تنقل الفنان عبد الله صالح “مواليد 1961” بين مجالات فنية عدة؛ فقد بدأ مطرباً واستمر وقتاً ليس بالقصير في هذا المجال، أسهم خلاله في تأسيس فرقة طربية باسم “ليالي الخليج”، وقد عُرفت لاحقاً بـ “دانة الخليج”، خاصة بعد أن ذاع صيتها في سائر دول الخليج. انتسب صالح في 1979 إلى فرقة مسرح دبي الشعبي، ولكن بصفة مطرب وليس ممثلاً، إذ لم يكن أمامه سوى أن يكون كذلك أو أن يتوجه إلى قسم الفنون الشعبية في المؤسسة ذاتها؛ ولم يلبث طويلاً، فما أن مرّ عامه الأول حتى صعد إلى الخشبة ممثلاً. وفي حديثه إلى “الاتحاد” تذكر صالح تلك التجربة، قائلاً “دعيت للمشاركة بالتمثيل في مسرحية “قاضي موديل 80”، وهي من تأليف توفيق الحكيم وإخراج الريح عبد القادر، وعرفت معها رهبة الصعود إلى الخشبة والتمثيل أمام جمهورللمرة الأولى.. تلك تعتبر بدايتي الحقيقية وتجربتي المحترفة الأولى”. ومثلما كانت “قاضي موديل 80” تجربته التمثيلية الأولى، فقد كانت أيضاً أول مناسبة ثقافية نقلت اسمه / لقبه الحالي إلى الصحف المحلية، إذ كُتب في التقارير الصحفية التي أنجزت حول العرض. ويحكي صالح عن ذلك قائلاً “فوجئت بالصحفي خالد البشير يكتب اسمي عبد الله صالح بدلاً عن عبد الله محمد صالح، فاتصلت به غاضباً، إلا أنه شرح لي أن اسمي الحالي فني ومن يومها صرت أعرف به..”. على أن ثمة تجربة أولى لصالح مع المسرح لم تكتمل، ولكنه لم ييأس وتابع مشواره مع الفن العريق، حيث يقول “أمضينا وقتاً طويلاً في بروفات مسرحية بعنوان “اللي في الجدر يطلعه الملاس” تقريباً ستة أشهر، وحين أوشكنا على عرضها مرض زميلنا محمد سعيد بسبب اندماجه الشديد في الدور، مرض مدة طويلة فلم نستطع تقديم العرض”. ظل صالح يوازن، في تلك الفترة، بين شغفه بالغناء وشغله المسرحي، وقد مثّل الإمارات في عام 1986 مطرباً، وصحبه سعيد القبيسي وجابر جاسم إلى مهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن، وهناك، للمرة الأولى أيضاً، طُلب منه أن يوقع على دفاتر المعجبين. وفي عام 1989، أصدر ألبومه الغنائي الأول بعد رحلة من التجارب الغنائية في المناسبات الخاصة والعامة، ومع مطلع التسعينيات اضطر إلى التركيز على المسرح مع رحلات قصيرة جهة الغناء. غنى صالح قبل أن يعرف المسرح؛ لكنه كتب الشعر حين شارك في مسرحية “قاضي موديل 80”، فلقد اعتمد المخرج بعض المقاطع الشعرية الملحنة في صياغته شكل العرض، واستعان في ذلك بصالح، وسرعان ما احترف الأخير كتابة الأغنيات للمسرحيات ويقول “شاركنا أنا وخالد ناصر وهو ملحن وعازف، في كتابة أغنيات العديد من المسرحيات.. لغاية الآن لا زلت أكتب أغنيات المسرحيات وكثيراً ما يطلب مني الزملاء أن أكتب لهم لمسرحياتهم”. ولم يكتف صالح بكتابة الشعر الغنائي، بل أنجز العديد من النصوص المسرحية المهمة؛ وبعد نصه المسرحي الأول “بيت القصيد” الذي يقارب حكاية صبي يعاني مرض الجدري ونفور أهله، كتب صالح نص “السردال”، الذي حاز جائزة الشارقة للتأليف المسرحي في عام 2004، وتابع في كتابة النصوص المسرحية وإخراجها وتمثيلها، محرزاً العديد من الجوائز، خاصة في التمثيل والتأليف، إذ نال جائزة أفضل ممثل في دورات عدة من مهرجان أيام الشارقة المسرحية، بدءاً من 1994، كما حاز جائزة أفضل ممثل في دورتين بمهرجان المسرح الخليجي 1999 و2001، إضافة إلى فوزه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان المسرح المحلي بالنادي الأهلي في عام 1992، كما حاز العديد من التكريمات والجوائز الأخرى في مناسبات شتى ومن مؤسسات عديدة. مواهب عدة يمتلكها كاتب “سكراب”، وقد نجح في كل مجال طرقه، فإلى جانب ما مرّ، فهو أيضاً أسهم في إثراء مسرح الطفل، كتابة وإخراجاً ومتابعة، وقد حاز نصه “باب الأمل” المرتبة الأولى في “مهرجان الإمارات لمسرح الطفل”، كما أن رصيده من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية يصعب حصره في هذه المساحة. ولكن ما هو آخر عمل مسرحي لصالح؛ يجيب “مسرحية بومحيوس، وهي من تأليف مرعي الحليان وإخراج محمد سعيد السليطي، وهي عبارة عن سلسلة كوميدية متنوعة..، والغريب أن هذه المسرحية تجمع معظم من شاركوا في أول عمل لي أي “قاضي موديل 80” أحمد الأنصاري ومحمد سعيد وعادل إبراهيم...”. يعرف صالح رصيده في المسرح، فهو مثّل في أربعين مسرحية وأخرج عشراً، وكتب عشرين، ولكنه لا يتذكر عدد الأغنيات التي كتبها، ويكتفي بالقول “عشرات الأغنيات”، ومن الأمور اللافتة في سيرته أنه أنجز كتاباً توثيقياً بعنوان “الأوائل في مسرح الإمارات”، صدر عن دائرة الثقافة والإعلام 2010، وكان قد سبقه بكتاب “الأغنية في مسرح الإمارات” 2004.