عصام أبو القاسم (الشارقة)

تواصلت مساء أمس الأول ونهار البارحة فعاليات الدورة السابعة من مهرجان المسرحيات القصيرة الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة ويحتضنه المركز الثقافي لمدينة كلباء، حيث شهد الجمهور ثلاثة أعمال، أولها «شيلوك والعاصفة»، من إعداد وإخراج رامي مجدي، عن نص «تاجر البندقية» لشكسبير، وقد أشادت بعض الإفادات في الندوة النقدية التي تلت تقديم العرض بالمشهدية الغنية التي ميزت العمل كما ثمنت جهد الفريق التمثيلي الذي بدا متناغماً في تشخيص الحالات والتعبير عن الانفعالات.
وأظهر مخرج العرض شخصية شايلوك «التاجر اليهودي» كعابد للمال، ويمكن أن يفعل أي شيء حباً به.
واشتغل المخرج على تصميمات الأزياء وألوانها لإبراز البعد الدلالي لعرضه كما أظهر يقظة واضحة في استثمار الإضاءة والمؤثرات الصوتية.
اما العرض الثاني فجاء تحت عنوان «الأعمى والمقعد» للكاتب للسريلانكي درماسينا باتيراجا، ومن إخراج آمنة النقبي، التي اعتمدت بشكل أساسي على الأداء التمثيلي، في فضاء شبه خال.
ويحكي العمل عن كسيح وضرير، يركب الأول على ظهر الثاني.
والطريق أمامهما يمضي في اتجاه مكان مشتهى..
أشبه بقصر أو جنة.
وتستمر وقائع العرض عندما يبدأ الثاني في التشكي من الحمل الثقيل على ظهره، فيرد عليه الأول بأن الثقل أخف من عدم الرؤية، وهكذا يبدأ كل واحد منهما في تعداد ما يملكه هو ويفتقر إليه الآخر، ولكنهما سرعان ما يكتشفان حاجتهما المشتركة إلى أن يتعاونا للتقدم في المشوار.
اما العرض الثالث فلقد جاء تحت عنوان «رأس المملوك جابر»، عن نص «مغامرة رأس المملوك جابر» للكاتب السوري سعد الله ونوس، وقد أفلح في إخراجه أحمد عبد الله راشد، الذي أشادت به الندوة النقدية.
ونظم نهار أمس ملتقى الشارقة السادس للبحث المسرحي، واستضاف الملتقى المعني بحملة رسائل الدكتوراه من طلاب كليات الدراسات العليا العربية المتخصصة في المسرح، الباحثين الحائزين شهادة الدكتوراه خلال هذه السنة، الدكتور أحمد عبد المنعم من مصر، والدكتور سليم شنة من الجزائر، وأدار الجلسة الفنان العراقي حسين علي هارف.
وتحدث أحمد عبد المنعم عن رسالته «النص غير الحواري في المسرح التعبيري: نماذج عالمية»، وخصص بحثه للتقصي حول ماهية وجدوى كل ما ليس حواراً في النص الدرامي المسرحي المطبوع.
وذكر الباحث أن بحثه كشف عن قدر كبير من الفجوات المعرفية، والعلمية، الخاصة بكل نص من النصوص غير الحوارية، عبر تاريخ الدراما المسرحية، منذ الكلاسيكية الإغريقية، وحتى تعبيرية بدايات القرن العشرين، مما يجعل من هذه النصوص كاشفة لحقائق جديدة، عن موضوعات قديمة، وبالتالي فهي تساعد في تقديم قراءات جديدة، قد تغير بعض المفاهيم الراسخة عن الكلاسيكية، والرومانسية، والواقعية، والتعبيرية، عند المسرحيين الأكاديميين، وصناع العروض.
أما سليم شنة فقدم رسالته «الثورة التحريرية الجزائرية في الإخراج المسرحي الجزائري المعاصر»، ليرصد توجه المسرح الثوري الجزائري إبان الحقبة الاستعمارية وبعد الاستقلال، والدور الذي لعبه في إيقاظ الضمائر، وشحذ الهمم، وتوعية الجماهير بضرورة الاستبسال في وجه الاستعمار، ومن ثم إنعاش الذاكرة الشعبية والتاريخية للمجتمع الجزائري، وربط جيل الأمس بجيل اليوم.
وقد ركزت دراسته على رسم مسار محدد، انطلقت فيه من إشكالية طرحها في أسئلة مثل: كيف ساهم الإخراج المسرحي الجزائري المعاصر في تجسيد الوقائع التاريخية للثورة التحريرية والتأريخ لها؟، وكيف استطاع المسرح إعادة إنتاج أحداث الثورة التحريرية وعرضها على المجتمع الجزائري، من الناحيتين السياسية والثقافية؟، وهل استطاع المسرح الجزائري المعاصر أن يرصد الوقائع التاريخية في كل جوانبها، ومحاكاته للأعمال النضالية على الركح وجعلها وثائق أرشيفية مرئية؟