ليلة القدر ببواعثها الروحية، وبواطنها الإيمانية، مقصد لكل مسلم يأمل بالفوز بها في ختام شهر رمضان المبارك، وفي ليلة السابع والعشرين من رمضان استقبل أمس الأول جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، الذي يعد ثالث أكبر المساجد على مستوى العالم أكثر من 52 ألف مصل حرصوا على قضاء الليلة في أجواء مختلفة، واللافت في هذه الليلة المباركة أن المصلى الرئيس لجامع الشيخ زايد الكبير امتلأ عن آخره في صلاة العشاء والتراويح والتهجد بوجود عائلات بكاملها جاءت للصلاة في الجامع الذي أصبح مقصداً للناس على اختلاف جنسياتهم ومشاربهم. أدى أكثر من 52 ألف مصل أول من أمس ليلة 27 رمضان صلاة التهجد في جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي، وذلك تحرياً لليلة القدر، أملاً في الفوز بثواب تلك الليلة المباركة، حيث امتلأت قاعات الجامع والساحات الخارجية بالمصلين، وفي نهاية صلاة التهجد، دعا فضيلة الشيخ إدريس أبكر أن يحفظ الله دولة الإمارات، وأن يوفق صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله وإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لما فيه خير البلاد والعباد، وفي قيادة دولة الإمارات إلى طريق التقدم والازدهار والرخاء. الدعاء بالمغفرة في البداية دعا إمام الجامع للمغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، القائد المؤسس طيب الله ثراه بالرحمة والمغفرة. وفي إطار تأمين راحة وسلامة المصلين في جامع الشيخ زايد الكبير، قامت اللجان التنظيمية التي شكلها المركز بتكثيف جهودها لهذه الليلة، حيث تم زيادة أعداد المتطوعين والمنظمين من موظفي المركز ووزارة شؤون الرئاسة والهلال الأحمر، وكذلك أعداد عمال النظافة لتقديم أفضل الخدمات لرواد الجامع، وتوفير الأمن والأمان للمصلين لأداء صلاتهم في خشوع وبكل يسر، كما قدم المركز عدداً من وجبات السحور على المصلين الذين واصلوا صلواتهم بالجامع بعد صلاة التهجد وحتى صلاة الفجر. رعاية صحية وعمل مركز جامع الشيخ زايد الكبير بالتنسيق مع إدارة العمليات المركزية بشرطة أبوظبي وشركة أبوظبي للخدمات الصحية «صحة» على توفير عيادة طبية خاصة وسيارة إسعاف مجهزة طبياً على أحدث مستوى في هذه الليلة، إضافة إلى توافر سيارتي إسعاف ومستشفى ميداني متنقل يتسع لـ 16 سريراً منذ بداية العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وذلك لتقديم الإسعافات الأولية والرعاية الصحية اللازمة للمصلين، علماً بأنه لم تصادف أي حالات طارئة أو حرجة بين الحضور في تلك الليلة. راحة المصلين ونسق مركز جامع الشيخ زايد الكبير مع جهات ومؤسسات حكومية عدة بالدولة، منها «مديرية التوجية المعنوي بالقوات المسلحة، ودائرة النقل بأبوظبي، ومركز إدارة النفايات بأبوظبي، والقيادة العامة لشرطة أبوظبي ممثلة بـ «الشرطة النسائية»، لتنظيم دخول وخروج المصليات إلى قاعات وأماكن الصلاة المخصصة للنساء في الجامع، ومع إدارات «الطوارئ والسلامة العامة» و«المهام الخاصة» و«الدفاع المدني» لتقديم الخدمات اللازمة للمرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير سيارات إسعاف وإطفاء ومواجهة أي صعوبات أو مشكلات طارئة قد تؤثر على سلامة وراحة المصلين، كما نسق المركز مع «مديرية المرور والدوريات بشرطة أبوظبي» لضمان تنظيم وانسيابية الحركة المرورية لتلافي أي اختناقات مرورية قد تعطل حركة وصول المصلين للجامع من خلال تكثيف دوريات المرور في المنطقة المحيطة بالجامع ومداخله المختلفة وفي الطرقات المؤدية كافة إلى الجامع طوال شهر رمضان الفضيل. مصابيح رمضانية من جهة أخرى، استضاف مركز جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي خلال شهر رمضان المبارك، ضمن برنامج «مصابيح رمضانية»، فضيلة الشيخ فارس عباد في الفترة من غرة رمضان