مؤخراً بنقل عملياتها الصناعية من مدينة داليان الصينية إلى سيلكون فالي في ولاية كاليفورنيا، حيث يقول مديرها التنفيذي بات ماك إنتاير: “يمثل الوقت عاملاً بالغ الأهمية بالنسبة لنا، ونحن وبكل صراحة نفضل المحليين، لأن إرسال واحد من العاملين لدينا كل أسبوعين للصين ليس بالعملية السهلة”. ويقول هارولد سيركين، المدير الإداري لمجموعة “بوسطن الاستشارية”: “كانت قضية إعادة الإنتاج الصناعي لأميركا في وقت لا يتعدى فيه أجر العامل الصيني 58 سنتاً للساعة من الأمور المستحيلة، لكن وبتراوح هذه الأجور بين 3 إلى 6 دولارات للساعة، تغيرت المعادلة فجأة”. ووفقاً للمجموعة، فإن ثلث الشركات الأميركية التي تزيد عائداتها عن مليار دولار، أما أنها تخطط أو عزمت على إعادة إنتاجها لأميركا. كما من المتوقع أن توفر عودة هذه الشركات فرص عمل بين 2 إلى 3 ملايين وظيفة. ويرى ميتش فري، رئيس شركة “أم أف جي دوت كام” العاملة في بيع المنتجات الالكترونية، أن عوامل أخرى تلعب أدواراً هامة أيضاً في إعادة النشاط الصناعي إلى أميركا، مشيراً إلى توجهات تتضمن توزيع الصناعة والتخصيص. ومعظم القطع المكونة لجهاز “نيكزس كيو” المستخدم في ربط التلفزيون أو نظام الصوت بالإنترنت لتشغيل صورة أو صوت فيديو بالمنزل، مصنوعة في أميركا. ووجد المهندسون الذين يشرفون على صناعة الجهاز أن صناعة الزنك تتم في مدن الوسط الغربي، بينما موردو مكونات البلاستيك في جنوب كاليفورنيا. ويذكر أن تكلفة الجهاز عند 299 دولاراً أكثر من تكلفة الأجهزة الأخرى المنافسة من شركات مثل “آبل” و”روكو”. وتعزي “جوجل” ذلك نسبياً إلى ارتفاع تكلفة الصناعة في أميركا، إلا أنها تتوقع انخفاضها عبر زيادة حجم الإنتاج. وتأمل الشركة في إقبال المستهلك على شراء الجهاز على الرغم من أنها لا تخطط لجعل “صُنع في أميركا” جزءاً من حملة التسويق. نقلاً عن: «إنترناشونال هيرالد تريبيون» ترجمة: حسونة الطيب