انعقدت أول أمس أول وأكبر قمة بين الولايات المتحدة وقادة الدول الأفريقية في العاصمة واشنطن. واستناداً إلى رحلة أوباما إلى أفريقيا العام الماضي، تؤكد القمة على ما أصبح واضحاً بشكل كبير أمام الزعماء السياسيين وقادة قطاع الأعمال وهو أن: القارة الأفريقية جزء أساسي من عالمنا المتصل واقتصادنا العالمي، وأنها تمثل أهمية كبيرة. وفي عالمنا اليوم، ما يحدث في أي مكان يمكن أن يكون له تأثير مباشر على الركن المقابل من العالم. ونحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى، إلى سياسات تنموية واقتصادية ورعاية صحية عامة تتوافق مع هذا الواقع. وبصفتي عضوة سابقة لفترة طويلة في اللجنة الفرعية المعنية بشؤون القارة الأفريقية المنبثقة عن لجنة الشؤون الخارجية، والآن كوني منسقة في اللجنة الفرعية للعمليات الخارجية، فقد شجعت على مزيد من التعاون والتقارب مع القارة الأفريقية. ولسوء الحظ، لم تنطبق النظرية دائماً على الواقع في الماضي؛ ذلك أن الوقت الوحيد عادة الذي كان يسمع فيه صنّاع السياسات من الزعماء الأفارقة أثناء تناول العشاء أو في قاعات الاجتماعات الدولية. بيد أن الهدف من قمة قادة الدول الأفريقية والولايات المتحدة كان تغيير هذه الديناميكية. وللمرة الأولى، أنصت صناع السياسة الأميركيين مباشرة لنظرائهم الأفارقة بشأن تحدياتهم ونجاحاتهم وفرص التعاون في المستقبل. وبالطبع سنحتاج إلى مزيد من الاجتماعات على غرار هذه القمة، بينما نعمل على معالجة قضايا عالمية مثل التنمية والمساواة بين الجنسين ومكافحة فيروس «أتش آي في» المسبب لمرض «الإيدز». وإذا كان من المقدر لنا أن نحرز أي نجاح، سنحتاج يقيناً إلى مزيد من الصراحة والمحادثات المنفتحة على أعلى مستويات صناعة السياسات. وخلال اليوم الثاني من القمة التي بدأت يوم الاثنين الماضي، توجهت إلى الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. وبين فترات التقاط الصور مع الحاضرين في القمة، ناقشنا في بضعة دقائق مدى نجاح خطة الرئيس الأميركي العاجلة للإغاثة من مرض الإيدز، وما تبقى علينا فعله من أجل معالجة تأثير المرض بشكل كامل في أفريقيا. وفي عام 2011، أشارت التقديرات إلى أن نحو 23. 5 مليون شخص حاملين لفيروس «أتش. آي. في» المسبب لـ«الإيدز» في شبه الصحراء الأفريقية. وتتطلب معالجة هذا الوباء العالمي تحركات جريئة ومنسقة في أفريقيا. وقد بدأ العمل في هذه الجهود قبل سنوات كثيرة. ففي عام 2003 عملت عن كثب مع الرئيسين كلينتون وجورج بوش وزملائي في الكونجرس من كلا الحزبين، من أجل صياغة إطار عمل لـ «الصندوق العالمي» و»خطة الرئيس الأميركي الطارئة للإغاثة من مرض الإيدز» المعروفة باسم «بيبفار». ومنذ بدء الخطة، زودت ما يربو على ستة ملايين شخص بعلاج ينقذ حياتهم، كما وفرت الفحوصات والاستشارات الطبية لنحو 60 مليون شخص. وقد حققت خطة «بيبفار» نجاحاً تاماً لكن معدل الإصابات الجديدة لا يزال مرتفعاً بدرجة كبيرة، ومن ثم لا يزال الملايين يفتقرون إلى علاج ينقذ حياتهم وفحوصات طبية ودورات تثقيفية. لذا، ينبغي أن يكون نجاح «بيبفار» أنموذجاً لتدشين قدرات محلية مستدامة طويلة الأمد تهدف إلى معالجة القضايا الصحية وتعزيز التنمية والشراكة بين القطاعين العام والخاص. وبينما كنت عضو في المجلس التشريعي لولاية كاليفورنيا، عملت رئيسة للجنة الاختيار المعنية بشؤون كاليفورنيا وأفريقيا، وأثناء هذه الفترة، ساعدت في تأسيس أول مكتب تجاري لكاليفورنيا في أفريقيا، وترأست عدداً من الوفود التجارية إلى القارة السمراء. وفي ذلك الحين، كان من الواضح أن أفريقيا ستكون شريكاً تجارياً مهماً وقيماً خلال السنوات المقبلة. وبالطبع ستفتح السياسات التجارية العادلة والقوية الأسواق الأفريقية أمام الصادرات الأميركية وتقدم فرصاً لتعزيز التنمية وتوفير الوظائف. وقد عملت في الكونجرس على ضمان استفادة الجميع، وليس الأقوياء فقط، من العلاقات التجارية الأميركية المتنامية مع القارة الأفريقية. وخصوصاً تأكيد الروابط بين أفريقيا والشركات الأميركية المملوكة للنساء والأقليات بشكل خاص. وغالباً ما تكون الشركات الكبرى هي أول المستفيدين من هذه الأسواق الناشئة، ورغم ذلك وجدت أن الشركات الأميركية الصغيرة لديها إمكانات كبيرة لتسهم بها. ورغم ثروة الموارد الطبيعية الضخمة، لا تزال التنمية في كثير من أجزاء القارة الأفريقية تراوح مكانها، أو لم يتم إنجازها أو لم تبدأ من الأساس. وتعتبر مشاركة المجتمع المدني مفتاحاً لعملية التنمية. وفي أفريقيا جنوب الصحراء، يفتقر نحو 589 مليون شخص إلى الكهرباء، على رغم فرص استغلال ثروات الموارد الطبيعية الأفريقية في توفير حلول مستدامة لتوليد الطاقة. والكهرباء هي مجرد مثال على إمكانية تحول أفريقيا إلى قارة أكثر تطوراً. وبينما تؤسس الولايات المتحدة وأفريقيا لعلاقات تجارية قوية، نحتاج إلى ضمان أن هذه العلاقات تدعم التنمية وتحافظ على بيئتنا العالمية وتوفر فرص عمل جيدة وفق معايير العمل الدولية. ولا شك في أن القيمة التي تنطوي عليها هذه القمة واضحة، وأنا على يقين أنها لن تكون الأخيرة من نوعها، وستصبح مثل هذه القمم أكثر أهمية بينما تجعل التجارة والمواضيع ذات الاهتمام المشترك من الولايات المتحدة وأفريقيا أكثر تقارباً. يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»