مع إقبال رمضان واقتراب العيد، نجد البهجة والفرح تعم أرجاء العالم الإسلامي، حيث تعيش كافة الإمارات ومنها الشارقة أياماً مشرقة وليالي مزدانة بشلالات الضياء والألوان، محاطة بأجواء حراك منعش نرى شواهده جلية على وجوه المارة وازدحام الأسواق والشوارع والميادين، فتكتظ كافة المراكز والمحال التجارية وتضج بالمتسوقين، وتتحول أماكن بيع الملابس والجلابيات والعبايات النسائية على وجه الخصوص لنقاط استقطاب وجذب منقطعة النظير. مستلزمات رمضان والعيد مع حلول المساء وبعد الانتهاء من صلاة التراويح مباشرة تبدأ مظاهر الزحمة لتطغى على شوارع الشارقة وطرقاتها، وتنشط معها جميع الأسواق الشعبية والمحال التي تعنى ببيع وتفصيل الملابس والأزياء الخليجية النمط والطابع، مثل السوق القديم وسوق البحر وشارع الميناء، فلا يكاد يخلو مكان من تواجد النساء الراغبات بالتسوق بمستلزمات رمضان والعيد من الأثواب والأقمشة و«المخاوير»، والتي تعّبر في الأساس عن خصوصية تراث الشعب الإماراتي وثقافته الإنسانية، حيث تتزين النساء عادة في هذا الشهر الكريم بأزياء محلية زاخرة بالألوان والمطرزات مستنبطة من صميم الموروثات الشعبية القديمة، والتي ما زالت حاضرة وبقوة في وجدان وذوق معظم السيدات والفتيات الإماراتيات، وتصف هذا الاهتمام المتنامي بلبس الزي التقليدي، ريم عبدالله (24 عاماً)، خريجة جامعية، فتقول: «بالرغم من مظاهر التطور والمدنية التي تحيط بواقعنا المعاصر، إلا أننا كمواطنات ما زلنا نتمسك بأطر العادات والتقاليد، فيشّكل موسم رمضان لنا مناسبة خاصة نستعد لها ونترقبها بكل شوق وفرح، وحيث تتحول من خلاله أزياؤنا التقليدية الطابع والنمط إلى مطلب لمعظم النساء ومن كافة الأعمار والخلفيات الاجتماعية، إذ نعتز بلبس الجديد من الجلابيات «المخورة» والمطرزة بخيوط «الزري» المعدنية طوال أيام الشهر، وعادة ما نستقبل بها الضيوف والزوار من الأهل والأقارب بكل فخر واعتزاز». تقاليد جميلة وتعبّر نورة جاسم (48 عاماً)، ربة أسرة، عن حرصها الشديد على شراء الجديد من الجلابيات والملابس الرمضانية، فتقول: «نحن نساء الإمارات نعتز بتراثنا العريق وماضي الآباء والأجداد، وهذه الأثواب الخليجية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من هويتنا وتقاليدنا الجميلة، فلقد تربينا على رؤية أمهاتنا وجداتنا يرتدين الجلابية «المخّورة» والثوب المشغول بـ «التليّ» و «المجّزع» وسراويل «البادلة» وخلافه، ومع أن نمط الملابس تغيّر كثيراً في السنوات الأخيرة، ودخلت عليه العديد من عناصر التجديد إلا أن هناك حنيناً يسكن داخلنا لهذه النوعية من الأزياء العربية، وترتبط عادة ارتباطاً وثيقاً بمواسم رمضان والعيد، فنهتم بتفصيلها أوشرائها جاهزة من الأسواق الشعبية المتعددة في إمارة الشارقة وضواحيها، لنتزيّن بها في جميع أمسيتنا الرمضانية». زحمة الأسواق ومع زحمة الأسواق الشعبية وكثرة الطلب على هذه النوعية من الأزياء التقليدية تحديداً في رمضان، ترتفع الأسعار وتشتد المنافسة بين قطاع محال الخياطة والتطريز، والتي يبرر القائمون عليها هذا الأمر ويرجعونه إلى كون هذا الشهر الفضيل يعتبر موسماً من أهم مواسم السنة، يتنظره كافة التجار بفارغ الصبر، ومع ازدياد وتيرة العمل تختلف وترتفع بالتالي معها الأسعار، لأن المسألة تتلخص بكونها «عرضاً وطلباً»، كما أن معظم الموديلات والألوان الجديدة يعلن عن بيعها في هذا الفترة من كل عام، مما يجعلها مرغوبة ومطلوبة بشكل أكبر.