محمد حامد (دبي)

منذ أن تعرض ليونيل ميسي للإصابة في مباراة البارسا أمام إشبيلية قبل أسبوع، لم يتوقف الحديث عن إقامة كلاسيكو الكرة الأرضية دون مشاركة الكائنات الفضائية، في إشارة إلى النجم الأرجنتيني، وغريمه الأزلي كريستيانو رونالدو الذي رحل صوب اليوفي، وتسابق المحللون، ومعهم الملايين من عشاق الكرة العالمية في التعبير عن رؤيتهم لقمة القمم الكلاسيكية، التي تقام للمرة الأولى منذ 2007، وتحديداً منذ 3963 يوماً دون مشاركة أيقونة البارسا أو هداف الريال التاريخي، وفي زحام الانشغال بالثنائي الأفضل في الكرة العالمية في العقد الأخير، تعرض أسطورة البارسا أندريس إنييستا لجرح غائر جديد.

الغالبية تجاهلوا غياب رسام البارسا ومنتخب إسبانيا عن قمة الليلة، وكأنه أصبح الضحية الدائمة لعصر ليو والدون، فقد أنهى مسيرته في ملاعب أوروبا مع البارسا ومنتخب إسبانيا، ورحل صوب الصين دون أن يحصل على الكرة الذهبية، على الرغم من أنه جلب لإسبانيا مونديال 2010، ولعب دوراً مؤثراً في حصول البارسا ومنتخب إسبانيا على 35 بطولة، بعد أن خاض أكثر من 800 مباراة، شهدت إبداعاً كروياً خالصاً لنجم نجح في وضع مقاييس خاصة للاعب الوسط، مما يؤكد أحقيته في أن يوصف بأنه أحد الكائنات الفضائية، التي تغيب عن كلاسيكو الكرة الأرضية برفقة ميسي ورونالدو.
المفارقة الثانية في قمة اليوم بين البارسا والريال في الجولة العاشرة لليجا، أنها تشهد مشاركة اللاعب الأفضل في أوروبا والعالم، ولكنه ليس محوراً للتقارير، أو نجماً فوق العادة في تفاعل الجماهير، كما أنه ليس حاضراً بقوة كأيقونة لآمال جماهير فريقه، وهو ما يحدث ربما للمرة الأولى في مسيرة أي لاعب متوج بلقب الأفضل عالمياً، والحديث عن لوكا مودريتش نجم الريال ومنتخب كرواتيا، ويبدو أن طبيعة مركزه كلاعب وسط تجعله بعيداً عن ممارسة دور البطولة المطلقة، في منح الريال الفوز في موقعة الليلة، وإن كان هذا الافتراض لا يلغي حقه وطموحه في صنع الفارق بما يتفق مع جلوسه على عرش الكرة العالمية.
كلاسيكو الليلة هو الفرصة الأخيرة للريال ليعود إلى الطريق الصحيح، حيث يحتل الفريق المركز السابع برصيد 14 نقطة، في ظل تعرضه للخسارة في 3 مباريات، والتعادل في مباراتين بعد مرور 9 أسابيع فقط من المسابقة الإسبانية، وفي حال تعرض للخسارة في موقعة الليلة على يد الغريم التاريخي، فسوف يتراجع في سباق القمة بفارق 7 نقاط، ويستقر عاشراً، ليتكرر سيناريو الموسم الماضي، حينما أهدر النقاط في بداية الموسم ولم يتمكن مطلقاً من تقليل الفجوة مع البارسا، لينهي الموسم ثالثاً وبفارق 17 نقطة عن الفريق الكتالوني المتوج باللقب.
كما أن قمة اليوم هي الفرصة الأخيرة لوجوه بعينها، لتقول كلمتها في غياب ميسي ورونالدو، وعلى رأسهما كريم بنزيمة مهاجم الريال الذي يملك في رصيده 4 أهداف في النسخة الحالية لليجا، وهو الهداف التاريخي للملكي، من بين عناصر التشكيلة التي تخوض موقعة الليلة برصيد 9 أهداف سجلها في 26 مباراة أمام البارسا، ولا يزال النجم الفرنسي يظهر بوجهين متناقضين، فهو المتألق في بعض المباريات، والحاضر الغائب في مباريات أخرى، مما يجعله أمام فرصة تاريخية في كلاسيكو اليوم لعقد اتفاقية مصالحة مع عشاق الريال.
كما تتجه الأنظار صوب لويس سواريز، لمعرفة ما إذا كان يمكنه لعب دور البطولة في غياب ليو، حيث يملك في رصيده 4 أهداف في دوري الموسم الحالي، وهو الهداف الأفضل في مباريات الكلاسيكو من صفوف البارسا في التشكيلة الحالية، فقد سجل 6 أهداف، مما يجعله يواجه ظرفاً قريباً لما يعيشه بنزيمة، وكلاهما مطالب بتقديم أفضل ما لديه لصنع الفارق لمصلحة فريقه، وتعويض غياب ليو والدون «جزئياً».
وبعد أن غادر الضوء منطقة الجزاء والأمتار التي تحيط بها من كل جانب مع غياب ميسي ورونالدو، تتجه الأنظار في قمة اليوم إلى «معركة الدائرة» التي تدور رحاها بين 5 من أفضل نجوم البارسا والريال، بل هو السداسي المرشح ليكون الأكثر تأثيراً وتحكماً في مجريات وأحداث المباراة، وهم راكيتيتش، ويقابله في الريال كاسيميرو.
والتحدي الثاني سيكون بين بوسكيتش وكروس للقيام بمهام لاعب الوسط المدافع، الذي يجيد استخلاص الكرة وتسليمها ليس بطريقة صحيحة فحسب، بل بطريقة تمهد لصنع الخطورة على الفريق المنافس.
بدوره يتأهب البرازيلي المتألق آرثر للحصول على شهادة ميلاده الحقيقية من مكتب تسجيل النجوم، الذي يشرع أبوابه للواعدين الجدد في مباريات الكلاسيكو، ويواجهه في الريال اللاعب الأفضل في العالم لوكا مودريتش، من حيث القيام بأدوار مشابهة، فكلاهما يمزج بين المهام الدفاعية وصناعة اللعب.
وبعيداً عن الصراع بين راكيتيتش وكاسيميرو، وبوسكيتس وكروس، والذي يمتد إلى آرثر ومودريتش، وهي مواجهات يغلب عليها الجانب البدني، وكذلك التكتيكي، فإن هناك صراعاً إبداعياً من نوع آخر يقوم على المهارات والقدرات الفردية، وخاصة في الجانب الهجومي، ويتزعمه كوتينيو وإيسكو، فكلاهما الأكثر مهارة في فريقه، وهما معاً الأكثر قدرة على إمتاع الجماهير، وتسهيل مهمة المهاجمين، والمفارقة أنهما يتشابهان إلى حد كبير ليس بالنظر إلى طبيعة الدور الذي يقوم به كل منهما فحسب، بل في السمات الشخصية التي تؤكد أن إبداعهما يرتبط بالحالة المزاجية والذهنية، ولا يظهر بالضرورة في جميع المباريات.