انتشرت مؤخرا بسلطنة عُمان المحافظ الاستثمارية، التي وصفها البعض أنها تحقق الأحلام، ولكن مع بوادر الانهيار الاقتصادي الذي حل بالعالم، بدأت منحنياتها تتهاوى، رغم أن الكثير من مديريها، قالوا إننا بمأمن عن ما يحدث في العالم· وصدق البعض القصة، مع التيقن الكبير بأننا جزء من هذا العالم ولا يعيش بمفرده نؤثر ونتأثر، ثم فر مديرو المحافظ الاستثمارية بملايين الريالات وأصبحت أرقام هواتفهم جزءا من سراب الطريق وفي أدراج الرياح، وأصبحت لغة التواصل معهم معدومة· وأصبحت المنتديات الالكترونية هي الرباط الذي يجمع آراء المتضررين، في حين غاب أصحاب المحافظ يجولون بلاد العالم، وظل المواطن العُماني يصفق بيديه بعد أن رأى في وضح النهار فقدان أمواله· وفي الخامس من نوفمبر الماضي، أصدر البنك المركزى العمانى تحذيرا من ظهور بعض المؤسسات تحت مسميات مختلفة كالمحافظ وغيرها، والتى تقوم بتجميع الأموال من المواطنين والمقيمين لغرض الاستثمار في أدوات مالية مختلفة من أسهم وسندات وكذلك المضاربة في العملات الاجنبية وغيرها من الأنشطة المالية مقابل نسبة فائدة محددة سلفا تدفع شهريا أو حسب الاتفاق· وأكد البنك المركزي العماني في بيان له، أنه ونظرا لما يعتري ذلك من مخاطر كبيرة للمستثمرين في مثل هذه الأدوات وعن طريق تلك المؤسسات والتي قد تؤدي إلى ضياع رأس المال، فإن البنك المركزي يحذر من التعامل مع الموءسسات المذكورة· وأوضح البنك أن تسلم الودائع واستثمارها يعتبر من الأعمال المصرفية المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون المصرفي، وهى مسموح بها فقط للبنوك المرخصة دون غيرها، مؤكداً أن مزاولة ذلك النشاط من قبل المؤسسات من غير البنوك يجعلها تحت طائلة الجزاءات المنصوص عليها في المادة 52 من القانون المصرفي· كما حذر متعاملون وخبراء في سوق العقارات والمال، من مخاطر انتشار المحافظ الاستثمارية الشخصية غير المرخصة والتي يقدم بعضها وعودا للمستثمرين بتحقيق عوائد شهرية بنسب تتراوح بين 25% و30% من أموالهم، ويتم منح المستثمرين فيها شيكات لضمان عوائدهم لعدة اشهر قادمة· اما اصحاب المؤسسات المصرفية، فقد أكدوا على خطورة الأمر ووصف سلطان بن سعيد، مالك لإحدى المؤسسات التجارية المصرفية، أن انتشار محافظ غير مرخصة وغير واضحة من حيث أنشطتها أو رأسمالها يشكل خطورة على السوق وقد يكون وسيلة لاستغلال الناس وسرقة أموالهم· وقال بن سعيد: هناك احتمالان في مثل هذه الأنشطة، فربما يكون صاحب هذه المحفظة يتمتع بملاءة مالية، ويسعى إلى إثبات نفسه في السوق، وبالتالي فهو يتحمل هذه العوائد للمستثمرين لفترة معينة، ولكن ربما تكون العملية لا تعدو كونها عملية نصب واحتيال، ومن ثم يختفي مع الأموال التي جمعها من الأفراد· وشدد بن سعيد على ضرورة قيام الجهات الحكومية بمراقبة وضبط مثل هذه الأنشطة وتنظيم عملها وفقا لشروط التراخيص التجارية· اما المواطن خلفان العامري، فقال إن الاستثمار في محافظ تابعة لشركات استثمارية معينة يعتبر أكثر أمنا، حيث يعرف المستثمر أنه يتعامل مع جهة منظمة ومرخصة، إلا أن أغلب المحافظ الحالية تعد محافظ شخصية وتعتمد في ضمان الحقوق على الشيكات، إلا أنها تفتقر إلى الضوابط· وقال: هناك الكثير من أصدقائنا أصيبوا بإشكاليات نتيجة ما حدث لبعض المحافظ التي انهارت، وفر أصحابها خارج الوطن، والأمثلة عديدة، ومن يدخل المنتديات الالكترونية سيرى بوضوح الاستغاثة من قبل المواطنين من هذه المحافظ، وفعلا نشعر بالحسرة على الأموال التي نسمعها، والتي تبلغ فوق مئات الألوف، وبعد تدني السوق بسبب الأزمة العالمية سمعنا بفرار بعض أصحاب المحافظ ولا يعرف لهم طريق· أما سعود بن سعيد السيابي، فيقول إن انتشار المحافظ غير المنظمة أمر خطير، مؤكداً ضرورة تنظيم هذا القطاع على مستوى الدولة وعدم السماح بممارسة أنشطة تجارية مماثلة، إلا وفق ضوابط وشروط تضعها الجهات الحكومية، ويجب على أي أشخاص أو شركات ترغب في الاستثمار عن طريق تشكيل محافظ استثمارية·