ارتفعت أعمال العنف إلى مستويات قياسية في أفغانستان مع بدء تسليم المسؤوليات الأمنية إلى السلطات المحلية، فيما يعرف بالعملية الانتقالية، في الوقت الذي يرى فيه خبراء أن المفاوضات مع حركة «طالبان» أصبحت ضرورة ملحة أكثر من أي قت مضى. وأشارت مصادر مطلعة إلى وجود اتصالات سرية بين أميركا وطالبان في ألمانيا وقطر، لكن تلك اللقاءات لم تتحول إلى مفاوضات جدية تهدف إلى وضع حد للحرب المستمرة منذ 10 سنوات، لأن بقاء القواعد أميركية دائمة في أفغانستان لا يزال يثير جدلا كبيراً. وقعت أعمال عنف متزايدة لقي فيها 4 أشخاص مصرعهم في هجوم انتحاري أمس الأول بمدينة مزار شريف، إحدى أكثر المدن أمانا في أفغانستان، حيث من المقرر أن تتسلم السلطات المحلية المسؤوليات الأمنية. ومع بدأ العملية الانتقالية هذا الأسبوع، بالإضافة إلى الرحيل المنتظر لعشرات الآلاف من الجنود الأجانب خلال الأشهر الـ18 المقبلة، يتفق المحللون على أن هناك حاجة ملحة لمفاوضات سلام أكثر من أي وقت مضى. ويرى جيل دورونسورو المحلل الأفغاني بمعهد «كارنيجي» أن صيف 2012 سيكون مهلة للتوصل إلى اتفاق، لأن عدد قوات «الناتو» وتمويلها سيكونان قد انخفضا بمقدار الثلث. وتابع دورونسورو «بعد ذلك التاريخ سيصبح الوضع صعبا جداً بسبب ضغوط (هجمات) طالبان»، التي ستزداد حدة مع انسحاب قوات «الناتو». واعتبر دورونسورو أن مفتاح تحقيق أي تقديم سيكون بالحصول على مساعدة من باكستان، التي تنتشر على حدودها شبكات ترتبط بحركة «طالبان» وتنظيم «القاعدة» ولم تبد أي استعداد لتسليم سلاحها حتى الآن. وقال دورونسورو «لم لا تريد طالبان التفاوض؟ لقد طلبت منها باكستان ذلك ويمكن لطالبان أن تحصل على اعتراف دولي وتمويل، كما أنها لن تتعرض للقصف يوميا». وأوضح أن «طالبان لن تتفاوض مع (الرئيس الأفغاني حميد) كرزاي، لأن النقطة الأساسية في المفاوضات هي انسحاب القوات الأجنبية». وتابع أن «القواعد الأميركية موضوع أساسي في المفاوضات». وأشار إلى أن باكستان يمكنها الموافقة على تواجد عسكري أجنبي محدود على أراضيها لمحاربة الإرهاب. ومن جهته، أشار الصحفي والخبير الإقليمي أحمد رشيد لصحيفة «فايننشال تايمز» إلى اتصالات سرية بين طالبان والولايات المتحدة. وقال إن المفاوضات الأولى التي جرت وجها لوجه جرت بمدينة ميونيخ الألمانية في نوفمبر 2010. وأضاف رشيد أن اللقاء استمر 11 ساعة بين مسؤولين أميركيين وممثلين عن طالبان، تحت إشراف دبلوماسي ألماني وحضره مسؤولون قطريون. وتابع أن لقاء ثانيا عقد في قطر بشهر فبراير، وثالثا في ألمانيا في مايو بحضور المشاركين أنفسهم، ودعت خلاله طالبان إلى إطلاق سراح معتقليها ورفع العقوبات عنها. وكان كرزاي اقترح إجراء محادثات مع طالبان العام الماضي، حتى أنه دعا إلى السلام مع «الأشقاء» خلال تشييع أخيه غير الشقيق الذي قتل بالرصاص الأسبوع الماضي في هجوم تبنته الحركة. إلا أن المجلس الأعلى من أجل السلام الذي شكله كرزاي العام الماضي وضم 70 عضوا لم يحقق سوى نجاحا محدودا في التوصل إلى السلام مع طالبان. واعتبر المحلل توماس روتيج من شبكة «أفغانستان أناليسز نتوورك» ومقرها كابول أن قدرة طالبان على التفاوض «يعيقها عدم وجود جناح سياسي فيها يمكنه تمثيل المقاتلين». وقال دبلوماسي غربي رفض الكشف عن هويته، إنه ليس من الواضح ما إذا كانت طالبان مستعدة للتفاوض، وأضاف أنها قلقة من القواعد الأميركية. وتابع الدبلوماسي «لقد فتحت قنوات اتصال على أعلى المستويات إلا أنه لا توجد ضمانات حتى الآن بأن المشاركين فيها لديهم تفويض بإجراء مباحثات».