أعلنت هيئة كهرباء ومياه دبي، عن تبنيها مشروعاً لتوليد الطاقة بواسطة الفحم النظيف، ليكون أحد الخيارات الجديدة لتنويع مصادر الطاقة والتي وافق عليها مؤخراً المجلس الأعلى للطاقة بالإمارة، بحسب سعيد الطاير الرئيس التنفيذي للهيئة. وكشف الطاير، أمس، عن طرح الهيئة لمناقصة عامة اعتبار من اليوم لاختيار شركة استشارية لإعداد دراسة متكاملة حول إنشاء وتشغيل محطات توليد كهرباء تعمل بالفحم النظيف. ولفت إلى أن “أحد احتمالات مشروع إنشاء وتشغيل المحطة العاملة بهذه التقنية ستخضع إلى استثمار القطاع الخاص، كما هي الحال في محطة حصيان لتوليد الكهرباء وتحلية المياه، على أن تتولى الهيئة مع الجانب الاستشاري للمشروع الإشراف على عملها بالكامل”. وبين أن المرحلة الحالية تتضمن اختيار الاستشاري العام للمشروع، مشيراً إلى أنه تم أمس الإعلان عن المناقصة، ويمكن للشركات الراغبة كافة سحب الأوراق الرسمية الخاصة بالمشروع، على أن تتقدم بدراستها كاملة في فترة أقصاها 3 أشهر من تاريخ سحب أوراق الشروط. وأوضح الطاير، أن اختيار الشركات سيتعمد في الأساس على الكفاءة في المجال والخبرة في المشاريع المشابهة، ومدى ملائمة الدراسة ونقاطها كافة لمتطلبات إمارة دبي، وطبيعتها، كما سيتم وضع الجانب المالي في الحسبان، لكن لن يعتمد عليه كأساس في المرحلة الحالية، وإنما في مراحل التنفيذ المقبلة. وأشار إلى أن الهيئة تعمل منذ فترة طويلة مع شركة “سينوبيك” الاستشارية الصينية على دراسة كيفية استخدام الفحم النظيف “السائل” في تشغيل محطات توليد الطاقة وتحلية المياه. وكان وفد من الهيئة زار خلال شهر يونيو الماضي الصين للاطلاع بشكل أكبر على تفاصيل هذا النوع من الاستخدام وكيفيته وإيجابياته. ونوه بأن الصين تعتمد في توليد طاقتها الكهربائية على 80 بالمئة للفحم النظيف، في مقابل 20 بالمئة للغاز، موضحاً أن الميزة الكبرى في هذا المشروع أن مخرجاته كافة يتم استخدامها من الناحية التجارية، إذ يتم بيع الرماد الناتج عن تسييل الفحم لشركات رصف الطرق، وتجميد نسب الملوحة التي تستخرج منه وتباع، ومن ناحية كفاءة التشغيل، إذ يمكن عبره التخلص من 97 بالمئة من غازات الكبريت السامة الناجمة عن استخدامات الغاز أو أنواع الوقود الأخرى. وقال الطاير: “فكرة استخدام الفحم النظيف (السائل) تعتمد على الاتفاق مع إحدى شركات تسييل الفحم من حالته الحجرية إلى الحالة السائلة، واستيراد السائل منها، واستخدامه في توليد طاقة الهيدروجين التي عبرها يتم إدارة وتشغيل توربينات خاصة لتوليد الطاقة الكهربائية تعمل بالهيدروجين”. ولفت إلى أن حرص الهيئة على البحث عن بدائل صديقة للبيئة في توليد الطاقة ينبع من سعيها لتعزيز التنمية المستدامة والمكانة العالمية لإمارة دبي كمركز أساسي في المنطقة للنشاطات الاقتصادية والمالية، إذ إن طرح هذه المبادرة من دوره توفير متطلبات دبي المستقبلية من الطاقة، واستحداث نماذج ناجحة تساعد الأعمال الاقتصادية والتجارية تستند على توفير أفضل التكنولوجيات المتاحة حسب أعلى المعايير العالمية، بهدف تنويع المصادر الحالية التي تعتمد عليها الهيئة لتوليد الكهرباء والمياه وزيادة القدرة على الإنتاج”. وأكد العضو المنتدب لكهرباء دبي، أن الهيئة تولي أهمية لمكافحة آثار تلوث الهواء، والغازات الدفيئة، وتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، ولذلك فهي تتطلع إلى إيجاد تطبيقات تكنولوجية حديثة صديقة للبيئة تتيح توليد طاقة نظيفة عبر محطات الإنتاج التي تعمل بالفحم الحجري. وأوضح أن مشروع استخدام الفحم سيشمل دراسات وتوصيات لتوليد الكهرباء بالاعتماد على تقنيات متقدمة تم استخدامها تجارياً مثل مراجل الفحم الحجري المسحوق، ومراجل الفحم الحجري بنظام الدورة المركبة المتكاملة لتحويل الغاز، وتتيح هذه التقنيات عزل وخزن وجمع غاز ثاني أكسيد الكربون، والكبريت من محطات توليد الطاقة العاملة بالوقود الأحفوري، أو مرافق الإنتاج وخزنه على عمق كبير في باطن الأرض، وستتبنى الدراسة تقنيات لاستخلاص وتخزين الكربون وسياسة الاستخدام الكفؤ للطاقة الذي يمثل أحد الأهداف الاستراتيجية لدبي باعتباره السبيل الأمثل لخفض البصمة الكربونية”. وأشار إلى أن إطلاق المشروع يأتي مدفوعاً بالتطورات الحالية الجارية لتوليد الطاقة الكهربائية من الفحم والوقود الأحفوري بالاستناد على التكنولوجيات المتطورة، وذلك لمواكبة النمو والطلب على الطاقة، ويخضع إنتاج الطاقة لمعايير تقنية وأنظمة لمراقبة الانبعاثات تواكب أوضاع السوق والتغيرات الاقتصادية في المستقبل. يذكر أن العديد من الدول الصناعية الكبرى، وعلى سبيل المثال الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية، لجأت إلى تكنولوجيا الفحم لتنويع مصادر إنتاجها من الطاقة، ومنها الصين ذات نسبة الاستخدام العالية للفحم النظيف 80 بالمئة، والولايات المتحدة بنسبة تزيد على 50 بالمئة، وكوريا الجنوبية بما يزيد على 30 بالمئة. وقال الطاير إن “دبي يمكنها أن تصبح مثالاً لبقية دول العالم في إثبات أن الاعتماد على الفحم في إنتاج الطاقة غير مرتبط بالآثار البيئية السلبية الناتجة عن التلوث، بل على العكس من ذلك، يمكن إنتاج طاقة نظيفة عن طريق تكنولوجيا متطورة يمكنها توليد الكهرباء من الفحم والتقاط غاز ثاني أوكسيد الكربون ما قبل عملية الاحتراق وعزله مما يؤدي إلى انبعاثات منخفضة للغاية”. واعتبر، أن هذا المجال يمكن للهيئة إظهار تفوقها المستمر، وإبراز أن دبي تنتهج طريق المستقبل المستدام للطاقة، وهي على استعداد للقيام الاستثمارات واتخاذ القرارات اللازمة لمواكبة الالتزامات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للإمارة.