خولة علي (دبي) للتراث مخزون وفير من العلوم والمعرفة، نشأ نتيجة نشاطات وممارسات في شتى مجالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، مشكلاً هوية ورمزاً لمجتمع ما، يختص به دون غيره من المجتمعات، حتى صارت هذه الهوية بمثابة الوثيقة التي تتعارف عليها المجتمعات، لينشأ جسراً يربط بين الماضي مع الحاضر والمستقبل. لذا ما زالت المشاهد التراثية تعرض في الكثير من المحافل وتسجل إبداع الإنسان الإماراتي الذي صان وحفظ موروث أجداده، ليروي عبر حرفته، إنجاز الأجداد، ورغبتهم المتواصلة في استنهاض مجتمعاتهم وتحقيق الريادة في الحياة البسيطة وقت ذاك. ومن هؤلاء الوالد سالم ناصر سالم، أحد الحرفيين الذين برعوا في صناعة أدوات الصيد، وما زال يعزف على أوتار خامات البيئة المحلية، تفاصيل لإبداعات الأجداد قديماً، في رحلة تعريفية تجسد مراحل العمل وتطوره. نشر التراث المحلي يقول الوالد ناصر سالم ناصر: «تبدأ رحلتي في نشر التراث المحلي والتعريف به، من إيماني القوي بضرورة أن يحفظ التراث ويورث للأجيال، باعتباره أرثاً مجتمعياً له قيمته ومكانته، وتواجدي الدائم تحت مظلة غواشي للمشغولات التراثية، في الكثير من المهرجانات والمحافل، جعلني أكثر اطلاعاً على مكانة التراث وقيمته عند الأفراد في وقتنا الحاضر». يستعرض الوالد سالم ناصر سالم «بوبلال» مهارته في صناعة «القراقير التقليدية القديمة -أداة لصيد السمك» قائلاً: «قبل دخول الأسلاك المعدنية في صناعة القرقور، كنا نقوم بصناعتها من عسق النخيل، فقد كان يجفف ثم يجرد من الورق فيصبح جريداً، ثم يشرخ أو يفلق بأدوات حادة تشبه السكين حتى يتحول إلى أشرطة لينة، يتم حبكها بحبال خاصة من ليف النخل، ويجعل له الصياد فتحتين، فتحة لدخول الأسماك إليه لا يستطيع الخروج منها بأي حال مهما حاول، وفتحة للصياد يخرج منها الأسماك بعد وصول القرقور إلى سطح السفن، ونقوم أيضاً بصناعة السلال، والأقفاص للدواجن، فضلاً عن صناعة أوعية خاصة لحفظ الأطعمة والأغراض الشخصية». إتقان العمل يشدد «بوبلال» على الدقة في إتقان أي عمل يسند إليه، من باب الأمانة المهنية والحفاظ على الموروث، قائلاً: «دائماً ما نكون حريصين على إتقان العمل والتعامل بحرفيه مع هذه الأداة، فكنا نتباهى بمن يتقن ويصنع بعض سلال الصيد أو القراقير بطريقة احترافية، ولقد دخلت في تحدٍ مع بعض الصيادين مرة، في صناعة نوع من أداة الصيد وهي عبارة عن سلة من الخوص، تسمى «بياحوه» وهي مختصة للإمساك بسمك البياح المتطاير من «الليخ - الشباك»، وهذه القطعة أو الأداة، متعارف عليها فقط في بعض المناطق مثل دبا وخصب، فكوني ربيت في منطقة دبا، فقد شاهدت هذه القطعة قبل أن انتقل للسكن في رأس الخيمة، فالصورة كانت موجودة في ذهني، فقمت بتنفيذ سلة البياحوه الذي تفاجأ بها الصيادون ومن قدرتي على تنفيذ القطعة».