إعداد - أيمن جمعة: جاءت الارتفاعات الاخيرة في أسعار السلع وخاصة الذهب لتشعل موجة من عمليات الاستحواذ على مناجم هذا المعدن النفيس وسط مؤشرات على ان شركات التعدين تسجل ايرادات كبيرة لدرجة انها كما تقول صحيفة ''فاينانشال تايمز'' تجد صعوبة في ايجاد مصادر لانفاقها· وذكر التقرير ان عدة مجموعات تعدين كبرى مثل انجلو اميركان، وانتوفاجاستا، وبي اتش بي بيليتون، أعلنت عن توزيع أرباح خاصة وعن عمليات اعادة شراء للاسهم، وذلك بهدف توزيع الارباح على المساهمين· والبعض الاخر عزز مشاريعه التوسعية· لكن الغالبية العظمى قررت بعد الانشطة القوية هذا العام ان تضخ هذه الاموال السائلة في عمليات اندماج واستحواذ·'' وجاءت صفقة ''جولدكورب'' الكندية لشراء ''جلاميز جولد'' الاميركية مقابل 8,6 مليار دولار، لتقدم احدث نموذج لموجة التحالفات في صناعة التعدين· ويقول ريبيكا بريم الصحفي في فاينانشال تايمز ''سواء كانت هذه الصفقات تتم بدفع أموال سائلة او في صورة أسهم، فان مسؤولي التعدين حصلوا على الثقة لابرام عقود طموح استنادا الى حقيقة انهم في منتصف طفرة سلعية لم تشهدها الاسواق منذ عقود، وحقيقة انهم يحققون أرباحا قياسية·'' ويقول محلل مقره لندن ''هناك المزيد من الاتفاقيات والصفقات في قطاع التعدين مع تكدس خزائن شركات القطاع بالايرادات التي لا تجد أوجه انفاق لها·'' احتياطيات جديدة وليست السيولة النقدية وحدها هي التي تشجع على الاندماجات، فهناك ضغوط على مجموعات التعدين خاصة شركات الذهب لتأمين احتياطيات جديدة من المعادن لتحل محل المناجم المستنفدة والحفاظ على قيمة قاعدتهم من الاصول· ويقول محلل ''الشركات تفضل شراء مصادر موجودة بالفعل ومعروف طاقتها الانتاجية· لم يشهد العالم اكتشافات ضخمة لمناجم خلال العقد الماضي، ويبدو ان المسؤولين يعتقدون ان من الاسهل شراء مناجم عاملة بالفعل بدلا من البحث عن مناجم جديدة·'' وهناك عامل ثالث لدعم الاندماجات وهو وجود الكثير من الشركات متوسطة الحجم التي ستواجه ضغوطا للاندماج حتى تستطيع المنافسة وحماية نفسها من الاستحواذات العدائية· وقامت شركة ''بي اتش بي بيليتون'' وهي كبرى شركات التعدين العالمية السنة الماضية بشراء ''دبليو ام سي ريسورسيز'' الاسترالية مقابل سبعة مليارات دولار متفوقة في ذلك على عرض من شركة ''اكستراتا''· وراي البعض انذاك ان ''بي اتش بي'' دفعت مبلغا كبيرا في الصفقة لكن ما حدث في الاسواق بعد 18 شهرا عندما تجاوزت الاسعار التوقعات جعل توصيف العقد يتحول الى ''صفقة مربحة''· ومنذ ذلك الحين تم ابرام عدة صفقات كبيرة· فقد استحوذت شركة ''باريك جولد'' الكندية على مواطنتها ''بلاسير دوم'' في صفقة بقيمة 10,4 مليار دولار في يناير، لتصبح ''باريك جولد'' أكبر شركة عالمية في مجال تعدين الذهب متقدمة على ''نيومونت'' الاميركية· ويراقب محللو سوق الذهب الاوضاع عن كثب حاليا لمعرفة ما اذا كانت ''نيومونت'' ستقوم بشراء أصول تستعيد بها عرشها في مجال التعدين عن الذهب· منافسة لا تهدأ وعوضت شركة ''اكستراتا'' هزيمتها في صفقة ''دبليو ام سي'' عندما استحوذت بنجاح على ''فالكون بريدج'' الكندية في صفقة بقيمة 18 مليار دولار كندي وذلك بعد مفاوضات شاقة وطويلة· ويقول تريفور ريد مدير التمويل في ''اكستراتا'' ان الميزانية العمومية لشركته ستستعيد عافيتها العام المقبل وانها قد تدخل قريبا في صفقة جديدة· بل ان محللين تكهنوا بان ''اكستراتا'' ربما لا تهدأ قبل ان تسيطر على منافستها الرئيسية في العالم وهي شركة ''انجلو اميركان''· والانظار تركز منذ فترة على شركة ''انجلو جولد اشانتي'' الجنوب افريقية، بوصفها طرف استحواذ محتمل وذلك منذ ان تقلصت حصة الشركة الام ''انجلو اميركان'' هذا العام فيها من 51 % الى 41 %· وبالفعل أكد بوبي جودسيل الرئيس التنفيذي ان ''انجلو جولد'' تستطيع الان بحرية التطلع لصفقات استحواذ واندماج· ومن غير المحتمل ان تهدأ حمى الاندماجات خلال الاثني عشر شهرا المقبلة· ورغم ان بعض مراقبي الصناعة قلقون من اسعار المعادن خاصة النحاس والنيكل فان المتحمسين يعتقدون ان صناعة التعدين حاليا في حالة من العنفوان التي يتعين استثمارها خاصة في مجال الذهب· ويقولون ''نحن الان في خضم عقد من الاسعار المرتفعة التي يقوده أساسا طلب قوي من الصين والهند· ورغم ان أسعار السلع ربما تتراجع عن مستوياتها المرتفعة الحالية فانها ستظل فوق متوسطاتها التاريخية·''