يعتبر لبنان بلداً صغيراً لا تتعدى مساحته 10.452كم 2، له حضور وتأثير على الساحة السياسية والجغرافية والأمنية على مستوى القوى الإقليمية والعربية. أشكل معضلة تورط بها لبنان هي «حزب الله» الإرهابي، وشرذمته الذين لا يأتمرون إلا بأمر أسيادهم، ولا ينفذون إلا الأجندات السرية التي تُخطط لهم، حتى إذا أدى المخطط إلى تدمير لبنان وإدخاله في دوامة شائكة لا يستطيع الخروج منها. واللبنانيون منذ سنوات طويلة وهم ينتظرون أن تعود بلادهم إلى ما كانت عليه من الأمن والاستقرار والتطور والتقدم، نتمنى من الله أن تعود لبنان إلى أحضان قطرها العربي، وهذا لن يحصل ما دام «حزب الله» يسيطر على كيانات ومؤسسات الدولة، ويستثمر الخلافات لخدمة المصالح الإيرانية التي ينجم عنها الإضرار بمصالح الشعب اللبناني والدول العربية. مشكلة لبنان تبرز في حجم الخونة والعملاء والجواسيس الراغبين في أن تظل لبنان دويلة ضعيفة، تبتلعها دولة إيران بسهولة. يوجد في لبنان حالياً مرضان مستفحلان، الأول «حزب الله» يرفع راية الولاء لطهران في بيروت، ويرى أن لبنان ليس له حاضر ولا مستقبل إلا في أحضان إيران، والثاني ميشال عون الذي لا حول له ولا قوة أمام الجرائم والمؤامرات التي يرتكبها «حزب الله» ضد الدول العربية والخليجية، مثل البحرين والمملكة السعودية واليمن، فضلاً عن انضمامه إلى جانب القوات الإيرانية، التي دافعت عن الأسد وقتلت الأبرياء من النساء والأطفال في سوريا. والعجيب أن «حزب الله» باع وطنه مقابل ولائه للنظام الإيراني، كما فعل «الإخوان المسلمون»، يصرح بلبنانيته ويخدم نظام الخامنئي، ولا يمكننا التفاؤل بمستقبل باهر للبنان إلا إذا نزع «حزب الله» اللبناني - الإيراني سلاحه وتراجع عن دوره الإرهابي، وترك ما يملي عليه أسياده، وأثبت للجميع أن مصلحة لبنان فوق الجميع. السعودية ترى، وكلنا معها، أن النظام الإيراني يمثله «حزب الله»، وهي مشكلة عويصة لمعظم دول العالم، وقد أعلنت السعودية أنه لا يمكن ترك لبنان غنيمة لحزب الله، حيث إن مشروع حزب الله هو الاستيلاء على أركان ومؤسسات الدولة اللبنانية، وإلغاء جميع حريات الجماعات المستقلة اليوم، بما فيها القوى المسيحية والسنية، وسيقضي عليها إن استمر في مشروعه وستصبح لبنان ملحقة بالجمهورية الإيرانية. إيران مستمرة في استخدام الورقة الطائفية كأداة لتحقيق مصالحها في المنطقة العربية عن طريق مساندة الأقليات الشيعية، وإنشاء أحزاب سياسية وميليشيات عسكرية في الدول الخليجية والعربية، حيث تعمل هذه الأحزاب على تحقيق مصالح إيران والسيطرة وبسط النفوذ عن طريق نشر المذهب الشيعي. مما يوفر لإيران المظلة التي ترتكز عليها للدفاع عن أمنها القومي خارج حدودها، فأصبحت لها مجموعة من الحركات المذهبية المؤيدة لها كـ«حزب الله» في لبنان، والحوثيون وأنصار الله في اليمن. السعودية عبر تاريخها الطويل، قامت بتوحيد صفوف اللبنانيين والحفاظ على وحدة وسيادة لبنان، ولا تزال تدعم استقرار لبنان بكل مكوناته السياسية والاقتصادية والثقافية، وهي دائماً تؤكد أن قضية لبنان لم تغب عن أولوياتها، فأنفقت مئات المليارات في بناء المستشفيات والمساجد والكنائس والمعابد والمدارس والجامعات، كل هذا من فضل الله ومن خيرات المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي. هذا ما زرعته السعودية في لبنان. فماذا زرع «حزب الله» في لبنان؟ فعيب على من ينكر المعروف ولا يشكر أصحابه «من لا يشكر الناس لا يشكر الله» ونحن نتمنى للبنان الاستقرار، كما نتمنى لجميع الدول العربية والخليجية. لوحظ أن «حزب الله» تقدم بخطوات سريعة نحو إدارة الدولة بمشاركة حليفه الرئيس ميشال عون، وهذا ما صرح به ميشال عون عندما قال إن «حزب الله ليس مناقضاً للدولة، بل جزء أساسي للدفاع عنها»، هذا ما تسبب في سرعة تقديم استقالة رئيس الحكومة، وخلخلة التوازن الداخلي للدولة، وسيطرة طائفة بعينها على مكوناتها ومؤسساتها، ومحاولة تهميش الآخرين، وأتمنى أن الرسالة التي أراد رئيس الوزراء سعد الحريري توصيلها إلى رئيس الحكومة وحزب الله قد آتت ثمارها. د. محمد الحوسني