ولغاية 10 الشهر الفضيل، وفضيلة الشيخ مشاري العفاسي من 11 وحتى 15 رمضان، وفضيلة الشيخ إدريس أبكر من 16 حتى 19، وفضيلة الشيخ عبدالولي الأركاني من 20 ولغاية آخر الشهر الفضيل، وذلك لإمامة المصلين في صلاة التراويح، فيما أم فضيلة الشيخ إدريس أبكر المصلين، في صلاة «التهجد» من 20 رمضان وحتى نهاية الشهر، واستقبل جامع الشيخ زايد الكبير نحو 381 ألف مصل في صلاتي «التراويح» و«التهجد» منذ بداية شهر رمضان وحتى ليلة السابع والعشرين من الشهر الفضيل، منهم 225 ألف مصل في صلاة «التراويح»، و156 ألف مصل في صلاة «التهجد». يذكر أن مركز جامع الشيخ زايد الكبير، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، يحظى برعاية ومتابعة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وأُسس المركز ليكون نواة للحركة الثقافية والفكرية التي تتمحور حول الجامع، انطلاقاً من القيمة الثقافية والوطنية التي تعبر عن المفاهيم والقيم التي رسخها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، تلك القيم المتجذّرة في الوجدان والوعي، والتي تشكل امتداداً للهوية الوطنية المستلهمة من تعاليم ديننا الحنيف. الجزاء المنتظر ومن بين الذين أحيوا ليلة السابع والعشرين من رمضان في رحاب جامع الشيخ زايد الكبير أحمد الطنيجي - مهندس - والذي يبين أنه لم يأت إلى الجامع طوال شهر أيام وليالي شهر رمضان الماضية، لكنه حرص كل الحرص على الذهاب إليه في ليلة القدر من أجل تحل عليه بركتها، وأن ينعم بالصلاة في أورقة جامع الشيخ زايد الكبير الذي يمثل أحد المعالم الإسلامية العريقة ولبنائه الفخم وعمارته التي تمثل أزهى عصور الدولة الإسلامية بفنونها الراقية التي أدهشت العالم على مر الزمان، ويلفت إلى أنه اصطحب أحد أصدقائه معه إلى الجامع لكي يشجعه على الصلاة هناك، خصوصاً وأن الجامع في مثل هذه الليلة يعج بصنوف شتى من البشر، ويكون الازدحام فيه على أشده، ويشير إلى أنه كان يتوقع الازدحام الشديد، ويرى الطنيجي أن قضاء ليلة القدر في جامع الشيخ زايد الكبير أسعده كثيراً بسبب وجود تجمعات كبيرة من الناس، كلها جاءت من أجل تلمسها، ومن ثم الفوز بها، والجزاء من المنتظر من موافقتها، فهي ليلة خير من ألف شهر. مكانة خاصة أما سعيد المنصوري - طبيب - فيذكر أنه اعتاد الذهاب إلى جامع الشيخ زايد الكبير في العشر الأواخر من رمضان مع أسرته بخاصة في صلاتي العشاء والتراويح، لكنه كان حريصاً أيضاً على التهجد أيضاً في هذه الليلة، ويشير إلى أنه لم يكن يتوقع هذه الأعداد الكبيرة من كبار السن والشباب والأطفال والنساء الذين ملأوا مصليات جامع الشيخ زايد الكبير، ما يؤكد أن الجامع يحظى بمكانة خاصة في نفوس الجميع، ويرى أن إحياء ليلة القدر به له مذاق خاص، ويؤكد أنه فور ارتفاع أذان إقامة صلاة العشاء وقف مع جموع المصلين في المصلى الرئيسي في خشوع تام، ويشير إلى أنه كان يسمع أصوات الناس وهم يبكون ويتضرعون إلى الله أن يغفر لهم في هذه الليلة المباركة التي تحظى بمكانة خاصة في نفوس الجميع ويبين أنه لم يتمالك نفسه وظل يبكي مثل الكثيرين علّ الله يتقبل منه. أجواء روحانية في مشهد آخر لافت جلس خالد الزعابي 67 عاماً على كرسي متحرك بين المصلين من أجل قضاء ليلة القدر في أجواء روحانية بجامع الشيخ زيد الكبير، ويقول: على الرغم من إعاقتي التي لازمتني في شيخوختي وعدم قدرتي على السير على قدميّ، إلا أنني طلبت من أبنائي أن يحملونني إلى جامع الشيخ زايد الكبير في هذه الليلة، ولا أخفي أنني أحب هذا الجامع ومتعلق به إلى أقصى درجة، ويضيف بعد الانتهاء من صلاتي العشاء والتراويح أراد أبنائي أن يذهبوا بي إلى البيت لكنني أصررت على أن أظل حتى الانتهاء من صلاتي التهجد والفجر، في ليلة القدر الكريمة التي أرجو أن أحوز ثوابها، وأن أكون ممن كتب لهم العتق من النار فيها.